كسر المنتخب الشاب قاعدة الهدف والنقطة التي كانت دائما توصم بمنتخباتنا سواء الوطنية الكبيرة أو الأولمبي أو الشباب، وكان المتابع الرياضي اليمني يتوقع دوما ما سيحصده المنتخب الكبير أو الشباب من نتائج، وكانت تلك التوقعات لا تتعدى هدفاً أو نقطة يتيمة، هذا المنتخب الشاب غيَّر وأسقط الوصمة اللصيقة به ومنذ انطلاقته في كأس العرب، ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد عموما والرياضة على وجه الخصوص تحس بأن منتخبي الناشئين والشباب يختلفان عن كل المنتخبات اليمنية التي شاركت في المنافسات الإقليمية والدولية في السابق.
الأداء الرائع الذي ظهر به منتخبنا الشاب أمام “أعفاط” منتخب الأردن وإمكانيات منتخب الإمارات يمنحك ذلك الأمل والطموح بأن اللاعب اليمني يمتلك قدرات ومهارات مختلفة وفريدة غير كل المنتخبات، فرغم ضعف الإمكانيات والإعداد المتواضع بدنيا ونفسيا إلا أنهم أثبتوا جدارتهم وإبداعهم وقدموا مستوى متميزاً، ولأن لكل مجتهد نصيب كان نصيب هذا الاجتهاد صعوده إلى دور الثمانية لكأس العرب المقامة حاليا في السعودية.
هذا التأهل للمنتخب الشاب ليس حظا كما يعتقد أو يراه البعض، وإنما ثمرة اجتهاد حين حقق فورا كبيرا على الإمارات بثلاثة أهداف مقابل هدف، فلو قل عدد الأهداف لكنا خرجنا وتأهلت منتخبات أخرى، كما أن التفريط وعدم الاجتهاد الذي ظهر به المنتخب الليبي أمام المنتخب الجزائري وضعه خارج الحسابات بخروجه ومغادرته البطولة نهائيا رغم تصدره المجموعة بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف، إذاً الاجتهاد والاصرار والثبات والمثابرة تأتي أكلها ولو بعد حين وهو ما ناله منتخبنا الشاب في هذه المنافسة.
إعجابي بالمنتخبين الشاب والناشئين -كغيري من المتابعين الرياضيين -ليس لانهما حققا نتائج أو لم يحققا لنا انتصاراً ولكن لكونهما اثبتا معنى الرياضة في المستطيل الأخضر والاجتهاد في مضمارها وأظهروا أن لديهم إمكانيات فنية وإبداعاً رياضياً وسرعة في الهجوم والارتداد للدفاع ومستوى يليق بالرياضة وكرة القدم اليمنية ،والاصرار على الفوز وتحقيق نتيجة وهي سمة وشعار رأيتهما كمتابع رياضي في قلوب وعقول ونفسية ونشاط وحركة اللاعبين داخل الملعب، وهذا ما كان ينقص منتخباتنا الوطنية التي شاركت وكانت الوصمة نقطة وهدف كنتيجة نهائية لهم.
حقيقة لم تصل ثقتي وقناعتي بأي من المنتخبات الوطنية السابقة كما أشعر هذه المرة بهؤلاء النجوم الشباب الذين يصنعون الانتصار ويمتعونا بما يقدمون من إبداع كروي وإمكانيات فنية ورياضية غائبة عن منتخبات أخرى ذات إمكانيات كبيرة واستقرار نفسي ومعنوي ليست لدى منتخبنا، ومع ذلك صنعوا لنا هذه الانتصارات المتتالية ومن تحت الركام والمعاناة.
يلاقي منتخبنا الشاب اليوم الأحد في دور الثمانية المنتخب السعودي الذي يعد من أفضل وأقوى المنتخبات المنافسة والصاعدة إلى هذا الدور، ولكننا نقول كما بدأنا القول: لا مستحيل أمام الاصرار والاجتهاد وتلك الإمكانيات الفنية والمهارات التي يمتلكها منتخبنا ولدي ثقة عالية تعانق السماء أننا سنقدم مستوى رائعاً أمام المنتخب السعودي أداءً ونتيجة إن اعتمد لاعبونا الحماس والجد والاجتهاد واقتناص الفرص في مواجهتنا اليوم أمام السعودية، ولكل مجتهدا نصيب.
أخيراً.. دعوني هنا أدعو كل الجهات المعنية بالرياضة وشؤونها وفي مقدمتهم اتحاد كرة القدم والمسؤولين في الأندية الرياضية التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب المبدعون وغيرهم من المواهب الصاعدة إلى أن تضع هذه الجهات هؤلاء الشباب والنشء نصب أعينهم واهتماماتهم بأن يصنعوا منهم نجوماً للمستقبل وتتم المحافظة عليهم وتطوير مهاراتهم ليكونوا باكورة كرة القدم في قادم الأيام، وحتى لا يتعرضوا للضياع ويذهبون هباء كما كان مصير أمثالهم الأولين عندما تركوا دون رعاية واهتمام، فلا تتذكرونهم إلا مع قرب التصفيات والمنافسات، فلا تكرروا الأخطاء وتدمروا مستقبل الشباب والرياضة، ولا تبخلوا عليهم ليكونوا معنا ويرفعوا أسم وراية اليمن عاليا.