العدوان صادر حياة البعض وأحلام البعض الآخر

معاناة أطفال اليمن ..جحيم لا يطاق

 

 

الأسرة /زهور عبدالله

للسنة الثامنة على النوالي وهي عمر العدوان على اليمن تزداد معدلات سوء التغذية تعقيدا وبالذات لدى شريحة الأطفال ولم يعد يحصل الطفل على الغذاء الكافي أو الماء الصحي للشرب وتفشت في أوساطهم الأمراض المختلفة .
وأصبح نصف أطفال اليمن إن لم يكن الغالبية العظمى مصابين بسوء التغذية الحاد وما تبقى من الأطفال نسوا طفولتهم وأصبحوا يصارعون من أجل البقاء ما بين معيل لأهله وباحث عن عمل ومنزل يأويه، ولم يتبق من أحلامهم شيء وجُلّ ما يريدونه هو العيش بأمان والحصول على كسرة خبز تشبع جوعهم .
محمد الصغير قاسم – ترك أسرته في قرية وصاب محافظة ذمار وسافر إلى صنعاء للعمل لكي يعيل أسرته التي تقطعت بها السبل ولم يتبق لها أي معيل سواه.
ويقول محمد 11 عاما: أعمل هنا مساعداً في طلاء المنازل وحمل الأحجار والاسمنت في البناء بشكل عام وكل ما اجمعه أرسله لوالدتي.
ويضيف القاسم : في البداية وجدت صعوبات كثيره في العمل وكان أصحاب العمل يرفضون أن أعمل معهم لصغر سني وعندما شاهدوني أنام في الجولة بلا سكن ولا أكل أخذوني أعمل معهم في البناء
سهام ماهر: هي الأخرى تقوم بمهام ومسؤوليات تفوق عمرها فهي تقوم بجلب الماء لأسرتها يوميا في وسط العاصمة صنعاء.
وتقول سهام: الخوف هو أكثر ما نحفظه كأطفال، هذا إلى جانب المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، مثل الاضطرار إلى الوقوف لساعات كثيرة في طوابير توزيع المياه.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن الملايين من الأطفال في اليمن يجدون أنفسهم مجبرين للانخراط في أعمال شاقة من أجل إعالة أسرهم.
وذكرت المنظمة في تغريدة على تويتر إن “ملايين الأطفال في اليمن يجدون أنفسهم مضطرين للتخلي عن الدراسة والرياضة واللعب لإعالة أسرهم”.
وأكدت أن الأطفال يستحقون ظروفاً معيشية أفضل، في سلام ورخاء.
ومطلع يونيو الجاري قالت منظمة “انقذوا الأطفال” الدولية في تقرير لها- إن اليمن الذي يشهد حربا منذ سبع سنوات يعد من أخطر البلدان في العالم الذي يعيش فيه الأطفال.
وفي فبراير 2021م، كانت قد حذرت الأمم المتحدة من خطر تعرض نحو نصف مليون طفل دون سن الخامسة لخطر الموت جوعا، وأن 50 % من الأطفال من الفئة العمرية نفسها يواجهون خطر سوء التغذية الحاد في اليمن.
سوء تغذية حاد
وبحسب تقارير وزارة الصحة فإنه يعاني 2.9 مليون طفل سوء التغذية من أصل 5.4 مليون طفل، بنسبة تصل إلى 55 %، بينهم حوالي 400 ألف طفل مصابون بسوء التغذية الحاد الوخيم،
ويشهد اليمن حرباً عدوانية منذ أكثر منذ ثماني سنوات ، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 % من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.
فيروس الجوع
ويقول الإعلامي صدام حسن في حديثه لـ “الأسرة” : يعاني اليمن من ثاني أكبر أزمة غذائية عالمية بعد جمهورية الكونجو الديمقراطية”.
وبحسب التقارير الإنسانية فقد أصبحت اليمن من أسوأ الدول في معدلات الجوع في العالم.
ووفقا للأمم المتحدة يشهد اليمن منذ سنوات أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث تؤكد الأمم المتحدة أن نحو 24 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم 30 مليونا، يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة والكثير منهم أصبح على أرصفة الجوع وبين طوابير المجاعة.
وعلى الرغم من استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلا أن هناك أكثر من 17.4 مليون يمني يعانون انعدام الأمن الغذائي وهو ما يؤكد على حجم الفجوة المهولة بين حجم الاحتياج الغذائي وما يتم تقديمه من مساعدات غذائية بلغت تكاليفها أرقاماً فلكية لكنها عجزت عن محاصرة أشباح الجوع والفقر وسوء التغذية التي تسرح وتمرح بكل حرية في كافة مناطق اليمن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.
ويضيف صدام وهو مختص في شؤون الطفولة :المتأمل في واقع اليمنيين اليوم وما يعانونه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي فاقت 100 ٪ منذ العام 2016م. وتسارع وتيرة التدهور الاقتصادي في البلاد واستمرار أزمة انقطاع الرواتب ولجوء المنظمات الإنسانية والإغاثة الدولية إلى تخفيض وتقليص المساعدات الإنسانية إلى النصف يدرك الصورة الأكثر قتامة حيث تلوح في الأفق ملامح أسوأ كارثة إنسانية سوف تشهدها اليمن في قادم الأيام و سيكون المشهد الإنساني اكثر تعقيداً ومأساوياً بكل ما تعنيه الكلمة .مشهد سيتكاثر فيه فيروس الجوع في اليمن بشكل مخيف خاصة وأنه من المتوقع ان يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن إلى أكثر 19 مليون شخص في نهاية العام 2022م.
تفاقم الأزمة الاقتصادية
تزداد معدلات سوء التغذية المرتفعة تعقيدا بسبب نقص الغذاء وممارسات التغذية غير السليمة المتبعة في المنازل والأداء دون المستوى لأنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي، وتفشي الأمراض وتدهور الاقتصاد. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 80 % من اليمنيين مثقلون بالديون ويكافحون من أجل دفع ثمن الغذاء والماء والمواصلات والخدمات الصحية الضرورية وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية يواجه ما يتراوح بين 1,8 وَ2,8 مليون طفل خطر الوقوع في براثن انعدام الأمن الغذائي الحاد مع إمكانية تعرض عدد أكبر بكثير من ذلك لسوء التغذية الحاد الوخيم المهدد للحياة.
وتقول الطبيبة زهراء قاسم – مختصة في برنامج توعية وتثقيف الأمهات حول التغذية الصحية للأطفال :
يعتبر الوضع الغذائي للنساء في سن الإنجاب صعباً للغاية حيث تُعاني معظمهن من الإصابة بسوء التغذية. ويؤدي سوء التغذية لدى الأمهات إلى ارتفاع خطر التعرض للآثار الناجمة عن اعتلال الحمل بما في ذلك تعسر الولادة أو ولادة الخدّج أو انخفاض وزن المواليد وحالات النزيف بعد الولادة وكل يوم يزيد سوء التغذية بين أوساط الأمهات والأطفال بشكل عام.

قد يعجبك ايضا