الثورة نت/ وكالات
ارتفعت مجددا نبرة التحذيرات لدى الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية في المغرب من تنامي مظاهر السياسات الموغلة في التطبيع مع الكيان الصهيوني التي تنذر بفتح الباب على مصراعيه لاختراق المجتمع المغربي وتهديد تماسكه وانتمائه للامة العربية والاسلامية .
وجاءت تلك التحذيرات بعد توقيع الحكومة المغربية والكيان الصهيوني مؤخرا علي مذكرة تفاهم في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا، بالإضافة إلى إعلان قناة إسرائيلية عن إطلاق نشاطها الإعلامي في المغرب في مدينتي الدار البيضاء والرباط.
وبهذا الصدد، أصدرت عدد من الهيئات والكيانات السياسية المغربية بيانات استنكار لرفض الاتفاقات الموقعة مع الكيان المحتل، والتصدي لمساعي التقارب مع تل أبيب على حساب القضية الفلسطينية.
والبداية تحذير من الخطوات التطبيعية المسجلة في الفترة الأخيرة التي اعتبرتها “مجموعة العمل المغربية من أجل فلسطين”، بأنها “تحمل دلالات تمس بالقيم الوطنية الأصيلة للمغاربة، وتتنافى مع مبرر التطبيع باسم قضية الصحراء، حيث يتم الدوس على هذه القضية أمام أعين مسؤولين حكوميين ومسؤولين في الدولة ” .
وبينت المجموعة في بيان لها أن ” دخول مسار الصهاينة إلى الحياة المدرسية والتعليمية، ووصوله إلى مؤسسات التعليم العالي عبر ما تم من توقيع اتفاقيات بين الوزير المغربي ووزيرة الكيان الصهيوني يدفع بالبلاد نحو صهينة الأجيال المقبلة وربط السيادة التربوية والتعليمية بعجلة كيان صهيون في عملية تثير أكثر من سؤال حول حقيقة هوية وانتماء ووطنية وأمانة المسؤولين القائمين على قطاعات التعليم والثقافة والهوية بالبلاد “.
ولفتت في بيانها على أن الخطوات التطبيعية المسجلة، صارت تسير بالبلاد باتجاه سرعة جنونية نحو تخريب متعدد الأبعاد لثوابت الشعب المغربي ورموزه الحضارية، بما يشكله هذا المسار من تهديد جدي لبنية التلاحم الوطني بالنسبة للقضايا الجامعة للأمة المغربية.
ودعت إلى تحشيد الجهود النقابية في قطاع التعليم، سواء الأولي والثانوي أو العالي، للوقوف صفّا واحدا في وجه اتفاقيات التطبيع الأخيرة والتصدي لمخططات الصهينة والتخريب.
وفي السياق ايضا ، ندد المرصد المغربي لمناهضة التطبيع في بيان بإبرام وزارة التعليم العالي المغربية لمذكرة تفاهم مع الكيان الصهيوني في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا..مؤكدا أن ” الاختراق الصهيوني أصبح يهدد المغرب في مصيره وكينونته ” وأنه ” يجب أن يعي المغاربة أن العد العكسي لانهيار المملكة قد بدأ وأن هذه “الخطوة الخطيرة وغير محسوبة العواقب”، التي أقدم عليها النظام المغربي مؤخرا “تدخل في إطار مسلسل التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، و يجب أن يدرك المغاربة أنهم في خطر حقيقي، و أننا في العد العكسي لانهيار المغرب أرضا ومجتمعا ودولة”.
واعتبر البيان تطبيع العلاقات في مجال التعليم ما هو إلا جزء يسير من خطة الاحتلال الصهيوني للاستيلاء على كافة المجالات مؤكدا أنه “إذا ما استمر الاختراق الصهيوني ، سيتساءل المغاربة بعد مدة قصيرة عن شيء اسمه المغرب”.
ونبه بيان المرصد الى أن “التطبيع في المغرب توسع بشكل غير مسبوق ليشمل مجالات واسعة” مشيرا إلى احتفاء النظام المغربي بذكرى اغتصاب فلسطين على أنها “نصر صهيوني”، برعاية السلطات العمومية و بالمال العام المغربي .
كما انتقدت النقابة المغربية للتعليم العالي إقدام وزارة التعليم العالي بالمغرب على إقحام مؤسسات التعليم العالي بمحافل التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت مسميات الشراكة الأكاديمية والبحثية مؤكدة أن ما يحدث بهذا الخصوص يعني الوزير وحده ولا يمثل الأساتذة الباحثين .
وبينما نبهت النقابة المغربية إلى الخطورة التي يكتسيها التمدد الصهيوني ، دعت في بيان لها جميع منتسبيها إلى التصدي لكل الفعاليات والمبادرات التطبيعية، التي تستهدف اختراق الجامعة المغربية ومؤسسات التعليم العالي، وتدنيس حَرَمها، وتلويث سمعتها، بهدف النيل من صمودها وكسر مناعتها التاريخية .
وأكدت النقابة أنها ستستمر بكل هيئاتها المحلية والجهوية والوطنية في عملها المقاوم ، وفي حالة يقظة واستعداد لتنزيل كل محاور مخططها النضالي التصاعدي إلى حين إسقاط التطبيع، مشيرة الى أن القضية الفلسطينية ستبقى حية في ضمير الجامعة والجامعيين وكل المغاربة .
وفي إشارة ضمنية الى تواطؤ النظام المغربي وتأييده غير المباشر للسياسة التي ينتهجها الكيان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني و استمرار اغتصابه للقضية الفلسطينية استنكر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع في بيان له تعاون مسؤولين في قطاعات حكومية مغربية عدة في الحفل مع مهندسي حفل افتتاح مكتب القناة الصهيونية .
وأشار البيان الى أن “الحفل كان مليئا بالرسائل ومنها تنظيمه على بعد أيام من ذكرى احتلال القدس وهدم حارة المغاربة و اغتصاب مفاتيح باب المغاربة على الأقصى المبارك من قبل العدو الصهيوني”.
وأكد البيان إن الحفل الذي نظمته المحطة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي بالرباط “يثير كل مشاعر الغضب الكبير في قلب وروح كل مغربية ومغربي، لأن الأمر تجاوز التطبيع السياسي الإعلامي الرسمي، إلى طعن شرف وكبرياء وتاريخ وذاكرة الشعب المغربي، من خلال الاختيار الممنهج والمقصود لمكان الحفل الأسطوري، إنه الموقع الأثري الكبير والتاريخي المهم جدا “موقع قصبة شالة بالرباط”.
واعتبر البيان أن الحفل اكتسى رمزية جد خاصة، متهما القائمين عليه بـ”تدنيس المكان الأثري الذي يعود لعهد الدولة المرينية بالمغرب، حيث يوجد قبر السلطان الأكحل أبي الحسن علي المريني، الذي عرف عنه الارتباط الوثيق بفلسطين والقدس حتى أنه قام بخط المصحف الشريف كاملا بيديه وزينه ورصعه في أبهى حلة وأهداه للمسجد الأقصى المبارك”.
ولفت مناهضو التطبيع، إلى أن ” دم الشهيدة شيرين أبو عاقلة لم يجف بعد ومشهد استهداف جنازتها لم يمر عليه أسبوعان، ثم يتم الاحتفاء بالرباط بقناة صهيونية كاملة الأوصاف الإرهابية العنصرية الاحتلالية، في عملية احتفال مبطن بالقتلة الإرهابيين الصهاينة في صورة منبر إعلامي هو “إسرائيل 24” .
وعلى اثر ذلك نددت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة بما وصفته “تسونامي التطبيع” الممارس من قبل السلطات المغربية مع الكيان الصهيوني منذ توقيع اتفاقية التطبيع بينهما في ديسمبر 2020.
وانتقدت في بيان لها أن “تسونامي” الاتفاقيات والتعاملات المتزايدة ما بين المملكة المغربية والكيان الصهيوني المندرجة في اطار التطبيع بينهما، مؤكدة رفضها “القاطع للخطوات التطبيعية المغربية مع الكيان المجرم”.
واستكمالًا للحملات المغربية المناهضة للتطبيع، قالت أوساط صحفية بارزة إن تطبيع نظام المغرب مع الكيان الصهيوني لم يعد مجرد قرار للخارجية المغربية يمكن فسخه بجرة قلم أو تجريمه بقرار من طرف برلمان فاقد للشرعية الشعبية، بل ان إسقاطه “بات من مقتضيات التغيير الثوري وهو أرضية الوحدة النضالية ووحدة مصير شعوب المنطقة”.
وتابعت الأوساط أن تطبيع النظام المغربي مع الكيان الصهيوني المحتل “لم يكن وليد اللحظة بل كان مجالا ظهر من خلاله اصطفاف نظام المخزني مع المعسكر الرجعي والامبريالي”.
كما أن الدافع لهذا التطبيع، تضيف الأوساط، “هو البحث عن السند القوي من أجل هزم المعارضة الداخلية وكسر شوكتها”، مشيرة الى أن هذا الدافع تحققت له بعض الأهداف مثل اختطاف بعض المعارضين و استقبال التجربة المخابراتية الصهيونية.
ومنذ الإعلان عن إعادة المغرب علاقاته الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني في ديسمبر من العام 2020 في إطار “اتفاقات أبراهام”، التي أدت إلى التطبيع بين الاحتلال الصهيوني، وعددٍ من الدول العربيّة، بدعم من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب تسارعت وتيرة التطبيع على جميع المستويات تقريبا، باستثناء المستوى الشعبي، الذي يبقى العقبة أمام تعميم هذا المشروع الملغوم، الذي لا يزال متعثرا رغم محاولات تلميعه.