تدمير البيئة البحرية!
يكتبها اليوم / حمدي دوبلة
بين الحين والآخر، يُفاجأ سكان المناطق الساحلية – على طول شواطئ اليمن الجنوبية والشرقية على وجه التحديد – بكميات هائلة من الأسماك والأحياء البحرية نافقة على السواحل في مشاهد مأساوية تُبكي العيون وتُدمي الأفئدة.
-الظاهرة الأليمة تتكرر باستمرار، فيسارع الكثير من المختصين في مراكز حماية البيئة البحرية وما شابهها في المناطق الخاضعة للعدوان وأدواته إلى التأكيد على ضرورة إجراء الدراسات العلمية، لمعرفة حيثياتها وأسبابها من أجل الوصول إلى حلول ومعالجات.. وما إلى ذلك من تخرّصات تحاول بطريقة أو بأخرى صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للفواجع المعلومة للقاصي والداني والمختص والصيّاد والمواطن البسيط.
– منذ أن وطأت أرضنا ومياهنا البحرية معدات و بوارج وسفن الأعداء، ما فتئ الخراب والدمار يطال كل شيء في حياتنا، ومع ذلك فلا يزال البعض من أبناء جلدتنا للأسف الشديد يحاولون جاهدين إقناع أنفسهم بغير ذلك وبأنهم جاؤوا منقذين وفاتحين وحاملين مشاعل التطور والنهوض والرخاء!!
– يعود أول ظهور علني وواضح لظاهرة نفوق الأسماك في السواحل الجنوبية لليمن، إلى أكتوبر من العام 2017م، حين نفقت كميات هائلة من الأسماك في ساحل منطقة شوعب بأرخبيل سقطرى، وبعد شهرين من هذه الحادثة عثر سكان محليون على أعداد هائلة من الأسماك النافقة في شاطئ مديرية رضوم بشبوة، ثم في مارس من العام 2018م شهد ساحل فوه بمدينة المكلا في حضرموت نفوقا واسعا لأنواع لا تحصى من الأسماك وبعد شهرين من هذه الواقعة – وبالتحديد في شهر مايو من العام 2018م – قامت سفينة إماراتية بجرف آلاف الأطنان من الأسماك وتدمير البيئة والشعاب المرجانية ونفذت تفجيرات تحت الماء لجرف الأحجار الكريمة والصدف، وبسبب الجرف الجائر تدمرت بيئة الأسماك وتعرضت أنواع كثيرة من الأحياء البحرية للتسمم. وخلال العام 2019م شهدت محافظات عدن والمهرة وحضرموت حوادث مماثلة.. وفي مارس من العام 2020م كانت حادثة نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في أبين وعدن مع تغيّر لون مياه البحر إلى أخضر وانبعاث رائحة كريهة من البحر، وعزاه مختصون وخبراء حينها إلى تسرّب كيميائي.. وصولا إلى حادثة نفوق واسعة للأسماك قبل أيام في ساحل أبين بمحافظة عدن.
-مواطنون وصيادون أكدوا رؤيتهم سفنا تابعة لتحالف العدوان تفرّغ نفاياتها السامة والمواد الكيماوية في ساحل أبين، وهو ما دأبت عليه سفن وبوارج العدوان خلال السنوات الماضية في مياهنا الإقليمية، دون حسيب أو رقيب بهدف تدمير البيئة البحرية بشكل كامل.
-يعلم تحالف العدوان ما تمثله الثروة البحرية من أهمية اقتصادية كبيرة للبلاد وكيف تشكّل مصدر دخل للملايين من أبناء اليمن، فشرع بكل إمكانياته وبلا هوادة في تنفيذ أكبر عملية تدمير ممنهجة للبيئة البحرية اليمنية وأعطى الأوامر لبوارجه لاستخدام مواد كيميائية وبيولوجية وإلقاء نفايات سامة وملوثة في شواطئ اليمن وفي عمق المياه الإقليمية والسماح بأعمال صيد جائر من خلال التجريف البحري والتفجيرات التي تقوم بها سفن أجنبية، وكل ذلك بهدف تدمير البيئة البحرية والشعاب المرجانية وجرف الأحجار الكريمة والقضاء على أهم موارد اليمن ولعقود قادمة.
-ما تكنّه دول العدوان من ضغائن وأحقاد على اليمن وشعبه لا يتوقّف عن حد معين وما التعنت الذي يبديه إزاء عملية سفينة خزان صافر إلا جزء يسير، ونجدها فرصة مناسبة هنا لحثّ الطرف الوطني لإبداء المزيد والمزيد من المرونة وتقديم كل التنازلات وإن بدت مؤلمة من أجل حل مشكلة السفينة المتهالكة قبالة سواحل الحديدة وقطع الطريق على العدو الذي يظهر من أحقاده ما تنوء بحمله الجبال وما يخفي في صدره أعظم وأكبر.
-أي تسرّب للمواد الخام من الخزان العائم قد يقضي على ما تبقى من ثروتنا البحرية لعشرات السنين، وذلك ما يخطط ويسعى له الأوغاد الناقمون.