يحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى المشؤومة لنكبة الأمتين العربية والإسلامية في 15 مايو 1948م، تاريخ سقوط فلسطين العزيزة بيد الكيان الصهيوني، ومنذ تلك الفترة التاريخية وحتى اللحظة الراهنة انقضت سبعة عقود ونيف على احتلال إسرائيل لفلسطين شهدت خلالها القضية الفلسطينية تحولات ومنعطفات خطيرة خصوصاً بعد هزيمة الجيوش العربية وما نتج عن ذلك من اعتراف العالم بالكيان الصهيوني، ناهيك عن الدعم العسكري والمادي للكيان المحتل الذي خاض حروباً عدة ضد الأقطار العربية عقب إنشائه بسنوات كان أبرزها عدوان 5 حزيران 1967م وما نتج عن ذلك من احتلال لهضبة سيناء المصرية والجولان السورية وأجزاء من الأردن ثم التوسع داخل فلسطين المحتلة، لتأتي الذكرى التاريخية المشؤومة لنكبة 48م في ظل استمرار علم الأمتين العربية والإسلامية غارقاً في أو حال القدس، وليس ذلك فحسب، بل في ظل الحديث المكرر عن مفاوضات السلام الوهمي والمباحثات العقيمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
فمنذ أكثر من سبعين عاماً على وقوع النكبة عمد الكيان الصهيوني إلى التوسع في المشروع الاستيطاني على حساب حقوق وممتلكات الشعب الفلسطيني، كما استفاد من زمن السلام المزعوم والمفاوضات التي كانت كلها لصالحه فظل وما يزال متمسكاً بمشروعه الاستيطاني غير ملتزم بما جرى التوصل إليه في المباحثات الثنائية مع طرف السلطة الفلسطينية وغير آبه بالقرارات والشرعية الدولية التي تقف حتى اليوم عاجزة عن إلزام إسرائيل بتنفيذ أي من قراراتها.
وقد أظهرت التجارب المنبثقة عن جولات التفاوض الماضية فشل السلام الذي لا تريده إسرائيل إلا سلاما لمصلحتها ولتعزيز أمنها واستقرارها لكي تستكمل تصفية القضية الفلسطينية وتغييب دورها داخل فلسطين وخارجها وفي المحافل الدولية تحديداً، في ظل صمت مريب من قبل الأسرة الدولية لاسيما أعضاء مجلس الأمن والهيئة العامة للأمم المتحدة الذين يظهرون تعاطفا شكليا مع القضية الفلسطينية وخصوصا السياستين الأوروبية والأميركية، فيما ينحازون إلى طرف الاحتلال ويدعمون مشروعية وجوده على حساب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.
وهو ما يتطلب – لاسيما في المرحلة الراهنة واستشعارا لذكرى نكبة 48م المؤلمة – أن تعي القوى الوطنية الفلسطينية خطورة الوضع الراهن وما تمر به القضية من تحديات داخلية وخارجية وتطور آليات العمل المتعلقة أولا وقبل كل شيء بالعام الفلسطيني – الفلسطيني كخطوة أولى توجب أن يكون هناك تحقيق لأعلى قدر ممكن من التضامن والتلاحم في الوحدة الوطنية من خلال إيجاد مسار سلام وطني يرتقي بمستوى المصالحة الوطنية إلى مرحلة أوسع وأشمل تضم كل فصائل المقاومة من أجل بناء كتلة تاريخية جديدة تعيد النظر في كافة الوسائل والأدوات السياسية القائمة، على اعتبار أن تعثر العملية السلمية والمفاوضات يرجع بدرجة أساسية إلى تعنت الكيان الصهيوني بسبب الانقسام الموجود داخل الصف الوطني الفلسطيني الأمر الذي يتوجب معه إنهاء ذلك الانقسام وإعطاء أولوية لمشروع المقاومة كرهان ينبثق من إرادة الشعب الفلسطيني ووحدته الوطنية.