بداية عيد مبارك وكل عام والجميع في أتم السعادة..
محزن جدا أن نبدأ حديثنا عقب أيام العيد بالكتابة عن الأحزان والألم والمعاناة، كما أنه من المخجل جدا أن نتحدث عن وزارة تتخلى وتتنصل عن واجباتها تجاه كادر من كوادرها وبطل من أبطالها ولم تتحرك أو تقدم له شيئاً ولو بالقدر اليسير كأقل واجب نحوه وبقية منتسبيها.
أما مخزي المخزيات فهو أن يقوم المستشفى فاقد الإنسانية والأخلاق والضمير باحتجاز جثث الموتى مقابل أموال هي في الأساس غير مستحقة لأنها لم تقدم لهذا المريض طوال شهور من المعاناة والمرض الذي أصبح جثة في نهاية المطاف، أي شيء تم لإنقاذ حياته سوى رصد الأموال من وراء إجراء الفحوصات وزيارة الطبيب وقيمة الأدوية وإيجار غرفة الرقود؟ ليتم في الأخير حجز الجثة لإجبار أسرة المتوفى على دفع تلك المبالغ التي نهبت ورصدت دون وجه حق إلا لامتصاص المريض واستغلال معاناته المرضية، وهذا الأمر يعود إلى وزارة الصحة التي تركت لهذه المستشفيات الحبل على الغارب وبدون حسيب أو رقيب أو مساءلة تجاه هكذا تصرفات لا إنسانية.
يوم الخميس الفائت ووري جثمان الكابتن نادر الصمدي بطل اليمن والعرب في لعبة البلياردو والذي أصيب في حادث مروري قبل شهرين تقريبا، وترك طوال هذه الفترة للقدر الذي اختاره إلى جوار ربه خلال أيام العيد، لتظل جثته مرهونة لدى المستشفى مقابل مبلغ باقي العلاج.
قصة الكابتن الصمدي محزنة لكل المواطنين والرياضيين على وجه الخصوص لأنه كان بطلا رياضيا رفع اسم اليمن عاليا كبطل للعبة البلياردو على مستوى اليمن والعرب، لكن هذا الإنجاز الرياضي لم يشفع له لتبادر وزارة الشباب والرياضة وصندوق النشء واتحاد البلياردو للوقوف إلى جانبه وتقديم المساعدة المطلوبة وتحمل تكاليف العلاج ومصاريف متابعة حالته في المستشفى، خذلوه جميعا حتى انتقل إلى بارئه، رغم أن ما يمكن تقديمه له منهم ليس منة أو صدقة بل حق من حقوقه وحقوق أي رياضي ينتسب إلى هذا القطاع -قطاع الشباب والرياضة- ومع ذلك ترك وحيدا، حتى أن المستشفى تمادى واحتجز جثته حتى يتم دفع المبلغ المتبقي من تكاليف العلاج.
لم تقف معاناة الكابتن الصمدي مريضا وميتا عند هذا الحد بل إن المصيبة والأدهى والأمر أنه بعد مناشدات الرياضيين وضجيج وسائل التواصل الاجتماعي الذي لم يحرك مشاعر المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة وصندوقها المتخم بمليارات الريالات، بالمطالبة بسرعة الإفراج عن جثته قامت هيئة الزكاة بدفع المبلغ المتبقي على اللاعب الصمدي لإخراج جثته المحتجزة بدلا عن وزارة الشباب، وهذا التصرف والتعامي من قبل الصندوق والوزارة إنما هو والله العيب الأسود على وزارة الشباب والرياضة وصندوق النشء والشباب أن يتركا الرياضيين لجهات أخرى دونهما لتقوم بواجباتهما وهما الجهتان المعنيتان بذلك.
المشكلة أننا كرياضيين وشباب لا نعلم أين تذهب تلك المليارات التي يتحصلها صندوق الشباب باسم الرياضيين والشباب والتي تصل إلى نحو 12 مليار ريال وهم لا يحصلون منها على فلس واحد مقابل هذا الاسم والسمعة، بينما توزع أمواله شذر مذر ولمن هب ودب، والشباب محرومون وهم في أمس الحاجة إلى هذه الأموال والمساعدات كما هو حال الكابتن الصمدي ومثله الكثير من الرياضيين والشباب وكوادر الوزارة، وهنا أكرر ما قلته آنفا والله إنه العيب الأسود إن كنتم تعرفون العيب الأسود في هكذا معاملة مع الرياضيين والشباب.
أتمنى على معالي وزير الشباب والرياضة أن يوجه بتوفير مبلغ من تلك الإيرادات الخاصة بصندوق النشء والشباب لمساعدة الشباب والرياضيين والأبطال ونجوم اليمن الذين يتعرضون لحالات طارئة كما هي حالة الكابتن نادر الصمدي وأيضا لمساعدة الرياضيين القدامى الذين يعانون الأمرين في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد والشعب نتيجة الحرب والعدوان وحتى لا تقع الوزارة وصندوقها في مثل هذه الإحراجات إن كان لها ضمير أو وجه أو قليل من الحياء والتحرج من أن تقوم جهة ما مثل هيئة الزكاة بدفع تكاليف علاج لاعب رياضي وتغيب أو تتغيب الوزارة وصندوقها عن تحمل هذه المسؤولية المفترض قيامها بها.
معالي الوزير، قطاع الشباب والرياضة قطاع واسع والمنتسبون إليه كثيرون جدا، وإذا لم تكن من أولى الأولويات الاهتمام بالشباب والرياضة وكوادرها، فلماذا أنشئت الوزارة أصلا وهي المعنية -الوزارة والقائمون عليها- بهذا القطاع؟ !! ولماذا أيضا تم إنشاء صندوق النشء والشباب إذا لم يقم بهذا الدور الذي تم إنشاؤه لأجلهم ودعم أنشطتهم وتوفير البنية التحتية لهم ومساعدتهم وتمويل الفعاليات الرياضية بكل أنواعها؟
في الأخير أتمنى أن تكون هذه الرسالة قد وصلت، وهي في الأساس نصيحة وليست رسالة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وتدرس لما فيه مصلحة الشباب والرياضة وما يخدم الحركة الرياضية والوزارة ويقيها ويبعدكم عن مثل هذه الوقعات والإحراجات وتحسب لكم كمبادرة إنسانية وأخلاقية يمتدحكم عليها كل الرياضيين والشباب والأجيال في حال اعتمدت مبالغ للحالات الطارئة.
هذا ما أردت إيصاله إليكم، وأنا على ثقة بأن ما طرحته سيلقى تجاوبا واهتماما من قبلكم، والله من وراء القصد، والرحمة والخلود والغفران لفقيدنا الراحل البطل الكابتن نادر الصمدي، والصبر والسلوان لأهله ومحبيه.