الثورة /
بعد أن احتل وسم يهودي في الحرم حيزاً كبيراً في الإعلام العربي ، وبعد التنديد غير المسبوق بتدنيس اليهودي غيل تماري لبيت الله الحرام الذي ظهر متجولا بأريحية يصور ويتحدث ويسجل تقريرا تلفزيونيا باللغة اليهودية ، سارع النظام السعودي لامتصاص الغضب بإعلان القبض على مواطن سعودي قام بتسهيل دخول اليهودي إلى المشاعر المقدسة ، وهي كذبة أراد بها النظام السعودي صرف الأنظار عن جريمته الصارخة.
أثار دخول مراسل «القناة 13» الإسرائيلية إلى الحرم المكّي، وبثّه تقريراً مصوَّراً من هناك، موجة سخط عارم على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية، مُسبِّباً حرجاً كبيراً لمحمد بن سلمان، ومنغّصاً عليه زهوه بـ«الانتصار» على جو بايدن. وإذ يبدو نشر التقرير مقصوداً إسرائيلياً بهدف توريط ابن سلمان في عملية تطبيع سريع، فهو يُعيد تظهير الحساسيات التي تعترض المملكة في هذا المسار، الذي يبدو – مع ذلك – أنه انطلق بالفعل، سواءً كان بطيئاً أم متعجّلاً، علنياً أم سرّياً..
فلم يكن دخول الصحفي اليهودي غيل تماري إلى بيت الله الحرام ، بعيدا عن أعين النظام السعودي وأمنه ومخابراته، إذ لم يكن ممكناً لمراسل القناة 13 الصهيونية الذي ظهر متجولا بأريحية في بيت الله الحرام وقيامه بجولته المدنسة للبيت المقدس وتصوير تقرير تلفزيوني منه والتحدث بصوت مسموع باللغة اليهودية وملتقطا صورة سيلفي من جبل عرفة خلال موسم الحج ، من دون إذن من ابن سلمان، كما أنه لم يكن ليقوم بجولته المدنسة لو لم تكن منظَّمة من قِبَل النظام السعودي وتحت حمايته ؛ ذلك أن الحجّاج المسلمين أنفسهم يحتاجون إلى مرشدين للتنقّل بين المشاعر، ولا يستطيعون دخولها من دون تصريحات مسبقة ، فيما القوى الأمنية السعودية بتنظيم الحج تقوم بالتدقيق في هويّات الداخلين والخارجين إلى المشاعر المقدسة ، ولا تتساهل في قمع ما تعتبره مخالفات، مهما بدت صغيرة ومن هذا يتأكد بأن النظام السعودي هو من أدخل اليهودي إلى البيت الحرام لتدنيسه في جريمة صارخة تعد واحدة من أكبر الكبائر.
قبل إصدار النظام السعودي الخبر الذي ادعى فيه بأن مواطنا سهل دخول اليهودي إلى المقدسات، كان قد أفلت ذبابه الالكتروني ليدافع عن ابن سلمان وليروّج للتطبيع، والترويج بأن «الخونة العملاء» من المعارضين السعوديين، وجماعة «الإخوان المسلمين» يقفون وراء نشر وسم «يهودي في الحرم» لإثارة الرأي العام السعودي ضدّ ولي العهد، وهو ما يؤكد أن النظام السعودي فعل تلك الجريمة النكراء عن عمد وقصد ضمن خطوات التطبيع والصهينة التي يمضي فيها.
كما أن هذا الصهيوني لم يصل إلى مكة إلا بعدما وصل عشرات الصهاينة بشكل علني إلى الرياض وجدة، وبعدما قطع النظام السعودي الذي نصب في موسم الحج خطيبا يروج للتطبيع ويدعو للعلاقات الخيانية مع الصهاينة ويشترك مع حاخامات يهودية في مؤسسات عديدة، محمد العيسى الذي ظهر وهو يؤدي صلاة تطبيعية مع اليهود في معسكر صهيوني كان خطيبا في جبل عرفة في ملايين المسلمين الحجاج ، وقد جرى تنصيبه من ابن سلمان ليوصل الرسالة نفسها إلى العدو الصهيوني.
جريمة النظام السعودي الذي يطلق على أمرائه وملوكه «خدام الحرمين» تسقط شرعية الألقاب الممنوحة لملوك الأسرة الحاكمة، فالتدنيس اليهودي للبيت الحرام يطعن تلك الشرعية بل ويسقطها، ويضيف نقيصة أخرى إلى نقائص هذا النظام المارق الذي ما ترك جريمة إلا وفعلها.
أراد محمد بن سلمان من جريمته في اتخاذ بيت الله الحرام والمقدسات الإسلامية وسيلة لتعزيز تقاربه مع اليهود، تدعيم خطوات وصوله إلى سدة العرش، وتسلّق العرش الذي لم توصله إليه المؤامرات التي أطاح خلالها بالآلية المعروفة لتوارث العرش السعودي ، بالاتفاق مع اليهود الصهاينة وبتقديم القرابين لهم بما في ذلك استباحة بيت الله الحرام وتمكينهم من تدنيسها.
وما يبدو فإن ما ظهر إلى العلن هو الثمن الذي يسدده للصهاينة لقاء خدماتهم في جلب الرئيس الأمريكي بايدن إلى جدة، لمنحه شرعية ملك السعودية المستقبلي، إذ يكشف التقرير الذي بثّته «القناة 13» الصهيونية لمراسلها غيل تماري الذي ظهر متجولا بكل أريحية مدنسا لبيت الله الحرام وملتقطا صورة سيلفي على جبل عرفة خلال موسم الحج، يكشف بوضوح أن ابن سلمان يعطي الصهاينة ما يريدون لتدعيم استيلائه على العرش ، ولأن اليهود الصهاينة لا يقدّمون خدمات مجّانية، فإنهم سيستوفون بالكامل ثمن هذه خلال حُكم هذا الرجل الذي يضرب بكل المقدسات والقيم عرض الحائط ويشن الحروب ويقتل ويدمر البلدان والشعوب ، ويمارس القمع والتنكيل بالناشطين ورجال الدين ، ويرعى ترويج التفسخ والتهتك في المجتمع السعودي ، في سبيل وصوله إلى الحكم أيضا.