السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
إننا جَميعاً اليوم ونحن في شهر الصيام الذي من أهم غاياته التقوى.. نحن مدعوون جَميعاً ومعنيون جَميعاً إلى أن نراجعَ حساباتنا وأن نَزِنَ مواقفنا وقراراتنا وتصرفاتنا على أَسَاس من التقوى وعلى أَسَاس من الهدى.
حين ما يتجه البعض، أي يتخذون ما يتخذونه من قرارات، بدافع الكبر أَوْ الحقد ما أبعدَهم عن التقوى، ولا يلتفتون إلى ما تجنيه قراراتُهم أَوْ مواقفهم على الأمة من حولهم، ثم تبعاتها عليهم في الدنيا وفي الآخرة؛ لأن الله يحاسبُ وهو سريع الحساب.
اليوم نحن مدعوون للتقوى من واقع الإنْسَـان الشخصي ومن محيطه الأقرب إلى الأُمَــم كأُمَــم إلى الشعوب كشعوب إلى الاتجاهات كاتجاهات بكل ما يحكمها أَوْ بكل ما هي عليه من أُطُر أَوْ اعتبارات، مدعوون لتقوى الله سبحانه وتعالى، وسنجد أثر هذه التقوى كم ستصلح واقعَ حياتنا، كم ستساعد على حل الكثير والكثير من مشاكلنا فإذا أنبنا إلى الله سبحانه وتعالى واتجهنا إلى الله سُبْحَانَه وتعالى بصدق وحرصنا على أن نسعى لأن نكون مهتدين بهدى الله وحاضرين لتعليماته وتوجُّهاته ومستبصرين بنوره وبيناته سنرى كيف سيتغيّر واقعُنا وواقع البشرية من حولنا.
والمسؤولية على نحو أكبر على المجتمع الإسْـلَامي ومسؤوليةٌ على نحو أَكْثَر من غيره، والمسؤولية عليه أكبر من غيره بالتأكيد ثم وصولاً إلى واقع الفرد كُلّ فرد منا مدعو أن يراجع نفسَه أن يحاسب نفسه قبل أن يقفَ موقفَ الحساب والسؤال يوم القيامة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ واتقوا الله…) مدعو كُلّ فرد منا بدعوة الله سُبْحَانَه تعالى الرحيم والرؤوف، مدعو أن يراجع نفسه أن يقيّم نفسه أن يحاولَ أن يتلمسَ مواقع الخطأ وجوانب النقص لديه ومواقع التقصير لديه ليعالج كُلّ ذلك ويتجه إلى الله بتوبة صادقة وإنابة صادقة وعمل صالح.
هذه من أهم ما يمكن أن نستفيد منه في هذا الشهر المبارك، هذا الشهر أَيْضاً هو يمثّل فرصة مهمة للأمة في مواجهة التحديات مهما كانت هذه التحديات كبيرة، شعبنا اليمن العزيز هو يعيشُ عامَه الثاني وهو يواجه عدواناً ظالماً غشوماً لا مبرر له بأي حال من الأحوال ولا شرعية له على الإطلاق، عدوان لم يتقيد بأية قيود إنْسَـانية ولم يعد يلحظ بعين الاعتبار أية اعتبارات أية أَخْـلَاق أية قيم أية مبادئ أية تعليمات أي شيء، يفعل كُلَّ شيءٍ، تجاوز كُلّ البنود وكل الضوابط الإنْسَـانية والأَخْـلَاقية والقيمية، تجاوز الدين وتجاوز الأنظمة والقوانين المتعارَف عليها بين البشرية، قتل آلاف الأَطْفَال وآلاف النساء، استباح كُلّ شيءٍ، استباح الشعب اليمني، استهدف المُدُنَ واستهدف القرى واستهدف الأَسْـوَاق، استهدف المصالح العامة، استهدف المطارات والموانئ والأَسْـوَاق واستهدف كُلّ مناحي الحياة.
لم يأخذ بعين الاعتبار أن يلحظ أي حدود للحُرُمات ولا للكرامة وللضوابط الشرعية وشعبنا اليمني واجَهَ هذا العدوان بالصمود، الكثيرُ من أَبْنَاء هذا الشعب من كُلّ فئاته ومن تياراته ومن كُلّ توجُّهاته وقفت الموقفَ المشرَّفَ الموقف المسؤول للتصدي لهذا العدوان، والبعض تورط وانزلق فباعوا أنفسهم باعوا شعبهم باعوا قيمهم باعوا دينهم ودنياهم ووقفوا إلى صف العدوان ضد أَبْنَاء شعبهم، باركوا كُلّ ما يفعله المعتدي باركوا قتل الأَطْفَال والنساء، وباركوا قصف المدن والقرى، باركوا قصف الأَسْـوَاق وطبّلوا وفرحوا وصفّقوا وهلّلوا وفرحوا بكل تلك الجرائم، الفرحة بحق أمهاتهم وأخواتهم وأخوتهم وأَبْنَاء قبائلهم وأَبْنَاء مناطقهم، فزغردوا وفرحوا وهلّلوا واستبشروا بتجرد تام وكامل عن القيم والأَخْـلَاق والإنْسَـانية.
فكانوا بذلك شاهدين على أنفسهم بأنهم خلعوا رداءَ الإنْسَـانية والمشاعر الإنْسَـانية والأحاسيس الإنْسَـانية والقيم والأَخْـلَاق الدينية خلعوها تَمَاماً عن أنفسهم، البعض منهم عبّد نفسه تعبيداً تاماً وحَلَّ به الرق فأصبح رقاً خاضعاً خاشعاً خانعاً مستكيناً لأولئك المعتدين الأَمريكيين ومن يدور في فلكهم من القوى الإقْليْمية، البعضُ بدافع الطمع والسعي واللهث وراء مطامع الدنيا فعل ذلك، البعض بدافع الحصول على منصب، والمنصب هذا أن يكون خادماً أي منصب وخادماً لمَن؟!، خادماً للمعتدين خادما للمجرمين خادما للمستكبرين خادما للكافرين والمنافقين ضد أَبْنَاء شعبه المسلم العزيز الحر.
ولذلك نلاحظ أن شعبنا اليمني بقدر ما قاسى وعانى نتيجة المعتدين من الخارج وعلى رأسهم الأَمريكيون ومعهم السعوديون وغيرهم ثم نتيجة ارتزاق وخيانة مَن ينتمي إلى هذا البلد إلى هذا الوطن وآثر لنفسه أن يكون عميلاً وأن يتجه في ركب الآخرين ضد أَبْنَاء بلده تحت عناوين زائفة وعناوين لا أَسَاس لها ولا مصداقية لها في الواقع، شعبنا عانى الكثير ويعاني الكثير ولا يزال يعاني الكثير، فدفع الثمن الباهظ لكنه لو عانى ما عانى ولو ضحّى ما ضحى ولو قدّم ما قدم هو في موقف الحق في الموقف الصحيح في الموقف السليم إنه يدافعُ عن نفسه عن عرضه عن كرامته عن قيمة عن أَخْـلَاقه عن حريته عن استقلاله وفي الموقف الصحيح وهذا قدره، شعبنا اليمني ليس هو في الموقف الذي يعتبر موقفاً فضولياً أَوْ موقفاً اعتباطياً لم تكن له ضرورة، لا.. الآخرون هم الذي اتخذوا قرارَ العدوان فأتوا ليعتدوا ليحتلوا ليدمروا ليعبثوا ليحاصروا، هم الذين موقفهم ظالم وغشوم واعتباطي وكبرياء لا ضرورة له أبداً، كبر وحقد وطغيان وإجْرَام لا ضرورة له.