ليس هنالك ما يدعو للتفاؤل – في عالم متوحٍّش تحكمه شريعة الغاب “الدولة القوية فيه تلتهم الدولة الضعيفة” – أكثر من أن تجد وطنك وبلدك الذي تنتمي إليه وتعيش بين جوانحه وقد امتلك من الإمكانيات والقدرات العسكرية الدفاعية والهجومية، ما يمكِّنه من الدفاع عن كرامته وسيادته وصون مكتسباته من سطوة الِّلصوص وناهبي ثروات الشعوب، والذّود عن حياض الوطن ودفع كيد الكائدين ومكر الماكرين، وتلقين الغزاة المعتدين دروساً لن ينسوها في حال تجرَّأوا على الاعتداء عليه أو الاقتراب من موانئه وحدوده الجغرافية، ويزداد هذا التفاؤل لديك كمواطن يمني ينتمي إلى يمن الإيمان والحكمة – الذي برغم ما تعرَّض ويتعرَّض له وطنك الحبيب أرضاً وإنساناً ومقدرات من عدوان ظالم وحصار جائر على مدى أكثر من سبع سنوات- لأن اليمن أصبح يمتلك قيادةً حكيمة وشجاعة وجيشاً يزداد قوةً وبأساً من هذا الشعب العظيم الذي يأبى الذل والخنوع للأعداء مهما كانت قوتهم وجبروتهم، ولديه من الإرادة والعزيمة والصبر والجَلَد في تحمل الأعباء والمعاناة والأخطار والمحن، بل ولديه من الحكمة والثقافة الإيمانية المتوارثة والمعزَّزة –راهناً- بثقافة المسيرة القرآنية العظيمة التي أرسى مداميكها الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي –سلام الله عليه-، ما يؤهله للصمود والثبات في مواجهة العدوان والحصار عاماً تلو آخر حتى لو استمر في ذلك إلى يوم القيامة، بل وبما يمكِّنه من إفشال مخططات الأعداء ومؤامراتهم الخبيثة .
وأكثر ما يسرَّك ويسعدك –كيمني حر بل وكعربي ومسلم أيضاً- أن تجد القلق والانزعاج والتّوتِّر لدى قادة وجنرالات الكيان الإسرائيلي المحتل على أوجِّه هذه الأيام، جرَّاء التنامي المتسارع للقدرات العسكرية للجيش اليمني واللجان الشعبية، والتي تتطوَّر بصورة مستمرة برغم ما يتعرَّض له اليمن أرضاً وإنساناً من عدوان وحصار بري وبحري وجوي وحرب اقتصادية ممنهجة على مدى أكثر من سبع سنوات، ويتَّضح ذلك جليَّاً على ألسنة الصحفيين والمحللين السياسيين الصهاينة، بمن في ذلك قادة الكيان الصهيوني، الذين صاروا يتذمَّرون باستمرار وأمام الملأ من هذا التنامي والتطور العسكري اليمني المتسارع، بل ويطلقون التنبيهات والاحتِمالات بإقدام من يسمّونها قوّات “أنصار الله” اليمني على شنّ هجماتٍ صاروخيّة مُفاجئة على أهداف في العُمق الإسرائيلي.
أحد المحلِّلين الصهاينة أثناء سرده المخاوف الإسرائيلية من تنامي “القوة العسكرية الصاعدة في جنوب شبه الجزيرة العربية ومضيق باب المندب وما تمثله من خطر وتهديد لإسرائيل”، أشار في سياق حديثه إلى أن المُقاتل اليمني يتميّز عن غيره بشراسته وشجاعته في القِتال ونَفَسِه الطّويل وقُدرته على التحمّل، وهذا ما يُفَسِّر صُموده لأكثر من سبع سنوات في الحرب التي شنّها ضدّه التّحالف الخليجي بقيادة السعوديّة، وتغيير قواعد الاشتِباك لصالحه، واستِجداء خُصومه للوِساطات لإنهاء هذه الحرب ووقف القِتال، وتقديم عُروض ماليّة وسياسيّة واقتصاديّة مُغرية جدًّا في المُقابل”، حسب تعبيره.
إلى جانب المخاوف الصهيونية إزاء تطوّر القُدرات العسكرية لجيشنا اليمني ولجانه الشعبية بسرعةٍ فائقة في السّنوات الأخيرة، فإن ما يُثير هلع ورُعب قادة الجيش الإسرائيلي – بحسب بعض المحللين الإسرائيليين – هو “أن القِيادة السياسية لمن أسموهم “الانقلابين الحوثيين” في اليمن، على عكس مُعظم نظيراتها في المنطقة العربيّة، تتمتّع بعقيدةٍ إسلاميّة قويّة وراسخة وثقة وقدرة عالية في اتّخاذ قرار الحرب وإدارتها بكفاءة عالية، وتعبئة الملايين من المُقاتلين خلفها”، مُضافًا إلى ذلك – والحديث هنا لا يزال للمحللين الإسرائيليين- أنّ “20 مِليون يمني استطاعوا التّعايش مع ظروف الحرب التي يخوضها التحالف العسكري العربي الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن واستطاعوا الصمود في وجهه لأكثر من سبع سنوات ولم يَعُد القصف الجوّي يُرعِبهُم ، بل استطاعت هذه القوات إحراج التحالف السعودي الإماراتي أمام العالم، نظراً لحجم التداعيات والأضرار والخسائر التي تتعرَّض لها المطارات والمنشآت الاقتصادية السعودية الحيوية والحسَّاسة، جرَّاء تعرضها للضرب والاستهداف بالصواريخ والطائرات المسيَّرة التي يتم إطلاقها من اليمن باتجاه الأراضي السعودية “، فضلاً عن ” امتلاك الجيش واللجان ترسانةً ضخمةً من الصّواريخ الباليستيّة الدّقيقة والطّائرات المُسيّرة والكفاءات عالية المُستوى القادرة على استِخدامها، وشاهدنا هذه الصّواريخ والمُسيَّرات تَصِل إلى الرياض وجدّة وعصب الصّناعة النفطيّة السعوديّة في بقيق والظّهران وينبع، علاوةً على خميس مشيط وجازان والضربات العسكرية الصاروخية الدقيقة والمؤثِّرة التي تتعرض لها باستمرار المنشآت الاقتصادية التابعة لشركة أرامكو في مختلف المدن والمناطق السعودية”.
Prev Post
Next Post