المنظمات الإنسانية .. بين الاستثمار والاستغلال ..

علي عباس الاشموري

 

 

حينما يتعرض شعب من الشعوب أو بلد من البلدان لظروف الحروب أو الاعتداء الخارجي ..أو يتم وضعه تحت الوصاية الدولية أو البند السابع، وتتعرض أرضه وسيادته للانتقاص أو التسلط من قبل الدول التي تسند اليها الأمم المتحدة أو تسلمها ملف هذا البلد أو ذاك الشعب ليصبح في الأخير أو حسب العرف الأممي السائد العوبة تنهب خيراته ويقتُل أبناؤه خنقا وحصارا دون حسيب أو رقيب ..وبالقانون الدولي مع الأسف تأتي المنظمات أو يؤتى بها كمنقذ وهي في الحقيقة مكمل للدور وتستخدم كجزء من العدوان اللا أخلاقي على الشعوب المغلوبة على أمرها والتي تعاني من ويلات الحروب والتي تعيش في أتون الصراعات الداخلية والعدوان الخارجي ..
وهي تستغل هذه الظروف وتساهم بطريقة أو بأخرى في استمرار مثل هذه الحالة لكي تقتات على مصائب أو معاناة الناس ودمائهم ..
فحين تأتي منظمة لممارسة نشاط تحت أي مسمى أو عنوان ..مثل مكافحة الأوبئة أو إغاثة نازحين أو تحت أaي ذريعة ..فهي تهتم بالجانب الدعائي والإعلامي ..الذي تبرز من خلاله نشاطها خارجيا وذلك لغرض الحصول على جزء مهم من المساعدات المقررة لهذا البلد من الأمم المتحدة التي هي مخولة وفقا لمواثيق انشائها وتوقيع الدول الأعضاء فيها بتبني ودعم وتمويل مثل هذه الأنشطة لإدارة أزمات وهي في الحقيقة ((تستغل أزمات )) الدول التي تعيش أوضاع حروب ومآسي إنسانية ..
غير أنها من الجانب الآخر تُستخدم ميدانيا من قبل اللوبي المسيطر على مفاصل اتخاذ القرار في الأمم المتحدة من ناحية التمويل، وتوظف استخباراتيا لنقل معلومات واحداثيات وبيانات تحتاجها دول الهيمنة العالمية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً والتي تحكم وتتحكم في الأمم المتحدة ومجالسها وهيئاتها وتحكم قرارها ومقرراتها لتستمر هيمنتها كشرطي عالمي يحكم العالم ويفرض أجندته ونفوذه على دول العالم، كما هو حال أمراء الحروب الدولية والإقليمية المسيطرين على مقدرات واقتصاد والقرار السياسي لأغلبية الدول التابعة لهم .
وهذه المنظمات وإن كانت ظاهريا تعمل ضمن برامج هيئات أممية إنسانية إلا أنها عملياً تدار كما تدار الأمم المتحدة نفسها ومجلس الأمن الدولي من قبل الأعضاء الدائمين أو الدول التي تصدر وتقر القرارات الأممية وتنفذها وهي التي تستفيد منها وتحكم مقرراتها …
إذ أن الجانب الإنساني ومواثيق الأمم المتحدة لا تعدو عن كونها مجرّد إعلانات ظاهرية دعائية لخداع الشعوب من جهة ولتبرير الهيمنة والاستبداد والبلطجة الأمريكية على تلك المنظمات والهيئات التابعة لها من جهة أخرى.
ولعل ما حدث في العراق خير دليل على ذلك، فبعد حصاره حوالي ثلاثة عشر عاماً من عام 1990م وحتى عام 2003م أيام حكم الرئيس جورج دبليو بوش الابن .. صاحب ذلك مسح منظماتي وما يعرف بهيئات إنسانية ومنظمات أممية أو دولية …ووووو الخ ..
حيث تمكن العدوان العسكري الانجلو أمريكي في عهد الرئيس(( بوش الابن )) بناء على تقارير تلك المنظمات والجهات العميلة .. من احتلال دولة العراق الحضارة والتاريخ .وإذلال وقهر شعبها العظيم وإنهاء أسطورة الجيش العراقي الباسل الذي تم تصنيفه كرابع جيش في العالم –آنذاك- وفقا لتقارير ونشرات مراكز عسكرية متخصصة بقدراته العسكرية المهولة وخبرته الميدانية في القتال التي اكتسبها وحقق تقدما نوعيا في التسليح والتدريب لمدة ثمان سنوات خلال حروبه مع ايران ..بدعم خليجي وأمريكي لا حدود له ..
وغالباً ما تكون محددات أو برامج إدارات تلك المنظمات موضوعة لتخدم وتحقق أهداف المنظمات بالدرجة الأولى، ولتقديم ما امكن للدول المستفيدة من الدعم ..بما لا يتعارض مع الأهداف الأساسية والخطوط العريضة التي توصي بها الدول الكبرى والراعية أو التي تدير مثل هكذا منظمات ..تحت شعارات براقة ….
ولهذا فإن منظمة الأمم المتحدة قد أخرجت مملكة آل سعود من القائمة السوداء لـ((قتلة الأطفال)) التي سبق وأن أدرجتها فيها بسبب قتلها للأطفال اليمنيين ..وذلك لأن السعودية رفضت تقديم الدعم السنوي المحدد وقد اعترف بذلك الأمين العام السابق للأمم المتحدة ..
وعندما يقدر الله وتقرر الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتسليم رقاب شعب ووضع مصير دولة تحت رحمة وصي مختار ((غالبا ما تكون من ضمن الدول الدائمة العضوية وقد تتحالف معها دول تابعة)) ..ويتم بالتالي إسناد الجوانب الإنسانية إلى بعض المنظمات، فإنها تقوم بدراسة التركيبة السكانية لهذا البلد من مختلف النواحي السياسية والدينية والاجتماعية والقيمية والأخلاقية وعوامل الصراعات ومكامن الفتن، ويتم الرفع بكل هذه المعلومات أثناء عملية المسح والاستهداف.. واستقبال التوجيهات من قبل الإدارات العليا في المنظمات التي تمثل أهداف الدول الداعمة ..

قد يعجبك ايضا