أعملوا شيئا .. لكي تصفقوا ونصفق لكم !


حكومات العالم أجمع تنبهت لأهمية ريادة الأعمال كعامل فعال في تنشيط الاقتصاد وتوفير الوظائف والاستفادة من مهارات أبناء وبنات البلد لكنها لم تكتف بالشعارات والمبادرات الشكلية وإنما ركزت على إحداث تغيير فعلي وملموس. شخصياٍ لست من المطالبين بتدخل الحكومة بشكل كبير في هذا المجال تحديداٍ لأني أرى بأن ريادة الأعمال تعتمد بشكل أساسي على حماسة واندفاع وجدية رائد الأعمال ومن ثم بشكل ثانوي على توفر الظروف الملائمة له. باختصار أرى شخصياٍ أن مراحل تدخل الحكومة كالتالي:
?. إدراك أهمية ريادة الأعمال: تقريباٍ ??? من يدرك أهمية ريادة الأعمال حيث يتجسد ذلك في الخطابات الرسمية والوعود التي نسمعها عندما يتم التطرق لأهمية تنويع إيرادات الدول والحد من ظاهرة البطالة ولكني أشك أحياناٍ أن البعض أدرك أهمية ريادة الأعمال دون أن يدرك ما هي ريادة الأعمال. أيضاٍ أجد كثيراٍ خلط كبير بين ريادة الأعمال في المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر (Micro Entrepreneurhsip) وبين ريادة الأعمال الطموحة (High Impact Entrepreneurship) والتفريق بين هذين النوعين من ريادة الأعمال مهم جداٍ فبعض الدول أو بعض المناطق في حاجة ماسة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وذلك لانعدام مصادر الدخل وتواضع إمكانية الأفراد في هذه المجتمعات وهناك دول ومناطق أخرى لا يصح مخاطبتها بنفس الطريقة لأن المستوى المعيشي فيها عال أو مهارات الأفراد فيها عالية لهذا اهتماماتهم ومصادر إلهامهم مختلفة. على كل أرى بأن الكثير من الدول العربية وصلت إلى مرحلة إدراك أهمية ريادة الأعمال وهناك فرص لتحسين أداء الحكومات العربية في هذه المرحلة لكن الوضع العام طيب ومقبول.
?. إزالة العوائق وتسهيل الإجراءات لرواد الأعمال: هنا المشكلة الرئيسية فسنلاحظ أن العديد من الدول تجاوزت هذه المرحلة وحاولت أن تنتقل لمراحل متقدمة يزيد فيها دور الحكومات بشكل عميق متجاهلة هذه المرحلة المهمة والحيوية بالنسبة لرواد الأعمال. للأسف دولة أو دولتين حسب علمي استطاعت ولو بشكل جزئي إزالة العوائق التي تقف أمام رائد الأعمال لبدء مشروعه. أتكلم هنا عن الأمور القانونية بشكل رئيسي. من الذي يسمح بتأسيس شركة بدون رأس مال يتجاوز ???? دولار مثلاٍ ماذا عن تسجيل الشركات بدون وجود مكتب (من المنزل مثلاٍ) وماذا عن السماح لرواد الأعمال من دول مجاورة تأسيس مشاريعهم في دول غير دولهم. هناك الكثير أمامنا فعندما يعجز رائد أعمال ناجح في بلده عن التوسع لبلد مجاور بسبب فيزا فبالفعل أمامنا الكثير للأسف شخصياٍ لدي جواز أمريكي تحترمه معظم الدول العربية أكثر من الجواز اليمني لهذا أتحرك بحرية تامة ولكني لا أستطيع تخيل معاناة من يمتلك جوازاٍ عربياٍ تقليدياٍ. هناك الكثير مما يمكن أن تقوم به الحكومات في هذا المجال وبصراحة لست مختصاٍ لكني أعلم أن هذه المرحلة مهمة ويجب الاهتمام بها مباشرة. ومن الملاحظ أن هناك من يسعى لتحسين ترتيبه في قائمة (سهولة مباشرة الأعمال ) ولكن هذا أيضاٍ لا يكفي فأحياناٍ هذه المعايير تركز على سهولة مباشرة الأعمال بالنسبة للشركات الكبيرة وليس للمشاريع الناشئة لهذا ربما نحتاج لاستثناءات خاصة لرواد الأعمال يتم فيها تقديم تسهيلات وامتيازات خاصة بهم.
?. تشجيع وتحفيز ريادة الأعمال: اعتقد بأن جزءاٍ لا بأس به من الدول التي انتبهت لأهمية ريادة الأعمال في الوطن العربي قفزت من مرحلة تذييل إجراءات رواد الأعمال وأعلنت عن برامج ومراكز وحاضنات أعمال تهدف إلى تشجيع وتحفيز ريادة الأعمال. ربما نحن مستعجلون للوصول إلى نتائج سريعة وملموسة لكن هناك أسساٍ يجب اتباعها لتحقيق نجاح مستدام لا نجاح شكلي سريع. على أي حال يجب أن نشيد بالبرامج الحكومية المختلفة التي تهدف لتشجيع وتحفيز ريادة الأعمال سواء بالتدريب أو تنظيم الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وتوفير المرشدين والموجهين لمساعدة رواد الأعمال مجاناٍ فالحقيقة أن هناك برامج كثيرة يصعب حصرها أطلقت خلال السنين الماضية بهدف تشجيع وتحفيز ريادة الأعمال في الوطن العربي وأنا أرى أن أداء هذه البرامج جيد جداٍ.
?. الاستثمار غير المباشر في رواد الأعمال: هذه مرحلة لم نصل إليها بعد أو ربما وصلنا إليها في حالات نادرة. هناك تجارب عالمية تبين كيفية تنفيذ أهداف هذه المرحلة حيث من المعروف أن الحكومة من أضعف الكيانات في إدارة الاستثمارات بسبب طبيعة عمل الحكومة وبطء اتخاذ القرار فيها بسبب البيروقراطية التي ممكن أن تقتل أي مشروع ناشئ بسهولة. لهذا تفضل معظم الدول أن تستثمر في كيانات متخصصة في الاستثمار في رواد الأعمال مثل شركات الاستثمار الجريء وحاضنات الأعمال الخاصة وليس العامة (أي المملوكة للقطاع الخاص) بحيث يكون دور الحكومة دور الشريك الصامت الذي تصله تقارير تبين النتائج التي حققها رأس المال بدون أي تدخل منه.
?. الاستثمار المباشر في رواد الأعمال: هذا النموذج فشل في معظم الدول ولا أنصح به إطلاقاٍ فالحكومة لا تجيد إدارة استثماراتها ومواردها الخاصة فكيف لها أن تدير أو تشارك في مشروع ناشئ.
تلخيصاٍ لنصائحي ما نريده منكم كأقل واجب عليكم هو إدراك ما نقوم به وإفساح الطريق لنا لكي نقوم بعملنا وهذا أضعف الإيمان ولكنه كفاية. أما إن أردتم تقديم المزيد من التشجيع والتحفيز والاستثمار الغير مباشر فبالتأكيد ستساعدون رواد الأعمال على تحقيق النجاح بشكل أكبر وأسرع ولكن لنتذكر أن التحدي الحقيقي أمامكم الآن هو تذييل الصعوبات التي تواجهنا عند بدء مشاريعنا وعند محاولتنا التوسع في نطاق الوطن وهو كلام ينطيق على كل الحكومات.
اعملوا شيئاٍ.. لو تفضلتم..
أعملوا شيئاٍ لكي يحق لكم التصفيق لنا عندما ننجح في تنفيذ مشاريعنا فنحن نعمل على تنفيذ مشاريعنا سواء بمساعدتكم أو بدون مساعدتكم لكن صراحةٍ لا يروق لنا تصفقيكم وتكريمكم لنا بعد أن ننجح بينما لم يكن لكم أي دور يذكر في مساعدتنا. ففي المراحل الأولى كنا نعاني بشدة بسبب بعض شروط وقوانين وضعتوها أو ربما نسختوها من قوانين دول أخرى قبل عشرات السنين ونسيتم أن تراجعوا هذه الدول لمتابعة التغييرات التي جرت على قوانينهم مؤخراٍ.
باختصار أعملوا شيئاٍ.. لكي تصفقوا ونصفق لكم !

قد يعجبك ايضا