لا هدنة إلاّ بصرف المرتبات
افتتاحية الثورة /
لقد كان قطع مرتبات أكثر من مليون موظف في عموم محافظات الجمهورية جريمة عدوانية مقصودة ومتعمدة ارتكبتها دول تحالف العدوان عن قصد، وعمد وعن سابق تخطيط وتدبير، شاركت فيها أمريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية ، وكان الهدف من الجريمة هو تركيع اليمنيين وإخضاعهم بالإفقار والتجويع ، هي جريمة شائنة بكل المواثيق والقوانين لأنها تُصَنَّف ضمن جرائم التجويع والإبادة الجماعية وقد باتت تلك الجريمة عاراً في جبين العالم كله.
لقد تركت المؤامرة -التي استهدفت البنك المركزي اليمني وقرصنة عملياته، وإصدار المرتزق الفار عبدربه منصور هادي في سبتمبر 2016 قراراً بنقل مقر عملياته وإدارته إلى عدن- اليمنيين منذ حينها بلا مرتبات وبلا مؤسسة نقدية ، لقد تسببت تلك الجريمة في مضاعفة المعاناة المعيشية لكافة اليمنيين بلا استثناء.
قبل ذلك كان البنك المركزي اليمني في العاصمة صنعاء يصرف مرتبات كافة الموظفين ويرسلها إلى عموم المحافظات اليمنية دون انقطاع، وحتى مرافقي علي محسن الأحمر وهادي وكبار المرتزقة كانت رواتبهم تصل إليهم من العاصمة صنعاء ، لقد ظل البنك المركزي يعمل بشكل فعال في تقديم خدماته المالية على المستوى الوطني كافة ، يصرف رواتب 1.2 مليون يمني موظف في الخدمة العامة، يقوم بحماية قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية ، يغطي فاتورة الاستيراد بالعملات الأجنبية، يدفع استحقاقات الدين الخارجي ، يحافظ على ثقة المؤسسات المالية العالمية، حتى نفذ العدوان ومرتزقته جريمتهم الشنعاء باستهداف البنك المركزي ففقد اليمنيون رواتبهم ، وفقدوا بنكهم ، وفقدوا أساسيات استقرارهم الاقتصادي.
لقد تعهد المرتزق هادي بلسانه وباسم تحالف العدوان عامة بدفع مرتبات الموظفين إلى كل المحافظات لكنهم لم يدفعوا مرتباً واحداً على الأقل منذ فعلتهم الشنعاء، لقد ادعت دول العدوان بأن قرصنة البنك المركزي ونقل عملياته إلى عدن إجراء يهدف إلى حماية الاقتصاد اليمني من الانهيار ، لكنه في الحقيقة كان تقويضا حقيقيا للاقتصاد والمعائش والحياة الإنسانية في اليمن ، ولأهم المؤسسات النقدية في اليمن ، لقد حرموا اليمنيين في الجنوب والشمال والوسط من رواتبهم منذ ذلك الحين وإلى اليوم ، وقد آن الأوان أن يستعيد اليمنيون حقهم المنهوب من تحالف العدوان ومرتزقته.
قام العدوان ومرتزقته بنقل البنك المركزي إلى عدن وسيطروا على أرصدته من النقد الأجنبي في الخارج ، قاموا بطبع العملات الأجنبية بأكثر من خمسة تريليونات من العملات بدعوى تعزيز السيولة وصرف المرتبات ، قاموا بالسطو على موارد البلاد من النفط الخام والغاز والجمارك والضرائب وموارد الموانئ والمطارات والمنافذ ، سيطروا على ثرواتنا البحرية الثمينة ونهبوها وما زالوا ينهبون يوميا كنوزها الثمينة ، قاموا بتحويل عائدات النفط والغاز إلى البنك الأهلي السعودي ، صادروا كل شيء وحتى الهواء الرحب صادروه ، وبدلاً من صرف مرتبات اليمنيين التي تعد حقوقاً أصيلة على الأقل من بعض ما ينهبه هؤلاء اللصوص، ذهب المرتزقة بالفتات لشراء الفلل والبيوت والاستثمارات والعقارات في تركيا ومصر والدول الخليجية ، وذهبت السعودية لإيداع مليارات الدولارات في بنكها الأهلي ، وذهبت دويلة الإمارات للحال نفسه.
لن يظل اليمنيون نهباً لأحد وحقهم سيُنتزَعُ اليومَ أو غداً ، واليوم ومع السعي إلى إعلان تجديد الهدنة التي تراها أمريكا والدول الأوروبية والخليجية ملحة وضرورية لحماية مصادر الطاقة ، فإن هنا بالأخص حاجة ملحة وعاجلة لدفع رواتب موظفي الدولة المنهوبة من تحالف العدوان منذ شهر أكتوبر 2016م ، وصرفها ليس من حق أحد بل من حق اليمنيين المنهوب عياناً بياناً ، فإذا كانت الإدارة الأمريكية والحكومات الأوربية تسعى لضمان حصول مواطنيها على الوقود ، فإن مليوناً وثلاثمائة مواطن يمني يقومون بإعالة حوالي ستة ملايين من ذويهم فقدوا رواتبهم وأرزاقهم ولا بد أن تصرف مرتباتهم قبل ذلك ، المرتبات قضية حق ولا سبيل لتجديد الهدنة إلَّا بصرفها وضمان استمرار صرفها ولكل موظف في الخدمة العامة في كل محافظات الجمهورية اليمنية.
على المبعوث الأممي وعلى الأمم المتحدة وعلى الرئيس الأمريكي وعلى رؤساء الحكومات الأوربية وعلى السعوديين والإماراتيين ، وعلى الوسطاء والرعاة والمفاوضين والرسلاء ، أن يدركوا بأن السبيل إلى تجديد الهدنة يبدأ بدفع رواتب الموظفين وضمان صرفها شهرياً ، ومن موارد النفط والغاز والجمارك والموانئ وغيرها التي تنهبها دول العدوان ومرتزقتها ، وليس من أملاك أحد، وما تموت العرب إلا متوافية كما في المثل العربي القديم..