سبعة أعوام مرت والعدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي مستمر على شعبنا، سبعة أعوام والغارات تُشَنُ على شعبنا، والجرائم تُرتَكب، والمجازر قائمة على قدم وساق، في كل محافظات اليمن الحرة، سبعة أعوام لم تسلم فيها منطقة يمنية، ولم يسلم فيها فرد يمني من العدوان بالجرائم أو بالحصار، سبعة أعوام شُنت فيها أكثر من 270 ألف غارة على اليمن، خلّفت أبشع الجرائم التي فاق فيها العدوان كل فراعنة الزمان وقساة القلوب، وتجاوز كل القيم والأخلاق والأعراف والقوانين، وخَسِرَ كل المجرمين عبر التاريخ رصيد إجرامهم أمام إجرام هذا العدوان، وانكشفت عورة كل المتشدقين بالإنسانية والحقوق والحريات، ونُزع الغطاء عن الحضارة الغربية وأوليائها التي تقوم على قتل وتجويع وترويع شعوب بأكملها، سبعة أعوام لم يسلم في اليمن منها الرجال ولا النساء ولا الأطفال ولا الحيوانات، لم تسلم فيها الأعراس ولا مناسبات العزاء ولا مخيمات النازحين ولا الأسواق ولا المساجد والمدارس والجامعات، ولا المستشفيات والمرافق الصحية، ولا الطرقات والجسور، ولا محطات الوقود ومحطات الكهرباء وآبار وشبكات المياه والاتصالات والسجون والمعالم الأثرية والأسواق والمصانع والمخازن، ولم تسلم فيها مزارع الحبوب والخضروات والفواكه، ومزارع الأبقار والأغنام والخيول والدجاج، ولم تسلم فيها حتى دار رعاية المكفوفين ولاحتى المقابر، وحشدوا علينا المرتزقة من كل أصقاع الأرض.
سبعة أعوام قتلوا فيها الآلاف من اليمنيين، بلا حرمة ولا ضمير ولا رقابة، قتلوا الآلاف من الأطفال والنساء، واحترقت كل أقنعة المنظمات التي تدّعي الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة، ومنعوا مئات الأصناف من المواد المستوردة من الدخول، ومنعوا دخول الأجهزة الطبية والأدوية، ومنعوا آلاف المرضى من الخروج للعلاج، وأغلقوا الموانئ والمطارات، وحاصروا الملايين ومنعوا عنهم الغذاء والدواء والوقود، ولو استطاعوا منع الهواء لمنعوه؛ فهو عدوان أُعلن من أمريكا، ورأسه المدبر له هي أمريكا، وقلبه النابض ومشاعره المتدفقة بالحقد والإجرام هي إسرائيل، وأقدامه وأياديه هم الأعراب، وأذنابه مرتزقة باعوا الدين والوطن وباعوا الغيرة والعزة في أسواق النخاسة، وأصبحوا عبيد العبيد، وما هي جريمة هذا الشعب؟ وما هو الذنب الذي ارتكبه شعب الإيمان حتى يفعل به المجرمون ذلك؟ ولماذا كل هذا الحقد والإجرام؟
لأننا فقط كفرنا بأمريكا، وآمنا بالله واستمسكنا بعروته الوثقى، ورفضنا أمريكا، وخضعنا لله، جريمتنا أننا لا نؤمن بأمريكا وطغيانها، ولا نؤمن بوجود سرطان في جسد الأمة اسمه إسرائيل، جريمتنا أننا نلتزم بتوجيهات الله وحده، وأننا نرى أنفسنا عبيداً له وحده، ونرفض العبودية لطواغيت الأرض، جريمتنا أننا نرفض التخلي عن المقدسات الإسلامية، ونرفض أن نخون فلسطين والأقصى، ونرفض التطبيع والتطويع، ونرفض التخلي عن قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا وثوابتنا الإسلامية.
جريمتنا شرف وفخر لنا، وما دمنا في رضا الله فلا خوف ولا قلق ،وسنبقى أكثر ارتباطاً وولاءً لله ورسوله ولأهل بيته، ستبقى ثقافتنا وسلوكنا ومواقفنا قرآنية نبوية، وسنزداد تمسكاً بذلك، ولذلك صمدنا ونحن الحفاة المستضعفون؛ لأن سندنا وعوننا الله بقوته وجبروته وشدة بطشه، وقد أوهن كيدهم، ونكَّسَ كل كبريائهم، وكان عون الله وقوته سر صمودنا، وكان سر صمودنا الثاني: أن هيأ الله لنا ولياً من أوليائه يقودنا لمواجهة المجرمين، قيادة حكيمة، تشد الشعب دائماً إلى الله، وتربيه على الثبات وتمنحه مفاتيح النصر على المعتدين، وتبيِّن له أسباب النصر والفلاح، والخير والرشاد، وكان العامل الثالث للصمود: هو الشعب العظيم الذي التف حول قيادته القرآنية، وارتبط بها كما ارتبط الأنصار برسول الله صلوات الله عليه وآله، وكان العامل الرابع: هم الشهداء وتضحياتهم، الذين تصدوا للمعتدين وبذلوا أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل الله، وثمناً لحرية وكرامة شعبهم، وكذا تضحيات وآلام الجرحى، الشهداء الأحياء ومعاناتهم، وكذا المرابطون في سبيل الله ولا زالوا جبال الرجال، على مدى سبعة أعوام وقفوا أمام ترسانة العدو وزحوفه، ينافسون الجبال في ثباتها وصلابتها، ويسطرون دروساً للأجيال عن مخرجات القرآن وقرناء القرآن، وأن الإسلام المحمدي لا يقبل الهزيمة ولا التراجع؛ فكانوا ولا زالوا مدارس الوفاء في زمن الغدر، والصبر في زمن الجزع، عرفوا الله حق معرفته؛ فكانوا سوط عذابه على الظالمين، وأضحوا أمل المستضعفين، وكان من عوامل صمود شعبنا أيضاً أسر الشهداء وأسر الجرحى والمرابطين، الذين صبروا رغم كل المعاناة، وضحوا ليبقى الدين عزيزاً، ويبقى الشعب عزيزاً، وكان من عوامل الصمود صبر الموظفين الذين عمل العدو على قطع موارد البنك ونقله من صنعاء ليقطع مرتباتهم؛ فصبروا هم وأسرهم صبراً كبيراً على كل المعاناة والحاجة، وبقي صمودهم وثباتهم في أعمالهم شاهداً على هويتهم الإيمانية، وكان من عامل الصمود أيضاً هم تماسك الجبهة الداخلية التي حاول العدو اختراقها وتفكيكها بكل وسيلة ولكنه خاب وخسر، وفشلت خططهم التي رسموها لاحتلال شعبنا، وأكبر دليل على فشلها أنها امتدت من أسبوع – حسب تقديراتهم – إلى سبع سنوات، حسب إرادة الله ولم ينجحوا، واستخدموا كل ما بأيديهم من تكنولوجيا مادية فلم تفلح في تركيع شعب أعد ما استطاع وتوكل على الله.
وتحقق على مدى سبع سنوات من التقدمات العسكرية – بفضل لله – ما أذهل العالم؛ ونفذ مجاهدونا أكثر من 13 ألف عملية منها : نصر من الله والبنيان المرصوص وأمكن منهم والبأس الشديد وعمليات النصر المبين، والبأس الشديد، وفجر الحرية والانتصار والصحراء وغيرها من العمليات، وقُتل من الغزاة ومرتزقتهم الآلاف، وتم إحراق وإعطاب أكثر من 17 ألف آلية عسكرية للعدو، واغتنام المئات، وأثمر صمود شعبنا تطوراً صناعياً، حوَّل اليمن من مستورد لكل ما يحتاجه إلى شعب يصنع ما يحتاجه من أسلحة يدافع به عن نفسه، ويكسر غرور المستكبرين، ويتحول الشعب اليمني من مستورد لإبرة الخياطة إلى مصنِّع للصاروخ البالستي والمجنح والطيران المسير ومختلف أنواع الأسلحة، وأصبحت ضربات القوة الصاروخية والطيران المسير تطال العدو في عمقه، وتحول اليمن من لقمة سائغة حسب تقديرات العدو في بداية العدوان إلى لقمة غص بها من حاول ابتلاعها، وصخرة تحطمت عليها كل هيبة سلاحهم وعتادهم، وأصبحت عمليات الردع وكسر الحصار تطال المعتدين ومنشآتهم الحساسة على بعد آلاف الكيلومترات في عمق بلدانهم.
الكبار يرحلون والصغار يتابعون