بين غدير خم وغدير جدة
يكتبها اليوم / عباس السيد
لم تمر الأمة الإسلامية بفترة هوان وضلال أقسى وأمر من الفترة التي تعيشها حاليا.
الأمة التي أرادها الله خير أمة أخرجت للناس باتت في مؤخرة الأمم والشعوب ، والكثير من أنظمتها وقادتها يتنافسون لكسب ود ألد أعداء أمتهم ويتحالفون معه ضد بعضهم.
يتهافتون نحو كيان العدو تحت عناوين وذرائع كثيرة ، من السلام والتطبيع إلى الإبراهيمية.
أصبحت « القبة الحديدية «- على هشاشتها – في نظر البعض ملاذا وحصنا منيعا وبديلا عن كل قباب ومنارات المساجد الإسلامية.
زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفلسطين المحتلة والسعودية ، لم تخرج عن هذا السياق المخزي الذي يعمل فيه اليهود الصهاينة والأميركيون على إعادة صياغة الهوية العربية والإسلامية لشعوب المنطقة في شتى المجالات ، الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
دخلت الولايات المتحدة سنتها السادسة والأربعين بعد المائتين ، سبعون عاما منها قضتها في تبني ورعاية الكيان الصهويني اللقيط.
أعراض الشيخوخة تداهم الولايات المتحدة كما هو حال رئيسها العجوز ، وهي تواجه تحديات جمة في مواجهة التنين الصيني والدب الروسي ، وهذا يفرض عليها توجيه كل قواها وإمكاناتها نحوهما ، ونقل دورها ومهمتها في الشرق الأوسط إلى وكيل تثق به ، وهي بالطبع تجد وكيلا أكثر إخلاصا لها من دولة الكيان الإسرائيلي.
بايدن ، الرئيس العجوز ، ومنذ أن وطأت قدماه مطار اللد في فلسطين المحتلة ، عَكَسَ في كل تصريحاته ومواقفه مؤشرات ودلائل تتويج كيان العدو لقيادة المنطقة ، وكاد يصرخ وهو إلى جانب الرئيس الإسرائيلي :» من كنت مولاه فهذا إسحاق مولاه .. «.
صرخة بايدن سُمعت في أنحاء واسعة دون أن يطلقها علانية ، وجاءت الاستجابة من الرياض سريعا وكأنها آية إعجاز أميركية صهيونية ، حين شق النبي الأمريكي بايدن طريقه في سماء السعودية لأول مرة في التأريخ.
وكانت المعجزة الثانية ، في الإذن بانتقال جزر تيران وصنافير « رسميا « من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية ، وهي معجزة لا يزال عامة المصريين يشككون في حقيقتها نظرا لهولها . وهي كذلك محيرة للسعوديين أيضا ، فقد أصبح نظامهم بموجب هذه المعجزة شريكا – بأثر رجعي – في اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها السادات وبيجن عام 1978 برعاية أميركية.
إلى مدينة جدة ، تهافت الإبراهيميون العرب لسماع النبي الأمريكي الصهيوني والتبرك بمصافحته وتلقي تعليماته والمشاركة في الجهاد لنشر الدين الإبراهيمي الجديد.
الف وأربعمائة عام تفصل بين واقعتي غدير خم وغدير جدة ، ولكن ،
هل كان تحديد مكان و زمان إعلان « الغدير الجديد « صدفة؟.
فمن حيث الزمان ، كلا الغديرين حدثا في شهر ذي الحجة ، بعد انقضاء موسم الحج ، ومن حيث المكان ، كلا الغديرين يقعان بين مكة والمدينة!!.
aassayed@gmail.com