ملامح وآثار الواقع السياسي

يكتبها ىاليوم \ عبد الرحمن مراد


مع طي صفحة هادي ستظهر الكثير من عيوب المرحلة، قد يظن العملاء أنهم وصلوا إلى مرحلة توافق كبرى، وقد يعتقدون أن خلافاتهم بدأت تتلاشى، وأن العدو أصبح واحدا وهدفا للكل، كما قد يرى آخرون أن مجلس القيادة المشكل هو مجلس حرب نظرا لكون كل أعضائه – عدا رئيسه العليمي – رؤساء وقادة فصائل ذات جاهزية عسكرية، أما أنا فأرى أن هادي – رغم ضعفه وهوانه وصغاره وقلة حيلته ورغم كل مساوئه – قد أسس نظاما عاما وطبيعيا من المستحيل تعويضه في شخوص قادة الفصائل التي ضمها مجلس قيادة المرتزقة، وبالتالي فانهيار مجلس قيادة المرتزقة متوقع وهو قاب قوسين أو أدنى من السقوط، فالعليمي لا يملك قيمة فعلية على الأرض ولكنه يشكل حالة ضاغطة غير ذات قيمة في مقياس الصراع، ولا في مقياس السياسة التفاعلية في اليمن، وقد بدأت المؤشرات تعلن عن نفسها في القسم الدستوري, فالزبيدي لا يمثل نفسه فهو أداة رخيصة بيد محمد بن زايد يحركه كيفما أراد، ولذلك فموقف الزبيدي من نص القسم لم يكن باختياره بل ينبئ عن ملامح القادم، كما أن وجوده في الجغرافيا في حالة تناقص كل دقيقة وقريبا سوف يتم الاستغناء عنه وخلعه كما فعلوا مع غيره، فالإمارات ومن بعدها إسرائيل يعلمون علم اليقين أن مثل الزبيدي لا يصنع واقعا مقلقا ولكنه قد يتحرك وفق ما يتم صناعته في الاستراتيجيات مقابل دراهم معدودات، فالطموح إلى المال هو الهاجس عند الزبيدي وقد حصل عليه وأتباعه وبمجرد جفاف نبع التدفق المالي سوف نشهد أن ثمة قوة تتلاشى وتضمحل في الأرض .
طارق هو البديل وفق استراتيجية المستعمر الجديد الذي يخوض اليوم معركة وجود عالمية معلنة وغير معلنة، فالصراع العالمي ترك ظلالا قاتما على واقع اليمن بحكم الجغرافيا، وبالتالي فمعادلة المستعمر الجديد ستفرض حركة توازنات جديدة في الجغرافيا اليمنية التي تقع تحت نير المستعمر الجديد، ولا أجد سببا مقنعا في بقاء الزبيدي أو بقاء الفصائل الدينية التابعة لأجهزة التخابر العالمية والتي تشكل قوام معسكر العمالقة – وهو معسكر جمع شتات الفصائل ذات البعد العقائدي من قاعدة وداعش وفصائل جهادية أخرى بعضها أو غالبها ينتمي إلى تيار الإخوان – فحركتهم قاب قوسين أو أدنى إلى العدم وفقدان الفاعلية، أما فصائل الحراك التهامي فهي كالقشة التي لا تقصم ظهر البعير، وهم يشكلون امتدادا طبيعيا لحركة عبدالله عاموه في الحديدة، وهي حركة مناهضة للتيار الوطني من خلال الولاء لغير قادة اليمن لمشترك ثقافي يجمعها مع ذلك البعيد وتنافر أو اختلاف ثقافي مع القريب في محيطها السياسي والجغرافي .
أما طارق فهو يملك اليوم قوة مالية وعسكرية تفوق مقدرات ما يملكه مجلس قيادة المرتزقة بأضعاف مضاعفة، وصاحب القوة هو الأقدر على فرض الأجندات وتحديد الأوليات في المسار لا وفق إرادة حرة، فذلك من المستحيل عليه, بل وفق ما تفرضه الاستراتيجيات التي يسير على خطاها المستعمر في صراعه الوجودي .
روسيا سوف تشكل محورا قويا وقاتلا للنظام الرأسمالي من خلال توافقاتها السياسية مع الهند والصين، وهو توافق شبه معلن مع الصين وقريبا ستعلن الهند عن هذه التوافقات وهي موجودة لكنها لم تخرج للعلن، وهذه التوافقات تترك ظلالا على واقعنا اليمني يجعل الصراع قائما ومستمرا في اليمن وقد يهدد خيار الوحدة الوطنية ومؤشر ذلك نقرأه في اليمين الذي بات محل سخرية الكثير من شعب الجنوب، فالفنتازيا التي عليها الانتقالي ورئيسه كشفت هالة الغبار وجعلت المستقبل مقروءا بدون مراء أو شك أو تضليل، فالقوة التي تعلن عن نفسها في الجغرافيا الجنوبية تدين بالولاء للإمارات ومن وراء الإمارات إسرائيل، فالقوة الاقتصادية في دبي وأبو ظبي تديرها إسرائيل وعمليا إسرائيل هي من تدير السياسة الإماراتية، ولذلك من مصلحة إسرائيل أن تضعف من ولاءات السعودية في الجنوب وقد وصلت إلى غايتها، إذ لم يعد للسعودية فصائل موالية لها في الجنوب، كما أنها فقدت مفردات لعبتها في الشمال وبخروج علي محسن من المعادلة السياسية فقدت آخر علائقها في مـارب، فالعرادة أقرب إلى الإمارات منه إلى السعودية ولن يحقق للسعودية توازنا ولو ظنت ذلك .
مع إضعاف للدور السعودي في اليمن ستعمل إسرائيل على إضعاف المركزية الثقافية للسعودية من خلال اتساع الهوة بين المجتمع الديني التقليدي المحافظ والمجتمع المدني المطبع مع الكيان الصهيوني وعلامات ذلك واضحة من خلال هيئة الترفيه التي استطاعت إسقاط رمزية رجل الدين من خلال استغلاله كما مع فعلت مع إمام الحرم المكي السابق المدعو الكلبي، الذي تحول إلى بوق رخيص ضاربا عرض الحائط بالقداسة الدينية وأثرها على الوجدان الديني .
أصبحت السعودية هدفا حيويا لإسرائيل حتى تحقق حلمها في دولة إسرائيل الكبرى، فقداستها المكانية هي هدف التفكيك وهدم التصورات العقائدية غاية ولذلك وجدت السعودية نفسها في شباك الخديعة والمكر اليهودي من حيث تدري ومن حيث لا تدري، فقد زرعت العداوات في شمالها وفي جنوبها وفي بنية شعبها وأصبح نظامها العام والطبيعي مهددا بالسقوط وسوف يسقط قريبا حينها سنجد بني سعود محاصرين في نجد وحائل إن لم يطردهم الرشايدة من هناك وسوف تنتهي دولة بني سعود فالدول – كما قال ابن خلدون – تشيخ ويدركها الفناء وشواهد التاريخ كثر في هذا المجال .

قد يعجبك ايضا