.إن ثورة 21 سبتمبر لم تقتصر ثمارها بإذن الله على التخلص من الوصاية والارتهان الذي كان للخارج طيلة عقود ماضية، فيما كان متعلقاً بالجانب السياسي والاقتصادي، بل انه بفضل المسيرة بشعب الإيمان والحكمة سيشمل التخلص من الارتهان للخارج ثقافياً واجتماعياً، حيث لامجال لهوس التقلد الشكلي لمناصب شيخ مشائخ قبيلة أو شيخ مشائخ القُبل التي كانت قد أصبحت شكلية وفخرية وأوهاماً ليس لها أساس في الواقع القبلي اليمني لتقوم بدورها الريادي الاجتماعي والوطني الذي يُفترض أن تقوم به تجاه المجتمع والبلد باعتبارها كانتر قيادات ووجاهات قبلية مؤثرة وفاعلة فرضاً.
وأبرز ما ساعد على ذلك طيلة العقود المنصرمة هو تهميش دور العرف القبلي الغصَّاب الموروث المكتوب والموحد لكافة القبل اليمنية «بكيلي وحاشدي ومذحجي وقضاعي وهميسعي» لكنه ومن الآن وصاعداً بإذن الله لم يُعد مقبولاً التسيير للمجتمع القبلي- حسب احتياجات الخارج وان الرادع لذلك من الآن وصاعداً هي ثقافتنا القرآنية وأعرافنا اليمنية الأصيلة التي لم ولن يصل إلى طبيعة تطورها أي نوع من ثقافات الشعوب الأخرى، لأنها مبادئ غير متعارضة مع كتاب الله بل هي سنن عرفية قبلية مقننة غصّابة اشرف على عملية تقنينها علماء اليمن كما تحكي وثيقة القواعد المرجعية العرفية المنعقدة بين كافة قبل اليمن(شمال اليمن وجنوبه وشرقه وغربه) في ذي القعدة 1253هـ والذي حينها توافد المرايغ والمشائخ وسادات القبل وإشرافها وعلماؤها لإقرار الوثيقة إلى (مسراخ الروضة بني الحارث صنعاء)بعد الملقى الأول المصغّر الذي كان مقتصراً على المرايغ في(باب البلقة)احد الأبواب السبعة لصنعاء القديمة، كان ذلك هو مرحلة الإعداد والتحضير للقاء الموسع الذي تم في المسراخ- الروضة، وكل ذلك كان برعاية من الدولة في عصر حكم إمام اليمن حينذاك الإمام الناصر عبدالله ابن الحسن ابن الإمام المهدي عباس رحمة الله تغشاهم-وعلى الوثيقة تعميد الإمام الناصر عبدالله ثم تلاه بعد ثمانيين عاماً تعميد الوثيقة بختم الإمام يحيى حميدالدين رحمة الله تغشاهم .
حيث ورد بها ما يكفل تلقائياً ردع الارتهان للخارج، وردع الاعوجاج وذلك إسهاما مع الدولة في عملية الضبط الاجتماعي، وتعزيزاً لسلطة الدولة والقانون حتى يضبط المجتمع بعضه بعضاً، لتتحول الدولة من نظام الاقتصاد الاستهلاكي إلى نظام الاقتصاد التنموي بدلاً من أن تظل الدولة محتاجة لإرضاء هذا وذاك ووضع المعالجات هنا وهناك من صناديق الدولة.. وبمسيرتنا القرآنية وعرفنا القبلي الصحيح سيكون النصر حليفنا والنجاح نتاجنا وان كل تفاعلاتنا القبلية وفق العرف القبلي الغصّاب الموروث الموحد الذي يعتبر وسيلة هامة من وسائل التلاحم الشعبي القبلي اليمني بمختلف الظروف كل السنين بإذن الله تعالى، ومجهود الرجال المخلصين لله وللوطن ..وعلى ذلك ولأجله وبشأنه فإن المجتمع القبلي اليمني أصبح في غنى عن حكاية شيوخ مشائخ غير معترفين بالعرف القبلي الموروث المكتوب العام الموحد لكافة القبل اليمنية وغير المتقيدين لا بالقانون ولا بالتشريع القبلي العام الغصّاب وبالتالي أصبح احتياج المجتمع القبلي لإعادة ترتيب مثل هذه الأمور وفق العُرف هو احتياج ملح ويجب أن يكون شيوخ المشائخ من بين أوساط المشائخ المدركين لواجب المشيخ على هذا الأساس المتجاوبين للإسهام في عملية تفعيل العرف والقضاء القبلي الصحيح لخدمة البلاد والعباد ..
مراغة العُرف والقضـاء القبلي اليمني.