عدم توفر الغاز يهدد الغطاء النباتي

م/ وليد الحدي

 

تُعتبر النباتات الخضراء والأشجار إحدى مكونات الغطاء النباتي الذي يُشكِّل المصدر الرئيس للأُكسجين اللازم لعملية التنفُّس، والمسؤولة عن امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون السّام بالنسبة للإنسان، حيث تُزوِّد غابات الأمازون سكان كوكب الأرض بما يُعادل ٢٠% من الأكسجين اللازم لعملية التنفس، وتمتَص ما يُقارب ٩٠-١٤٠ مليار طن من ثاني أكسيد الكربون.
للغِطاء النّباتي أهمية في كبح عملية التصحُّر الناتج عن زحف الكُثبان الرملية باتجاه المدن، حيث يمنع حدوث ظاهرتي الانجراف والتَّعرية للتُّربة والتَّضاريس، ويُعتبر القاعدة الأساسية في الهرم الغذائي لجميع الكائنات الحيَّة، وهو المسؤول عن تنظيف الجو من الغازات السامة، والمحافظة على استقرار درجة الحرارة المناسبة للحياة، وتنظيم حركة الرياح والسُّحب والأمطار وتوزيعها على سطح الأرض، وتقليص الفوارق بين الليل والنهار، وكذلك المحافظة على الرطوبة و دورة المياه في التربة وجلب الأمطار، بالإضافة إلى توفير الموارد الطبيعية للإنسان وخدمات التَّصنيع والمواد الأولية، ناهيك عن المناظر الجميلة التي يُضفيها ذلك الغطاء على الطبيعة.
في الآونة الأخيرة ازداد القطع الجائر للأشجار بشكل لافت للنظر، عزَّزَ من ذلك نقص مادة الغاز المنزلي ممّا دفع بكثير من السُّكان في الأرياف إلى الاعتماد على حرق الأشجار للحصول على الوقود اللازم لطَهي الطَّعام، بالإضافة إلى اعتماد كثير من الأفران والمخابز بشكل شبه كُلّي على هذا النوع من الوقود، فلا تكاد تمُر من مخبز إلا وتجد أمامه كوماً كبيراً من الأخشاب المقطَّعة بمُعدَّل شجرة تقريباً كل يوم، أضف إلى ذلك ازدياد عدد مصدّري مادة الفحم إلى دول الجوار بدافع الأرباح الكبيرة، وهذا يأتي أيضاً على حساب الغطاء النباتي، وللقارئ أن يتخيَّل مئات الأفران والمخابز وبعض المطاعم وهي تستهلك ذلك الكم الهائل من الحطب، وكم عدد الأشجار التي يتم حرقها ونخسرها بشكل يومي، متسبِّبةً بأدخِنة تضُر بصحة البيئة وسلامة المُستهلِك، الأمر الذي يتهدَّد الغطاء النباتي بالانقراض اذا استمر الوضع على هذا المنوال، ما سيترتَّب عليه قطعاً خلل في التوازن البيئي والتأثير على صحة المستهلك من ناحية الانبعاثات الغازية السّامة إذا لم يتم الحد من ذلك القطع الجائر .
النَّقص الحاد في كميّات الغاز المنزلي بسبب حصار تحالُف العُدوان لناقلات الغاز المُستورد، وبسبب نهب الغاز المحلي من قبل شركة توتال الفرنسية وشركائها انعكس سلباً على أسعارِه ووفرتِه، فلا تَكاد تصِل تلك الحُصص إلى المواطن في جزء كبير من مناطق الجمهورية إلا بسعر مرتفع وبشق الأنفُس، رُغم توفُّر كميات من الغاز المنزلي تكفي لتغطية الطلب المحلي والتصدير للخارج، وهو ما يتسبب في إِحداث تلك المشكلة.
لذا، على الحكومة العمل على توعية المواطن بخطورة المساس بالغطاء النباتي، وإعطاء الأولوية لتوفير مادة الغاز للأفران، وسَنْ التشريعات التي تُجرِّم المساس بالأشجار، مع منع استخدام هذا النوع من الوقود ومُعاقبة الأفران المخالفة كوْنها تستنزف ثروة قومية الإضرار بها سيؤدي إلى الإِضرار بالبيئة، وكذلك منع تصدير الفحم إلا بكميّات محدودة، وعلى الشعب اليمني بكافة أطيافِه العمل بشتّى الوسائل لإلغاء اتفاقية نهْب الغاز اليمني الذي تستفيد منه شركة توتال وشركاؤها حتى وإن تطلب ذلك استخدام القوَّة .
*رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي

قد يعجبك ايضا