حجارة الأقصى .. وأبطال أوروبا

د. محمد النظاري

 

د. محمد النظاري

الأولويات في حياة الشباب… أي الأهم فالمهم فالأقل منها أهمية،…….الخ.. هكذا يفترض أن يكون ترتيب كل ما يقوم به الشباب، حتى يكون لحياتهم فائدة، ولا فائدة في حياة تكون الأولويات فيها لما ليس فيه أهمية، سواء للفرد أو المجتمع أو الوطن أو الأمة.
لا يخفى علينا جميعا ما يقوم به جنود العدو الصهيوني من تدنيس لمقدساتنا (الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) وما يرافق ذلك من ضرب للشيوخ الركع فيه، ومن انتهاكات لكرامة المرأة، أما الشباب المقاوم بالحجارة، فيتم رميهم بالرصاص الحي، ومن نجا منهم، فالسجون مصيره والتعذيب فيها بابشع الطرق.
شتان بين شباب فلسطين المرابط حول مقدسات الأمة والمجاهد بحجارته، وبين شباب الآمنين العربية والفلسطينية، الذين تركوا حتى الاهتمام بقضية الأمة المركزية (فلسطين) وتسمروا أمام الشاشات لمشاهدة مباريات دوري أمم أوروبا.
وهنا لا أقول بحرمة الاستمتاع بمشاهدة مباريات تلك البطولة، ولكن أن وضعنا البطولتين (الأقصى وأمم أوروبا) في ميزان الأولويات، فنحن كمسلمين وعرب، ينبغي أن تكون بطولة الأقصى وأبطالها هم الأولوية، على حساب أية بطولة أخرى ولو كانت دوري أبطال أوروبا للأندية.
للأسف الشديد بعدما خذلنا الأقصى الشريف، ليس فقط بأننا لم نحدث أنفسنا مجرد حديث بالمرابطة فيه والدفاع عنه، فئة كبيرة من شباب الأمة، أدارت ظهرها لذلك الجهاد المقدس، بل وتسارع لتغيير قناة التلفزيون إن هي أظهرت تلك المشاهد البطولية للفلسطينيين، مقابل الخزي والعار على الصهاينة المدججين بأنواع الأسلحة.
إن كانت أنظار شباب العالم تتجه نحو كأس أمم أوروبا، فينبغي علينا أن تتجه أنظارنا نحو بطولة حجارة الأقصى التي كسرت هيمنة الغزاة المتكبرين، الذين لم يكتفوا فقط بأن يكون السلاح الحي في مواجهة الأيدي الشريفة الحاملة للحجارة، بل ذهبوا لتفجير البيوت وتوسيع الاستيطان، حتى وصل بهم لصناعة أندية ذات منهج صهيوني في المناطق العربية، مع التضييق على الرياضيين الفلسطينيين وإغلاق مقار أنديتهم، وقصف وتدمير ملاعبهم.
كل تلك الممارسات الوحشية ،التي تغض الطرف عنها كل الاتحادات الرياضية الدولية، شاهد عيان على نفاق العالم الذي تسيره أمريكا، وهذا ليس بغريب، ولكن الغرابة في الصمت العربي والإسلامي.. فليس هناك اتحادات قاطعت أو نددت أو رمت بكلمة في إطارها الرياضي، لتقول : يكفي ما يحدث لشباب فلسطين ومقدسات المسلمين.
لم يتوقف الأمر عند ترتيب الأولويات عند بعض العرب والمسلمين، بل إنهم جعلوا السلبيات هي أولى أولوياتهم، وقاموا بالتطبيع الرياضي والشبابي مع قتلة الأطفال والشيوخ والنساء في فلسطين، وكأنهم بذلك يكافئون دولة الاحتلال على ما تقوم به.
أيها الشباب المسلم ،تستطيع بشعار في صفحتك بوسائل التواصل الاجتماعي أو صورة أو مقطع فيديو أو مقالة ….. الخ، تستطيع بكل ذلك أو جزء منه أو تلتقي أولوياتك مع أولويات الشباب المرابط حول الأقصى.
لو توحد شباب الأمة على هاتشاج (وسم) يتحدث عن فلسطين، لأصبح ذلك طاغيا في عالم السوشيال ميديا، ولكانت مساهمتك هذه حجارة ترمي بها العدو الصهيوني، أو أن تسافر إلى هناك ، أو حتى تغادر مكانك.
جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: قال رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم «من مات ولم يَغْزُ، ولم يُحدث نفسه بالغزو، مات على شُعْبَةٍ من نِفَاقٍ».. أي كل رجل قادر على الغزو يبلغه الأجل ولم يغز ولم يحدث نفسه بذلك أي لم يكلم بالغزو نفسه، والمعنى لم يعزم على الجهاد ففيه شيء من النفاق، ومن علاماته في الظاهر إعداد آلة الغزو، قال تعالى: (وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً). ووسائل الإعلام اليوم هي إحدى الجبهات التي يمكن لنا كشباب أن نجاهد فيه نصرة لاخوتنا ومقدساتنا في فلسطين المحتلة.
نسأل الله تعالى أن لا نموت على نفاق، وأن نكون ممن اقتدى بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولو بالحديث في أنفسنا بالجهاد، كل من موقعه ووسيلته، فسيدنا عمر بن الخطاب، عندما دخل القدس، دخلها خليفة للمسلمين وقويا بقوته وقوتهم وعزيزا بما أعز الله به ومتواضعا لله، غير متعال أو متكبر، وعامل غير المسلمين معاملة حسنة، ولم يوافق على الصلاة في إحدى مواضعهم، حتى لا يتخذه المسلمون مسجدا، في الحاصل اليوم، سعي الصهاينة تدنيس الأقصى الشريف وإذلال الأمة كلها وليس من يعيش في فلسطين..
نسأل الله العلي القدير أن ينصر الأقصى وأهله، وأن يجعلنا ممن نصرهم وانتصر لهم، وأن يجعل من أولى أولوياتنا جعل كلمة الله العليا، لا كلمة حزب أو طائفة أو منظمة…. اللهم آمين يا رب العالمين.

قد يعجبك ايضا