متغيرات اقتصادية عالمية وأحداث دولية تؤثّر على القِيم السوقية للسلع والبضائع، وتشعل الأسواق الخارجية والداخلية على أساس أن ذلك يعود إلى آلية العرض والطلب وفي نفس الوقت اعتباره فرصة هدفها تحقيق أعلى المكاسب وأن السعر يميز البضاعة، وحرية الاختيار للمتسوق، إذاً فالمستهلك هو المستهدف وهو المتهم الملام إن اضطر للشراء بغالي الأثمان حين يجد الأسواق على شاكلة واحدة وكأنه اتفاق ضده، فلا حيلة له غير الدفع بالثمن الذي حدده الباعة، الذين يرددون مزاعم أن السوق العالمية تجبرهم على رفع الأسعار مهما كانت علاقة البضاعة بأي حدث دولي من بعيد أو قريب دون اكتراث بالأثر السلبي على قدرات المستهلك وأفراد المجتمع ككل ومن هنا يمكن طرح بعض الملاحظات حول تواصل ارتفاع أسعار الدجاج والبيض الذي اجتاح الأسواق المحلية والتي أصبحت أهم سلعة غذائية متاحة لأفراد المجتمع كونها شكلت ركيزة أساسية لا تخلو منها موائد الأسر التي أصبحت محدودة وشحيحة الدخل ومثلت أولوية لجأ إليها معظم الأفراد في كل الأوقات لتناولها ولسهولة تحضيرها وإعدادها وكخيار متاح باستمرار في ظل تلاشي كثير من الخيارات الغذائية الأخرى التي باتت بعيدة عن متناولهم
وبرر منتجو وبائعو الدجاج أسباب ارتفاع أسعارها مؤخراً إلى غلاء أعلاف الدواجن والتي تستورد من الخارج كالذرة والفول والصويا المستخدمة في علف الدواجن ، وشحنها من الخارج إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود وارتفاع مخاطر الأوبئة المنتشرة من تقلبات المناخ خلال فصول السنة وعدم توفر الغاز والمحروقات من وقت إلى آخر خلال هذه الفترة بمعنى أنها مرتبطة بارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج (الشحن والأعلاف والوقود) التي تتأثر بالأحداث العالمية مع تداخل عوامل طبيعية وأزمات مختلفة .
رغم أن مكافحة ارتفاع أسعار المستهلكين تعد الهاجس الأكبر وفي هذا المقام يمكن القول أيضا أن الطلب المستمر والمتزايد على لحوم الدواجن دفع أسعارها للارتفاع إضافة إلى ارتفاع أسعار الدواجن المبردة والمجمدة يعود لزيادة الطلب والسحب من قبل المطاعم لتقارب أسعاره مع دجاج المزارع، ونظراً لارتفاع أسعار معظم أنواع اللحوم الحمراء والأسماك فقد اتجه المستهلكون تحت الإضطرار نحو الدواجن الأمر الذي دفع إلى زيادة أسعارها وبما أنه لا توجد سقوق رسمية لأسعار الدواجن للكيلو الواحد كحد تحدده الجهة المختصة وهذا يعتبر ضرورة ماسة لسير السوق سيراً سلسا ومنطقياً وعادلا وإيجابيا إضافة إلى أن تحسن أسعار الصرف أدى ذلك كله إلى ظهور اختلالات سعرية تبدو إلى حد ما غير مبررة بشكل دقيق للمستجدات لهذه السلعة الأمر الذي يستلزم المزيد من مجهر المراقبة والمتابعة.
ولتجنب ومعالجة ذلك فإن خبرة التعامل مع المتغيرات التي تواجهها حركة إنتاج وتسويق وبيع الدجاج ومشتقاته كالبيض كانت شديدة وتقلباتها الأخيرة كانت مرتفعة نظراً لشدة حساسيتها تجاه المستهلك وذلك لتحديد هل هذه التغيرات أو الأحداث جوهرية بحيث تغير من تقييم قيمها وأنها حقيقية وعادلة أو أنها مجرد أحداث طارئة ينتهي تأثيرها سريعاً دون تغيير بالاتجاه المتوسط والبعيد المدى ومع ذلك يجب التفريق بين مسببات ما يحدث من وقت لآخركما يجب العمل على تكثيف زراعة مدخلات إنتاج الدواجن محليا والاعتماد عليها من خلال تشجيع وتسهيل الاستثمار فيها لتكون أداة فاعلة إضافة إلى أن أحد الحلول هو بيد المستهلك وذلك بضبط وتقنين استهلاكه وكبح الاندفاع الشرائي بقدر الإمكان.
باحث في وزارة المالية