تقرير: جميل القشم
حملت كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة، العديد من الرسائل والقضايا الجوهرية التي تلامس واقع الأمة وما يحاك ضدها من مؤامرات، والتذكير بالقيم والمبادئ والأهداف التي حملها مشروع الشهيد القائد حسين بدر الدين في مناهضة أعداء الله والإسلام.
ومثل الجانب الأبرز في كلمة قائد الثورة، سرد للوقائع والارهاصات التي تعرض لها الشهيد القائد جراء دوره في التحذير من الأحداث التي شهدتها المنطقة وخاصة اليمن، وما مثله مشروعه القرآني وشعار الصرخة في مناهضة الظلم والعمل على استنهاض الأمة.
وركزت الكلمة على الحضور الفاعل والقوي لشعار الصرخة منذ انطلاقه ودلالات الموقف الذي تبناه الشهيد القائد، وقدم في سبيله حياته ثمناً لتوعية الأمة وتوضيح مفاهيم الدين وترسيخ مبدأ الولاء لأولياء الله والعداء لأعداء الله، رغم الهجمة العدائية لمحاولة وأد المشروع القرآني وإسكات هذا الشعار.
أعاد قائد الثورة إلى الأذهان سلسلة الأحداث التي أصابت الأمة في مقتل والشواهد العملية التي حذر منها الشهيد القائد، مبكراً لايقاظ وعي الأمة وتحصينها من عملية الاختراق والاستقطاب بقوله : “الشهيد القائد اتخذ خيار تحصين مجتمعنا المسلم من الداخل ورفع مستوى الوعي والدفع به إلى الموقف الجماهيري الواسع على أساس المشروع القرآني”.
وقدّم السيد عبد الملك الحوثي، بهذه المناسبة قراءة موضوعية لخلفيات تأسيس وانتشار المشروع القرآني وشرح أبعاد وأهداف شعار الصرخة باعتباره منهجاً عملياً يوجه الأمة في طريق مواجهة الأعداء وايجاد جيل واعٍ بدينه وأعدائه وعنواناً لبناء الأمة عسكرياً واقتصادياً، والنهوض بمشروع حضاري يُبنى على الهوية الإسلامية.
وتناول مجمل حقائق وتفاصيل ظروف انطلاق الصرخة، مستهلا ذلك بقوله : “عادة ما نتحدث عن الظروف التي أُعلنت فيها الصرخة وانطلق فيها المشروع القرآني على نحو إجمالي والاستهداف الشامل من قبل أمريكا وتحركها وحلفائها في احتلال أفغانستان واتجهت نحو العراق”.
ومن ضمن المعطيات التي أشار إليها السيد عبدالملك الحوثي، لظروف تلك المرحلة والتي شكلت تهديدا مباشرا لأبناء الأمة ومنطلقا للمشروع القرآني، ما دأبت عليه قوى الاستكبار في تحويل أحداث 11 سبتمبر، إلى ذريعة لاستهداف الأمة واحتلال كثير من البلدان تحت عنوان مكافحة الارهاب.
وقال : “تلك المرحلة الخطرة جداً، شمل التهديد لأمتنا ودينها ودنياها، ومصادرة كرامتها وحريتها واستقلالها وطمس هويتها وانتمائها وسعي الأعداء لتمكين عدوها الإسرائيلي بشكل كبير ليكون هو الوكيل المباشر في المنطقة للغرب وأمريكا ولإزاحة كل تهديد أو عائق من قبل الأعداء أمام سيطرتهم وحضورهم في المنطقة”.
وفي خضم هذه التحديات والمخاطر أوضح قائد الثورة قائلا : “لقد تحرك السيد حسين الحوثي بمشروعه القرآني المهم وعبّر عن توجهه بشعار يمثل موقفاً حكيماً ومدروساً ومفيداً أعلن الصرخة التي تتمثل بالشعار : الله أكبر .. الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على اليهود .. النصر للإسلام”.
وتجسيداً لصوابية التحرك والموقف والثبات التي اتخذها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي خياراً له في إعلان البراءة من أعداء الله، تحدث السيد عبدالملك عن ما حققه المشروع القرآني من انتشار واسع في مواجهة المؤامرات، قائلا : ” توجه الشهيد القائد بعد كل ما تعرض له من حروب ومؤامرات أصبح أقوى وأكثر حضوراً من أي وقت مضى”.
وتكمن أهمية ومفهوم الشعار، بما يمثله من خطوة عملية لمواجهة رأس الشر أمريكا واسرائيل كمشروع جامع لاستنهاض الأمة وتصحيح وضعها بالعودة إلى القرآن الكريم، وهذا ما أشار إليه السيد القائد بأن الشعار أتى لكسر حالة الصمت والسكوت التي أراد الآخرون فرضها على الأمة من الداخل في مقابل الهجمة الهائلة والشاملة من جانب أعداءها.
وقال : “إن شعار الصرخة يعبر عن سخط الأمة واحتجاجها وعدم تقبلها لما يفعله أعدائها وعدم سكوتها تجاه المؤامرات التي تستهدفها، وأول ما ينبغي تجاه ما يفعله الأعداء أن يكون لنا صوت وموقف نعبر فيه عن احتجاجنا ورفضنا لمؤامراتهم التي تستهدفنا كأمة مسلمة وأن يكون الصوت قوياً وواضحاً”.
وحول مدلولات هذا الشعار، أوضح بأنه براءة من أعداء الله والأمة وأعداء الإنسانية الذين يتحركون بشرهم وطغيانهم وجرائمهم من أعمال قتل وانتهاك للأعراض ونهب للثروات ونشر الضلال وطمس للهوية الإسلامية، ما يتطلب أن يكون هناك صوت للبراءة منهم وأفعالهم.
وعن أهميته أوضح السيد عبدالملك الحوثي، أن شعار الصرخة جاء للتصدي لثقافات ومفاهيم خطيرة يريد الأعداء ترسيخها في أوساط أبناء الأمة على الساحة الإسلامية والعربية، ومواجهتها وترسيخ ثقافة أصيلة معبرة عن الموقف الحق والوعي تجاه الأعداء ومؤامراتهم.
وفيما يتعلق بأهدافه العملية، أشار إلى أن الشعار يهدف إلى تحصين الساحة الداخلية لأبناء الأمة من الاختراق كنشاط تعبوي وتثقيفي واسع اتجه إلى مواقف وخطوات عملية مرسومة ومحددة تضمنتها الثقافة القرآنية وصحبه موقف آخر هو المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.
وبشأن حاجة الأمة إلى تعبئة بالحالة العدائية حتى لا تتقبل الأعداء وتوليهم وتقف في صفهم، أكد قائد الثورة أن إعلان هتاف البراءة من أعداء الله شعاراً للحرية والكرامة والإباء، معتبراً إحياء هذه المناسبة محطة تربوية لاستذكار الموقف الذي أطلقه السيد حسين بدر الدين في محاضرته المهمة “الصرخة في وجه المستكبرين” بتاريخ 17 يناير 2002م .
وعن بدايات ومراحل انطلاق وانتشار هذا الشعار، تحدث قائد الثورة عن التوجه الأمريكي آنذاك في تدمير واحتلال العديد من البلدان بمسميات مكافحة الإرهاب وما شكله هذا التحرك العدائي من حالة خطرة للأمة استوجبت حتمية الموقف للاعتبار الديني والمسئولية أمام الله تعالى.
وأوضح أن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي تحرك لمواجهة هذه المخاطر بمشروعه القرآني وعبر عنه توجهه في التصدي للهجمة العدائية ضد الأمة الإسلامية بشعار البراءة والصرخة في وجه المستكبرين .
ورداً على هذا التحرك والموقف الذي أعلنه السيد حسين الحوثي، أشار قائد الثورة إلى تدخل سفارة أمريكا في صنعاء والدفع بالسلطة لمواجهته والإشراف على عمليات الاعتقال التي قامت بها آنذاك لكل من يرفع الشعار رغم أن حراكهم كان سلمياً وقانونياً.
وتطرق إلى مرحلة ما بعد الاعتقالات التي نفذتها السلطة والأمريكيون بإعلان الخيار العسكري ضد السيد حسين بدرالدين الحوثي وتقديم الغطاء السياسي للسلطة في ارتكاب أبشع الجرائم خلال ست حروب للتنكيل بمن يتبنى موقف البراءة من أعداء الله ومنع من يعارض ويقف في وجه الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي ضد الأمة.
ورغم الانتهاكات وجرائم الحرب البشعة، أشار قائد الثورة، إلى فشل السلطة في الحصول على ما كانت تؤمله من سياسة استرضاء أمريكا وإسرائيل وهذه السياسة أثبتت فشلها وعاقبتها الحتمية وهي الخسران والندم لمن يسارع في موالاة أعداء الأمة.
وأكد أن الكثير من الحقائق تجلت حتى على مستوى الإقليم، حيث تتجه لموالاة إسرائيل والتحالف مع العدو والشراكة في كل شيء على المستويين السياسي والإعلامي والدعم الاقتصادي والسعي لاستغلال بعض العناوين الدينية، وقال : “تجلى الأثر الإيجابي في من يتبعون المشروع القرآني على مستوى الثبات والاستمرارية والثقة بالله ونصره”.
ووجه قائد الثورة العديد من الرسائل التي تضمنت تشخيصاً دقيقاً لواقع الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع حول تداعيات المشروع الأمريكي الصهيوني، وأهمية التحرر من الهيمنة والارتهان والعمالة وإفشال المخططات التآمرية على الأمة وتوحيد كلمتها وتوجيه الكراهية صوب أعدائها.
ومثلت القضية الفلسطينية عنصراً أساسياً في تناول قائد الثورة لمعطيات الأحداث، وما تنتهجه الأنظمة العميلة من خذلان للشعب الفلسطيني وتجاهل ما يحصل من جرائم يومية وتهديد الأقصى الشريف، محذراً من مخاطر المشروع الصهيوني الذي يتحرك بشكل كبير في الغرب ويظهر عدائه الشديد للإسلام في حرق المصاحف والإساءة لرسول لله وأعظم رموز المسلمين.
وبخصوص تصحيح مسار وضع الأمة ومواجهة الأنظمة العميلة التي تتبنى نفس الموقف الإسرائيلي المعادي للمجاهدين في فلسطين ولبنان والأمة، أكد قائد الثورة أهمية ترسيخ الانتماء للإسلام والتصدي لمؤامرات الأعداء والتوجه الصادق الذي ينسجم مع الانتماء الإسلامي ومصلحة الأمة ويحقق لها عزتها وفلاحها واستقلالها ويحصنها من أعدائها واختراقاتهم ويبنيها لتكون بمستوى الموقف القوي.
ونبه أبناء الأمة بالمسئوليات التي تقع على عاتقهم للتحرك واتخاذ مواقف جادة تجاه ما يفعله الأعداء وما يرتكبونه من جرائم بحقها، باعتبار أن المصلحة الحقيقية للأمة والتوجه الصحيح تجاه خطر شامل يستهدفها في كل المجالات بشكل عدائي في التصدي وفقاً للفطرة ولما أمر به القرآن الكريم.
وكالعادة تطرقت وسائل إعلام دولية بشكل واسع إلى ما تضمنته كلمة قائد الثورة من عناوين وموجهات بضرورة توحيد صف الأمة للوقوف ضد الكيان الصهيوني وتعزيز الوعي المجتمعي بالمخططات الأمريكية وخطوات مواجهة المؤامرة التي تستهدف الأمة العربية والاسلامية.
واتسمت كلمة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة ذكرى الصرخة بالرؤية العميقة تجاه واقع الأمة والاعتزاز بالشعار والثقة بنصر الله لعباده المستضعفين بقوله “الأمل بالنصر الموعود هو لعباد الله المستضعفين الأوفياء مع دينهم وأمتهم والثابتين على الحق الواضح والصحيح”.