محمد احمد غالب
يعتقد الكثير من الناس (العامة والخاصة) في عدم القدرة على صناعة سياحة داخلية في البلاد الإسلامية، وفق ضوابط شرعية تأخذ بمبدأ اللهو المباح المقر في الشرع وتحيطه بسياج الثقافة الإسلامية التي تحافظ على الهوية الإيمانية والإسلامية، وتمنع من الانزلاق وراء اللهو المؤدي إلى نزع القيم الإسلامية والعفاف، وجعل السياحة تتأرجح بين أمرين لا ثالث لهما، إما سياحة مفتوحة تمارس فيها الأسرة جميع وسائل اللهو دون قيد أو ضابط أو عدم وجود تلك السياحة الناجحة مطلقاً.
هذا الفهم المغلوط عن السياحة ناتج من -وجهة نظري- عن ضعف في التركيبة الذهنية، وضعف في إدراك آلية صناعة السياحة على مستوى العالم العربي والإسلامي، وفق عاداته وثقافته الإسلامية.
إننا نرى هنا وهناك السياحة في بعض البلدان الإسلامية بشكل يحاكي البلدان الغربية، حتى يُخيّل إليك عند زيارتها أنها بلاد غير إسلامية لعدم وجود أي مظهر من مظاهر الإسلام فيها!!
فهذه البلاد ركزت على نقل عادات البلاد الأجنبية وجميع شؤونهم وحتى بعض طقوسهم الدينية لجذب السياح، وأهملت عاداتها وتقاليدها وهويتها الإيمانية والإسلامية! فهل السياحة في البلاد الإسلامية تفتقر إلى إبراز هويتها وثقافتها في إطار ترفيه يناسب الصغير والكبير والرجل والمرأة والفرد والأسرة، إن وجود تقاطعات في المصالح لا سيما الاقتصادية منها وزيادة الدخل الاقتصادي السياحي يشكل عبئاً واختلافاً في الآراء بين المثقفين المحافظين، ومنظري السياحة الذين ينظرون من زاوية اقتصادية واحدة.
وبهذا الاختلاف برزت مجموعة من الدول واشتهرت في الترويج للسياحة عبر وسائل مبتذلة جمعت بين (الكأس والمرأة) استقطاباً للسائحين؛ فالغاية لديهم تبرر الوسيلة!! وأمام هذا التوجه تعالت أصوات تنادي بالسياحة الداخلية حفاظاً على الشباب من الوقوع في شراك الرذيلة ومصائدها، ولكن وأمام هذا العالم الفسيح والثقافات المتنوعة، ووسائل الإعلام المؤثرة، هل نستطيع صناعة آلية سياحية تلبي احتياجات المواطنين، وتستقطب السائحين من البلاد الأخرى؟
في وقت مضى كان الاعتقاد سائداً أن الأجواء الباردة شرط أساس للسياحة، ولكن في وقتنا الحاضر استطاعت كثير من الدول التي عرفت بأجوائها الحارة أن تستقطب الأعداد الكبيرة من السائحين بأساليب حديثة مبتكرة، فأنشأت مدناً ترفيهية تحتوي على جميع الوسائل والمعارض والأسواق والمخترعات ومجهزة بالفنادق وأماكن الراحة والاستجمام، كل ذلك أدى إلى استقطاب أعداد كبيرة من مختلف أرجاء العالم.
ومن اللافت للنظر أن فئة من الناس انطبع في أذهانهم أنه لا توجد سياحة إلا بالملاهي الليلية ودور السينما التي تعرض المجون، وأخذوا يراهنون على عدم نجاح السياحة النظيفة الخالية من تلك الأماكن.
إن مفهوم السياحة في وقتنا الحاضر خرج عن المفهوم الضيق إلى المفهوم الواسع الذي يعتني بنشر الثقافة وهوية البلد وعاداته وتقاليده عبر برامج ترفيهية منتقاة لا تخلو من المتعة والفائدة.
وبهذا المفهوم ينبغي أن ندرك أن اليمن مؤهلة أن تستقطب الملايين، لا سيما أنها متنوعة التضاريس بين مناطق جبلية، سهلية، ساحلية، صحراوية،… إلخ، وفي ظل ذلك التنوع لابد أن تتوفر للسياح والزوار الخدمات المتكاملة المتطورة بأساليب حديثة توفر لهم السهولة في التنقل والراحة والاستجمام، مع وجود برامج متطورة تعطي للسائح الخيارات المفتوحة في التنقل وترشده إلى الاستفادة القصوى من سياحته، عبر برامج ومرشدين سياحيين يمنيين متخصصين.
مدير عام خدمات المنشآت السياحية في وزارة السياحة محمد الوبري لـ”سياحة وتراث”: