الفقيد النهمي.. عامان من الحزن

عبدالفتاح البنوس

 

الكتابة عن شخصية بحجم فقيد الوطن الكبير الدكتور أحمد صالح النهمي ليست بالأمر الهين؛ فنحن أمام شخصية متفردة بكل الخصال والشمائل الحميدة ، شخصية جامعة، حوى صنوف الإبداع والتميز والألق سياسيا وأكاديميا وثقافيا وأدبيا واجتماعيا ، قامة يمنية سامقة وهامة يمنية شامخة ، صاحب الشخصية الاستثنائية ، الشخصية الموسوعة ، فهو الأكاديمي المستنير والسياسي الفذ والشاعر المجيد، والكاتب الحصيف والمثقف الواعي والخطيب المصقع والمصلح الاجتماعي الحريص على إصلاح ذات البين وتماسك النسيج الاجتماعي ، والإنسان في زمن اللاإنسانية ، في 31 يونيو من العام 0202م وبعد يوم واحد من وفاة والده المناضل صالح محمد النهمي، أحد وجهاء مديرية جهران، غيَّب الموت فقيد الوطن الكبير الدكتور أحمد صالح النهمي- رئيس الأمانة العامة المصغرة لاتحاد القوى الشعبية، عضو المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك ، وعضو التحالف الوطني المناهض للعدوان ، وعضو مجلس الشورى ، ورئيس قسم اللغة العربية وأستاذ البلاغة والنقد بكلية الآداب جامعة ذمار .
حيث شكَّل رحيله المفاجئ مصابا جللا وفاجعة كبرى فجعت بها الأوساط اليمنية، وشكل صدمة قوية، خلفت حالة غير مسبوقة من الحزن والأسى لا تزال تداعياتها وآثارها حتى اليوم، عامان على رحيل الدكتور أحمد النهمي والحزن لا يزال يستوطن سويداء القلوب، عامان والدموع لا تزال تنهمر حزنا وحسرة على رحيله المفاجئ، عامان ولا يزال الفقيد حاضرا في أوساطنا بروحه المرحة، ووجهه البشوش، وضحكته البريئة التي تعكس صفاء وطهارة قلبه، ونقاء سريرته، وتواضعه وبساطته، ونبل ودماثة أخلاقه.
عامان على الحزن الذي لن ينسى ، والجرح الذي لن يندمل ، عامان من البعد والفراق والشوق والحنين لحبيب لطالما كان قريبا إلى قلوب كل من عرفهم وتعايش معهم منذ طفولته وحتى وفاته ، عامان كان لجامعة ذمار ورئيسها الأستاذ الدكتور طالب النهاري ولكلية الآداب وعميدها الأستاذ الدكتور عبدالكريم البحلة الحضور اللافت والإسهام البارز في الوفاء للفقيد الراحل من خلال الإسهام في رعاية أسرته وتخليد مآثره وسيرته العطرة، الجامعة طبعت كتابا باسمه في ذكرى أربعينيته، وعملت على رعاية أسرته بما هو متاح لها من إمكانيات، وكلية الآداب حققت الحلم الذي ظل يراود الفقيد الراحل والذي لم يسعفه القدر لتحقيقه وهو طباعة ديوانه الشعري الأول (حينًا من الحزن).
لقد أحب فقيدنا الراحل الوطن وارتبط به ارتباطا وثيقا ، وظل قلبه ينبض بحبه ، وعاش مخلصا وفيا له حتى توفاه الله ، كان صوته عاليا في مقارعة العدوان والتنديد بجرائمه وكشف مؤامراته وفضحها عبر لقاءاته ومداخلاته التلفزيونية وكتاباته الصحفية وقصائده الشعرية التي شكلت إضافة نوعية للجبهة الثقافية والأدبية المواجهة للعدوان ، كان من ضمن الشخصيات المغضوب عليها ، المستهدفة من قبل تحالف العدوان ومرتزقته ، ولكنه لم يخف أو يجبن ، أو يخفت له صوت ، أو ترتعد له فريصة ، فهو مؤمن بمظلومية شعبه ووطنه ، وإيمانه الراسخ بالله جعله يسير على خطى الإمام علي عليه السلام لا يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه ، لأنه في الطريق الصحيح الذي يرضي الله ورسوله ، الطريق الذي سار عليه ملهماه في العمل السياسي والمسار النضالي الشهيدان جار الله عمر والدكتور محمد عبدالملك المتوكل ، ورفيق دربه وصديقه فقيد الوطن الكبير الشهيد عبدالكريم الخيواني ، وكل الشهداء العظماء .
بالمختصر المفيد، الخسارة التي تعرض لها الوطن برحيل الدكتور أحمد صالح النهمي كبيرة جدا ومن الصعب تعويضها على المدى المنظور، ويحدونا وأسرته الكريمة الأمل في قيام السلطات الرسمية المختصة والجهات ذات العلاقة بطباعة كافة أعماله الشعرية وكتاباته الصحفية ودراساته وأبحاثه الأدبية والنقدية وفاء له وتخليداً لمآثره وحفظا لنتاجه الأدبي والمعرفي المتميز، وأنا على ثقة مطلقة بأن الإرث العلمي والأدبي والمعرفي والإبداعي الذي خلفه الفقيد النهمي سيشكل إضافة نوعية للمكتبة اليمنية، وسيكون ملهما للأجيال المتعاقبة.
لروحك الطاهرة الخلود يا دكتور أحمد في أعلى عليين، رحمة الله تغشاك، وطيَّب الله ثراك، وجعل الجنة سكناك، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا أبا إبراهيم لمحزونون.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا