لقد بات من الضروري شرعاً إحياء يوم القدس العالمي، والتصدي والوقوف بوجه جميع المخططات الإسرائيلية، الرامية إلى التوسع في دولتها العبرية من النيل إلى الفرات ، والرامية -أيضاً- إلى طمس المعالم الإسلامية، وتهويد الشعوب العربية والإسلامية، من خلال نشرها للثقافات المنحرفة، التي تتعارض مع التعاليم الإسلامية، وما هذا الفكر التكفيري المتطرف إلا امتداد للثقافات اليهودية.
وقد بين هذه الحقيقة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائلاً : «ما يحدث ليس له علاقة بالنفوذ الإيراني، لأن الشر في هذه المنطقة هو إسرائيل، والخطر التكفيري أمتداد لها …، وقال – حفظه الله – : إسرائيل دفعت النظام السعودي إلى أن يرتكب جرائمَ في اليمن أفضع من التي ارتكبتها هي…»
إذن عدونا هو الكيان الإسرائيلي، ومن يقتل الشعب الفلسطيني هو من يقتل الشعب اليمني، فلابد من التحرك الجاد في توجيه بوصلة الأمة الإسلامية وجميع الدول العربية وجميع الضمائر الحية إلى العدو الحقيقي والرئيسي للأمة الإسلامية، ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب، وعلى الأمة الإسلامية أن تضع صراعاتها جانباً وتكثف جهودها ضد الكيان المجرم إسرائيل، التي تمثل العدو الأول للإسلام وللمسلمين، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالجهاد في أكثر من آية، قال تعالى: {انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة : 41].
إن إحياء يوم القدس العالمي بالمظاهرات والمَسيرات، والتي تندد بهذا الكيان المحتل، لهو يُعد نوعا من أنواع الجهاد، فخروج الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى الساحات وإلى الشوراع ورفعهم لليافطات المعبرة عن تنديدهم بالعدوان الإسرائيلي على الشعبين الفلسطيني واليمني، وصراخهم بأن إسرائيل عدوة الشعوب، إن كل ذلك يُعد جهاداً عظيماً، بل وإن تعرضهم لحر الشمس والتعب والمشقة، لهم بذلك أجر كبير.
قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[التوبة :120].
« كل ما يصيبهم في جهادهم من أذى وإن قل ومن إيذاء وإن صغر فهو عمل صالح لهم به أكبر الأجر. (1)
إذن : إن كل ما يُصيب المتظاهرين في مسيراتهم لإحياء يوم القدس العالمي من ظمأ بسبب حر الشمس ، ونصب لكثرة المشي ومجاعة لقلة الزاد في سبيل الله لنصرة المستضعفين وإغاظة الكافرين وإعلاء كلمة رب العالمين فإنهم يثابون بالأجر العظيم والفضل العميم.
وقال تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}[النساء : 148].
(« إلا من ظلم» اسثتناء منقطع أي لكن من ظلم لا بأس بأن يجهر بالسوء من القول فيمن ظلمه من حيث ظلم ، وهذه هي القرينة على أنه إنما يجوز له الجهر بالسوء من القول يبين فيه ما ظلمه ويظهر مساوئه التي فيه مما ظلمه به») (2)
فهذه المسيرات في يوم القدس العالمي والتي يعبر فيها الناس عن جرائم بني صهيون وبني سعود وذكر مساوئهم وشتمهم لهم وو… الخ، كل ذلك يعد من مصاديق الآية السابقة.
إن إحياء الشعوب ليوم القدس العالمي وخروجهم للشوارع والساحات يُعد انتصاراً على الأعداء لأن ذلك يغيظهم{ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ } لعلمهم بما له من أبعاد ونتائج سلبية عليهم .
أيضاً فيه إعلان البراءة من أعداء الله واستجابة لأمر الله تعالى بعدم موالاتهم قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ }[الممتحنة :13]، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة :51].