الهدنة ومنطق الحكمة

منير الشامي

 

تزامنا مع إعلان قيادتنا الحكيمة قرار موافقتها على تمديد الهدنة لفترة ثالثة مدتها شهران تبدأ من 2 أغسطس الجاري وتنتهي في الثاني من شهر أكتوبر القادم، ظهرت في الشارع اليمني موجتان لحملتين إعلاميتين وكل حملة تعبّر بطريقة أو بأخرى عن موقف الرفض لتمديد الهدنة من فريقي الحملتين ـ فالأولى كانت وما زالت حملة موجهة وهدف القائمين بها استمرار الحرب لتستمر مصالحهم في الارتزاق والخيانة وجميعهم مجرد أبواق للعدوان وعبيد لأطرافه هذا من جهة ـ ومن جهة أخرى فهذا الفريق إنما يقوم بمهمته التي كلف بها من دول العدوان والتي تتمحور في محاولة إثارة الرأي العام ضد قرارات قيادتنا الحكيمة أيا كانت وحتى لو كان قرارها رفض تمديد الهدنة فسوف يسعرون حملتهم ضد القرار، لأن هذا هو عملهم ومهمتهم المكلفين بها وستظل حملتهم قائمة.
أما تيار الحملة الثانية، فلم يكن موجها بل عفويا فلا هدف لهم من ورائها إلا لمجرد التعبير عن رأيهم الرافض لتمديد الهدنة بسبب عدم التزام دول العدوان وأذنابهم من المرتزقة بشروط الهدنتين السابقتين وخرقهم لهما وعدم وفائهم بهما ما جعلهم مقتنعين بعدم وجود إي فائدة من الهدنة للشعب اليمني من جانب وأنها تصب لمصلحة أعداء اليمن من جانب آخر وهذه هي الحقيقة الظاهرية والملموسة لكل أبناء اليمن الشرفاء، وبالتالي كان موقفهم طبيعي لأنهم بنوا حكمهم على أمور ظاهرية محدودة ولذلك عبَّر كثير منهم عن تسليمه لقرار القيادة بعد الإعلان وعللوا ذلك ببعد رؤية قيادتنا الحكيمة وشمولها وصوابها وأكدوا ثقتهم بأن قرار قيادتنا يصب في مصلحة الشعب 100 % وهو ما أثبتته لهم في كل قراراتها السابقة، وهذه هي الحقيقة التي سطع نورها في اليمن وخارج اليمن وعايش فصولها ونتائجها كل أبناء الشعب وأقر بها قادة العدوان وقادة المرتزقة وكل ساسة العالم.
من جهة أخرى يجب أن ندرك جميعا أن من أهم سمات قيادتنا الحكيمة ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- قائد الثورة ـ يحفظه الله ويرعاه ـ أنه لا يخاف في الله لومة لائم ولا يتخذ أي قرار إلا ومصلحة الشعب غايته الأولى وأنه لا يتخذ أي قرار إلا على بصيرة وهدى ووفق حسابات دقيقة لآثار ونتائج ذلك القرار من مختلف الجوانب وعلى مدى اللحظة والمديين القصير والبعيد وحتى يتضح هذا الأمر أكثر دعونا نتأمل بعض زوايا رؤية قيادتنا في قرار قبول تمديد الهدنة الأخير وكما يلي:
أولا: طلب تمديد الهدنة جاء من قبل دول العدوان ولفترة ستة اشهر وبتوجيه من بايدن وهم جميعا لا يملكون زمام القرار، لكن قيادتنا هي من تملكه وهي من حددت فترة التمديد، ما يعني أن القرار بيدها لا بأيديهم.
ثانيا: يأتي قرار تمديد الهدنة لفترة ثالثة في ظل نكث العدوان المستمر في سياق تأكيد قيادتنا المباركة على حرصها الثابت ورغبتها الحقيقية في إحلال السلام الشامل والعادل والدائم وهي بذلك القرار تسجل للمرة الثالثة موقفاً قوياً وحقيقياً ومشرفاً أمام العالم سيحسب لها في أي مستجدات قادمة.
ثالثا :ما تدركه قيادتنا الحكيمة ولا ندركه نحن هو أن الحرب واردة ولم يتوقف منها أصلا سوى غارات الطيران وسيستأنفها في أقرب لحظة يراها مواتية ولذلك فقيادتنا تسعى إلى استغلال هذا الجانب في الاستعداد لخوضها ببأس أشد وقدرات أقوى وبإمكانيات أكثر تطورا وهذا ما نلمسه كل يوم.
رابعا: تمت الموافقة على التمديد بشروط جديدة وكبيرة وموافقة السعودية وبقية دول العدوان عليها حتى ولو ماطلت في تنفيذها فإن ذلك يدل دلالة قاطعة على أن موقفنا نابع من موقف قوة واستجابتها نابعة من موقف ضعف وذل.
خامسا: اتفاقات تمديد الهدنة هي وثائق دولية تصب لصالح الشعب اليمني وأدلة قانونية ودولية موثقة للشعب اليمني لا عليه.
سادسا: رصد ومراقبة خروقات العدوان للهدنة ومماطلته في عدم تنفيذ الشروط الكمية في اتفاقات الهدنة يجري توثيقه على مدار الساعة وهذا يؤكد أن قيادتنا توثق نكثهم ونقضهم للعهود، لأنها تدرك جيدا أن حسابات العدوان لن تتحقق، فمن ينكث فإنما ينكث على نفسه وبالتالي فقوى العدوان تقترب من لحظة الركوع الاختياري إن تعقلت أو الاجباري إن ظلت على حماقتها.
وأخيرا فإن ما جرى من بناء وإعداد للقوة وتجهيز للعدة خلال فترة الهدنتين السابقيتين يجعلنا نحن أكثر حرصا علي تجديد التمديد طالما ونحن نحتاج إلى وقت إضافي للاستعداد لخوض المعركة الكبرى.

قد يعجبك ايضا