الأرض بتتكلم يمني

تحرير البيضاء ومارب والجوف.. انتصارات استراتيجية غيّرت موازين القوى

العمليات العسكرية بمختلف مراحلها حررت مساحات واسعة من الأراضي المحتلة وكبّدت العدو خسائر فادحة

واشنطن والرياض استعانتا بـ “القاعدة” و”داعش” في البيضاء ومارب وكأنهما جيوشهما الاحتياطية

القوات المسلَّحة قدّمت في معارك التحرير صورة واضحة في القدرة والقوة والتخطيط والعمل الاستخباراتي

الانتصارات الواسعة أحبطت أجندة العدوان ومخططاته الخبيثة

انتصارات أبطال الجيش تصدت لمشاريع تحالف العدوان الهادفة إلى تمزيق وحدة الصف اليمني

سبع سنوات مضت من عمر العدوان والحصار الاقتصادي المفروض على وطننا اليمني، كان صمود وكفاح ونضال الشعب وأبطال الجيش واللجان الشعبية خلالها كفيلاً بإفشال كل مخططات ومؤامرات العدوان والتصدي لكل حروبه العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية ، وتحقيق الإنجازات وصنع الانتصارات الأسطورية، غير أن الانتصارات التي حققها ولا يزال يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات أفرزت معطيات جديدة، ونجحت في إسقاط رهانات العدوان على المستويين السياسي والعسكري، وأثبتت حقيقة قوة إرادة الشعب اليمني وأفضت إلى تحقيق انتصارات عظيمة وتحرير محافظات كانت تحت سيطرة الاحتلال وسطوة عناصرها الإرهابية وتابيعهم منذ بداية العدوان، ولعل أبرز تلك المحافظات وأهمها هي محافظات: مارب والبيضاء والجوف التي نستعرضها في التقرير التالي :
الثورة / ساري نصر

((البيضاء))
البيضاء الأهمية الاستراتيجية ومخططات العدوان
تكتسب محافظة البيضاء أهمية استراتيجية من الناحية الجغرافية، كونها تقع في قلب اليمن، ولها حدود إدارية مع ثمان محافظات يمنية: شمالية مع مارب وإب وذمار وصنعاء، وجنوبية مع مارب ولحج وأبين وشبوة والضالع، وبالتالي فإنها تمثل حلقة ربط جغرافي وتجاري بين شمال الوطن وجنوبه، ونظراً لأهمية هذه المحافظة من الناحية الاستراتيجية، بحكم موقعها الجغرافي فقد جعلها تنظيم «القاعدة» خلال السنوات الماضية وكراً لمعسكراته ولمعامل تصنيع المفخخات والعبوات الناسفة وإعداد الانتحاريين والمقاتلين الذين هم من جنسيات مختلفة، وأغلبهم من الجنسية السعودية، وقد استفادت «القاعدة» وداعموها من موقع المحافظة لتوزيع الموت على اليمنيين شمالاً وجنوباً، قتلاً وتفخيخاً واغتيالات، وعلى وقع الغارات الأميركية بطائرات «الدرونز» على محافظة البيضاء، والتي وصفها الفار هادي بـ»الأعجوبة»، واستهدافها القبائل كانت «القاعدة» تتسع وتوسع علاقاتها ببعض رجالات القبائل، بمعنى أنَّ الغارات الأميركية لم تحدّ من نشاط «القاعدة»، بقدر ما كانت حريصة على تهيئة حاضنة شعبية لها، واستمر الأمر كذلك حتى العام 2013م، وفي هذا العام تحديداً دخل أبطال الجيش واللجان الشعبية في مواجهة مباشرة مع «القاعدة»، وتمكّنوا ورجال القبائل من هزيمة التنظيم في منطقة المناسح في مديرية ولد ربيع، وإسقاط أحد أهم أوكاره في شبه الجزيرة العربية.

الدعم الأمريكي وبناء الخلايا في البيضاء
ومع تساقط أوكار «القاعدة» في البيضاء وغيرها من المحافظات، وصولاً إلى العام 2015م، شنَّ تحالف العدوان الأمريكي السعودي حملته العسكرية، وكأنها جاءت لإعادة التنظيمات الإرهابية، وقد وثقت الكاميرات دعماً سعودياً وإماراتياً كبيراً لتنظيم «القاعدة»، خصوصاً في المحافظات الجنوبية، إما بالإنزال الجوي، وإما بتسليمهم معدات عسكرية حديثة. هذا ليس ادعاء، فقد كشفت قناة «سي إن إن» الأميركية ذلك بتحقيقات تلفزيونية على الأرض، كما أن قيادات في «القاعدة» و»داعش» اعترفوا في تسجيلات مصورة بأنهم يقاتلون جنباً إلى جنب مع التحالف في ظل هذه الظروف واتساع المعركة.
وجدت «القاعدة» فرصة لإعادة تموضعها في البيضاء وغيرها من المحافظات بدعم واضح من التحالف، وعليه، فإن هذه العلاقة تفسِّر لماذا استعادت واشنطن والرياض بعناصر «القاعدة» و»داعش» في البيضاء وكأنهماً من جيوشهما الاحتياطية، وكانت هناك مؤشرات توحي بتحريك «القاعدة» في البيضاء، ومنها لقاء عُقد نهاية شهر يونيو جمع الخائن علي محسن الأحمر- صاحب العلاقة التاريخية بالتنظيم -وقائد قوات البحرية الأمريكية الوسطى- قائد الأسطول الخامس الفريق بحري براد كوبر-والقائمة بأعمال السفارة الأميركية في اليمن كاثي ويستلي، ورغم أن عناوين اللقاء بدت مختلفة للإعلام، فإنَّ مصادر سياسية أكدت إبرام صفقة – آنذاك – عنوانها «الدعم مقابل التصعيد»، بمعنى أن تقدم واشنطن والرياض الدعم من أجل التصعيد في البيضاء، لعدة أهداف، أبرزها: التخفيف على القوات الموالية لهم في مارب، وإعادة تموضع «القاعدة» و»داعش» في البيضاء، وبهذا، تكون واشنطن قد ضمنت بقاء مبرر لاستمرار تواجد قواتها «المحددة»، بحسب توصيف الرئيس الأميركي جو بايدن بمزاعم مواجهة الإرهاب.

بدء المعارك وتوالي الانتصارات
بدأ أبطال الجيش واللجان الشعبية معارك تحرير البيضاء من العناصر الإرهابية المدعومة من تحالف الشر، ولعل أهمها ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة في تصريح خاص لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” في الـ 18 من أبريل 2019م أن «أبطال الجيش واللجان الشعبية نفذوا بفضل من الله عملية التفافية ناجحة على مواقع مرتزقة العدوان في ذي ناعم بمحافظة البيضاء وتمكنوا خلالها من إحكام السيطرة الكاملة على جبل حلموص الاستراتيجي وتطهير أكثر من 20 موقعاً أبرزها مواقع شبكة صباح وشبكة الدرعيا وقرية الدرعيا وقرية صلواع ومواقع موجه»، موضحا أن العملية انتهت بتأمين مساحة تقدر بـ 12 كيلومتراً مربعاً.
وفي 29 يونيو 2020م، أكد سريع في إيجاز صحفي «استكمل قواتنا المسلحة – مسنودة بالشرفاء الأحرار من أبناء محافظة البيضاء – تطهير مديرية ردمان بالكامل، إضافة إلى تطهير جبهة قانية والوصول إلى مناطق ماهلية وأجزاء واسعة من مديرية العبدية بمحافظة مارب»، وقال حينها “حتى اللحظة حققت قواتنا المسلحة تقدماً مهماً وكبيراً بعد أن تمكنت من تطهير مساحة تقدر بـ 400 كيلو متر مربع من المناطق المذكورة”.
وفي الـ 18 من أغسطس 2020م، ظهر العميد سريع في إيجاز صحفي يؤكد من خلاله القضاءِ على إحدى الجبهاتِ العسكريةِ الهامةِ للعدوانِ في مديريةِ ولدْ ربيع بمحافظةِ البيضاءَ والمناطقِ المجاورةِ لها، التي كانتْ خاضعةً لمرتزقةِ العُدوانِ من الجماعاتِ التكفيريةِ والأدواتِ الاستخباريةِ الأجنبيةِ (القاعدةِ وداعش) وانتهت العملية بتحرير مساحة تقدر بـ 1000 كيلومتر مربع كانت خاضعة لعناصر ما يسمى بالقاعدة وداعش وتضم 14 معسكراً، منها ستة معسكرات لداعش وأخرى للقاعدة.

حشد العناصر الإرهابية وعملية النصر المبين (1)
حشد الأمريكي وأذنابه من السعوديين والإماراتيين حثالة البشر من المرتزقة وشذاذ الآفاق من التكفيريين والعناصر الإجرامية التي تطلق على نفسها مسمى (تنظيم داعش) إلى مديريتي الزاهر والصومعة بمحافظة البيضاء، وتحت الغطاء الجوي المكثف سيطر أولئك الأوغاد على بعض المناطق لكنهم سرعان ما حصدوا الخيبة والخسارة بعد أن نفذ أبطال الجيش واللجان الشعبية المرحلة الأولى من عملية «النصر المبين» التي بدأت في شهر يونيو ٢٠٢١م، حيث كشف المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع – آنذاك – عن تفاصيل هذه العملية التي نفذتها قوات الجيش واللجان الشعبية في مديريتي الزاهر والصومعة بمحافظة البيضاء ضد عناصر القاعدة وداعش، وأوضح في إيجاز صحفي أن «وحدات مختلفة من قواتنا المسلحة واللجان الشعبية شاركت في تنفيذ العملية مسنودة بأبناء محافظة البيضاء وقبائلها الأبية الحرة»، مضيفا أن «وحدتي سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية نفذت 66 عملية، حيث نفذت القوة الصاروخية 9 عمليات بصواريخ بدر وسعير».. وأكد أن «سلاح الجو المسير نفذ 40 عملية استهداف لقوات العدو و17 عملية استطلاع ورصد خلال عملية “النصر المبين”.. موضحا أن «قواتنا نجحت في استهداف مواقع تجمعات العناصر التكفيرية، ووثقت تلك العمليات بالصوت والصورة»، كما كشف عن أن عملية “النصر المبين” أدت لاستعادة عدة مناطق وتحرير أخرى في مديريتي الصومعة والزاهر بمساحة إجمالية تبلغ 100 كم مربع، كما أدت إلى سقوط 350 قتيلا و560 مصابا من التكفيريين والمرتزقة ولاذ من تبقى منهم بالفرار نحو المناطق المحتلة، إضافة إلى تدمير وإعطاب 29 مدرعة وآلية خلال هذه العملية.

عملية النصر المبين (2)
وبعد تحقيق ذلك الانتصار العظيم بدأ أبطالنا المغاوير المرحلة الثانية من عملية «النصر المبين»، ففي 31 يوليو من العام ٢٠٢١م أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة نتائج هذه المرحلة في إيجاز صحفي، أنها أدت إلى تحرير مديريتي ناطع ونعمان بمساحة تقدر بأكثر من 390 كم مربعاً، حيث أوضح أنه «بدأ تنفيذ المرحلة الثانية في تاريخ 20 يوليو من العام ٢٠٢١م واستمرت العملية لعدة أيام حتى تحققت كافة الأهداف وعلى رأسها تحرير مناطق أخرى من مناطق محافظة البيضاء وهي المناطق التي حاولت العناصر التكفيرية التمركز فيها وتحويلها إلى قاعدة انطلاق لتنفيذ عمليات ضد الجيش واللجان الشعبية وكذلك ضد المواطنين»، وأكد العميد سريع أن عملية «النصر المبين» في مرحلتها الثانية «نتج عنها تحرير مديريتي نعمان وناطع بمحافظة البيضاء وبلغ إجمالي المساحة المحررة 390 كم مربعاً، وتكبدت العصابات التكفيرية ما تسمى داعش والقاعدة خسائر فادحة، وأضاف العميد سريع أن «عدد القتلى من تلك العناصر بلغ 160 قتيلاً وأكثر من 200 مصاب، كما نجحت قواتنا بعون الله في أسر العشرات،» أما على مستوى العتاد فأكد العميد سريع أنه «تم إعطاب وإحراق العشرات من الآليات والمدرعات إضافة إلى اغتنام كميات مختلفة من الأسلحة»، وأكد العميد سريع أن «وحدات مختلفة من قواتنا المسلحة شاركت في تنفيذ العملية (المرحلة الثانية) ، حيث نفذ سلاح الجو المسير تسع عشرة عملية منها عمليات استطلاعية وأخرى قتالية استهدفت مواقع تلك العناصر، كما نفذت القوة الصاروخية 13 عملية استخدمت فيها صواريخ من طراز بدر وكذلك طراز سعير»، وأشار إلى أن «نتائج عملية النصر المبين بمرحلتيها الأولى والثانية أدت إلى تحرير مديريات الصومعة والزاهر وكذلك نعمان وناطع وبلغ إجمالي المساحة المحررة خلال المرحلتين 500 كم مربع، فيما بلغت خسائر العصابات التكفيرية خلال المرحلتين عن 510 صرعى وإصابة 760».

عمليةُ «فجر الحرية»
أكملت قوات الجيش واللجان الشعبيّة في 25 سبتمبر 2021م تحريرَ محافظة البيضاء بعملية عسكرية كبرى كللت بتحرير ما يقارب 2700 كيلو مترٍ مربعٍ، كانت آخر مساحة يتمركز فيها عناصر «القاعدة» و»داعش» التابعين لتحالف العدوان داخل المحافظة.
وأطلق على العملية اسم «فجر الحرية» لما تمثلُه من تحول استراتيجي في مسار المواجهة، حيث استهدفت مواقع التكفيريين والمرتزقة في مديريات الصومعة ومسورة ومكيراس، غرب وجنوب المحافظة.
وأعلن العميد سريع أنّ «القوة الصاروخية وسلاح الجو المُسَيَّر نفذا 10 ضربات مسددة خلال العملية استهدفت مواقع ومعسكراتِ التنظيمات التكفيرية التابعة لتحالف العدوان ضمن مسرح العملية بالتوازي مع اقتحامات متزامنة نفذتها قواتُ الجيش واللجان على أوكار التكفيريين الذين فر بقيتُهم بعد سقوط 70 قتيلاً في صفوفهم وإصابة 120، وأسر 40 آخرين بينهم قيادات».
وبهذه العملية أصبحت محافظة البيضاء محررةً بالكامل، وهو الأمر الذي كان قد لاح في الأفق بشكل واضح خلال الأشهر الماضية التي سبقت العملية من خلال عمليتي «النصر المبين 1 وَ2» اللتين كشفتا عن توجّـه حاسم للقضاء على التواجد التكفيري في المحافظة وتأمينها بالكامل، وهو الأمر الذي يجدد التأكيد على دقة وسعة الخطط والتكتيكات العسكرية التي تضعها صنعاء.

قدرات نوعية وقوة في التخطيط
وخلاصة القول أن الانتصارات التي حققها الجيش واللجان الشعبية منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي الغاشم في البيضاء أثبتت أنَّ القوات المسلَّحة قدّمت في هذه المعركة صورة واضحة للقدرة والقوة والتخطيط والاستطلاع والعمل الاستخباراتي وتقدير الموقف، وتمكَّنت من احتواء الاختراق ورد الصاع صاعين، وحولت التهديد إلى فرصة، وأضافت إلى سجل التحولات الميدانية الكبرى تحولاً ميدانياً جديداً سيكون له ما بعده، ووجهت ضربة ميدانية ونفسية خاطفة، وربما تكون القاضية، لتنظيمي «القاعدة» و»داعش» ومن يقف خلفهما، كما بعثت رسالة لواشنطن لتدرك مدى خسارتها الفادحة في الجانب العسكري وفشل رهانها واعتمادها على الجماعات التكفيرية لإحراز انتصار على أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في البيضاء، فالغارات الجوية الهستيرية التي رافقت العملية كانت مُجَـرّد سراب، أَو كما يقول زميلنا في الإعلام الحربي “بلاستيك”، وجميع الأسلحة التي تم حشدها وتزويد تلك الجماعات بها أصبحت غنائم لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة .

معركة تحرير مارب
منذ انطلاقتها مثّلت معركة تحرير مارب خارطة لرسم التوازنات الجديدة في معادلة الصراع الدائر بين شعبنا اليمني وقوى العدوان ومن معها من أطراف العمالة والارتزاق على مستوى الداخل اليمني، غير أن مقياس رسم هذه الخارطة ظل متغيراً تحكمه طبيعة المواقف وتطورات وقائع وأحداث المعركة الدائرة على صعيد المحافظة، حيث كان لمواقف الأطراف الإقليمية والدولية وكذا مواقف القيادة الحكيمة والملهمة لشعبنا اليمني على المستوى المحلي دورها في توقف المعارك واستبدال خيار الحرب بخيار السلام والبحث عن الحلول السياسية.

بداية المعارك
في جبهة مارب حقق أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي الغاشم في العام ٢٠١٥م العديد من الانتصارات التي أدت إلى تحرير معظم مناطق المحافظة، وها هم اليوم على تخوم المدينة التي أصبحت في مرمى أعينهم، وتأتي هذه الإنجازات والانتصارات للأهمية الاستراتيجية التي تكتسبها محافظة مارب العسكرية والسياسية والاقتصادية التي جعلت دول العدوان السعودي تراهن عليها منذ بداية المعركة، إذ تكمن أهميتها في أسباب عدة أولاً: موقعها الاستراتيجي ، إذ أنها قريبة من الحدود مع السعودية، وتحاذي شرقاً محافظتي شبوة وحضرموت الساحليتين على بحر العرب، وتحاذي جنوباً محافظتي البيضاء وشبوة، وتحاذي في الجنوب الغربي أجزاء من مديرية بني ضبيان شمال شرق محافظة صنعاء ، وتحاذي من الجهتين الغربية والشمالية الغربية مديريات نِهم وخولان الطِّيال شرق صنعاء، كما أن محافظة الجوف تقع في الناحية الشمالية للمحافظة، ثانياً: أنها القاعدة العسكرية الأولى والأكبر لقوات العدوان السعودي ولحكومة المرتزقة والفار هادي، وتضم مقار وزارة الدفاع وقوات العدوان السعودي ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادتي المنطقتين العسكريتين الثالثة والسابعة التابعة للفار هادي، وثالثاً: لأنها من أهم المحافظات المنتجة للغاز والنفط، إذ أن تحريرها سوف يمكِّن حكومة صنعاء من التحرر من الضائقة النفطية الناجمة عن الحصار المفروض على ميناء الحديدة ومنع وصول بواخر النفط لتفريخ حمولاتها، ورابعاً : لأنها محافظة سياحية غنية بأهم المواقع الأثرية والتاريخية، بالإضافة إلى كونها من أبرز المحافظات الزراعية.

عمليات استراتيجية
في الـ 21 من ديسمبر 2018م نفذ أبطال الجيش عمليةً عسكريةً هجوميةً نوعيةً ناجحةً ضدَّ مرتزقةِ العُدوانِ في مديريةِ صِرواح تم خلالَها تطهيرُ وإحكامُ السيطرةِ على السلسةِ الجبليةِ الواسعةِ والمواقعِ والتبابِ التي كان العدوُّ ومرتزقتُهُ قد تقدموا فيها وسيطروا عليها خلالَ عامَي 2016 و2017م، بمساحةٍ تُقدّرُ بأكثرَ من 34 كيلومتراً ، وفي الـ 17 من سبتمبر٢٠٢١م كشفت القوات المسلحة عن العملية العسكرية النوعية والواسعة في محافظة مارب «عملية البأس الشديد»، التي استمر تنفيذها عدة أشهر وتمكن خلالها الأبطال من تحرير ما يقارب من 1600 كيلومتر مربع، كما نجحت في استعادة ما كان في هذه المساحة من معسكرات ومقرات للقوات المسلحة بعد أن استولى عليها الغزاة وأذنابهم من العملاء والخونة، كما جاء في الإيجاز الصحفي للناطق العسكري، وفي الـ 23 من سبتمبر الماضي أعلن الناطق الرسمي للقوات المسلحة عملية «فجر الحرية» في محافظة مارب، والتي انتهت بتحرير مساحةٍ إجمالية تقدر بـ 2700 كيلومتر مربع»، ثم تلتها عملية «فجر الانتصار» في المحافظة ذاتها، وانتهت بتحرير نحو 600 كيلومتر مربع.

مبادرات متعددة وعملية «ربيع النصر» (1)
وفي هذا السياق تعددت المبادرات الأممية والدولية والإقليمية والمحلية التي لم تنجح في تحقيق أهدافها لأسباب متعددة لا يتسع المقام هنا لذكرها ، رغم نجاحها في إيقاف معركة تحرير المحافظة لفترات معينة ثم استئنافها مرة بعد أخرى لتشهد مارب أعنف معارك التحرير التي خاضها أبطال الجيش واللجان الشعبية وأبرزها تلك التي انطلقت خلال العام الحالي 2021م عقب رفض دول العدوان ومليشيات هادي وحزب الإصلاح المبادرة التي تقدم بها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي للحل السياسي ووقف الحرب في مارب وخلال هذه المعركة أثبتت قوات الجيش واللجان الشعبية قدرتها على صنع الإنجازات وإحراز الانتصارات واستعادة سيطرتها على مديريات المحافظة التي بدأت تتساقط تباعاً بعد أن ظلت قوى العدوان ومليشيات هادي وحزب الإصلاح تتحضن فيها منذ العام 2015م وأهم تلك العمليات الأسطورية عملية «ربيع النصر» في مارب التي كشف عنها المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع بتاريخ ٢٤ اكتوبر٢٠٢١م، حيث أوضح- في إيجاز صحفي آنذاك- أنه «بمشاركة أبناء المناطق المحررة في هذه العملية باشرت الوحدات العسكرية المكلّفة بمهمة التحرير تنفيذ العملية وفقاً للخطة العملياتية»، وأكد أن «الوحدات العسكرية حققت -خلال الأيام الأولى للعملية- تقدماً ميدانياً كبيراً بفضل الله تعالى وتعاون أبناء تلك المناطق، وانطلاقاً من موقفهم المسؤول تجاه أنفسهم وقواتهم المسلحة سارعوا إلى تأمين مناطقهم قبل أن تتولّى الجهات المختصة من الأجهزة الأمنية توفير الأمن والاستقرار في تلك المناطق، وقال “شاركت في تنفيذ العملية عدة وحدات، أبرزها سلاح الجو المسيّر بأكثر من 278 عملية، منها 161 عملية استهدفت مواقع وتجمعات العدو في الأراضي المحتلة، وكذا 117 عملية في أراضي العدو السعودي”، وأضاف “كان هناك حضور لافت للقوة الصاروخية بـ130 عملية، منها 95 عملية في الأراضي المحتلة، و35 عملية في العمق السعودي”، وأشار إلى أن «قوات الدفاع الجوي نجحت -خلال تنفيذ العملية- في إسقاط أربع طائرات استطلاعية (سي اتش فور، وينق لونق، وطائرتي سكان إيقل)، إضافة إلى أن عمليات التصدّي للطيران الحربي الناجحة بلغت 296 عملية»، وأفاد العميد سريع بأن «القوات المسلحة استمرت في تنفيذ العملية رغم تكثيف غارات العدوان الأمريكي – السعودي» .. لافتاً إلى أنه «وعلى طول الفترة الزمنية لتنفيذ العملية بلغت غارات طيران العدو 705 غارات».

«ربيع النصر».. المرحلة الثانية
وبعد هذا الانتصار الذي حققه أبطالنا من الجيش واللجان الشعبية توالت الانتصارات تباعاً ليعلن متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في الثاني من نوفمبر ٢٠٢١م تحرير ١١٠٠ كم٢ خلال عملية ” ربيع النصر 2 ” في محافظة مارب، حيث أعلن في إيجاز صحفي له تفاصيل نتائج المرحلة الثانية من العملية أن «قواتنا المسلحة استمرت في التقدم باتجاه مديريتي الجوبة وجبل مراد من مسارات عدة، وخلال تنفيذ العملية كبدت قواتنا المرتزقة عملاء العدوان الأجنبي خسائر كبيرة لا سيما أولئك الذين أصروا على القتال، أما من تركوا القتال فقد سمحت لهم قواتنا بالمغادرة»، ولفت إلى أن «الطيران الحربي التابع للعدوان تدخل في المعركة ورغم كثافة الغارات الجوية إلا أنها لم توقف تقدم مجاهدينا، حيث بلغ عدد غارات طيران العدوان 159 غارة، معظمها استهدف مديرية الجوبة، إضافة إلى مديريتي رحبة وحريب»، وأوضح أن «دفاعاتنا الجوية نجحت وبعون الله تعالى في تنفيذ 86 عملية تصد».. مؤكدا أن «استمرار العدوان الأجنبي على بلدنا من خلال الغارات الجوية لن يثنينا عن استكمال تحرير بلدنا ودحر العدوان»، كما أكد العميد «أن قواتنا المسلحة تمكنت من تحرير مديريتي الجوبة وجبل مراد بمحافظة مارب»، بمساحة إجمالية تقدر بـ ١١٠٠ كم٢».. موضحا أنه «بتحرير هذه المناطق تكون القوات المسلحة قد حررت جميع مديريات محافظة مارب عدا الوادي ومدينة مارب، لافتا إلى أن عملية «ربيع النصر» في مرحلتها الثانية أدت إلى وقوع المئات من مرتزقة العدوان ما بين قتيل ومصاب، حيث قتل أكثر من 200 مرتزق وأصيب أكثر من 550 آخرين، كما اغتنمت قواتنا كميات من الأسلحة المتوسطة والخفيفة»، مضيفا أنه «وخلال المرحلة الثانية من عملية «ربيع النصر» نفذت القوة الصاروخية 47 عملية استهداف للعدو، منها 31 عملية استهدفت مواقع العدو في المناطق المحتلة في الداخل اليمني، و16 عملية استهدفت عمق العدو السعودي»، ولفت إلى أن «سلاح الجو المسيَّر نفذ 141 عملية استهداف للعدو منها 128 عملية استهدفت في المناطق المحتلة، و13 عملية استهدفت العدو في العمق السعودي».. مؤكدا أن «عمليات القوة الصاروخية وكذلك سلاح الجو المسير استهدفت تجمعات ومعسكرات العدو في المناطق المحتلة وكذلك منشآت وقواعد عسكرية تابعة للعدو السعودي».

«عملية النصر المبين» المرحلة الثالثة
كما شهدت معارك تحرير مارب التي خاضها أبطال الجيش واللجان الشعبية عمليات أخرى منها عملية «النصر المبين» في مرحلتها الثالثة التي أدت إلى تحرير مديريتي ماهلية والرحبة بمساحة تقدر بحوالي 1200 كم مربع، وقد أعلن عنها في الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٢١م في إيجاز صحفي للعميد يحيى سريع الذي أوضح تفاصيل تلك العملية العسكرية التي نتج عنها: وقوع 151 من مرتزقة تحالف العدوان ما بين قتيل ومصاب، إضافة إلى وقوع عدد آخر من الأسرى، وتحرير مساحة إجمالية من المديريتين تقدر بحوالي 1200 كم مربع.. موضحا أن «مجاهدو الجيش واللجان الشعبية بدأوا التحرك من عدة مسارات بمشاركة أبناء مارب الأحرار والشرفاء لتحرير وتطهير مديريتي رحبة، وماهلية وفق الخطة العملياتية وبعد ساعات فقط من بدء العملية حققت قواتنا تقدماً كبيراً باتجاه مركز مديرية الرحبة»، مشيرا إلى أن «تحالف العدوان شن 484 غارة جوية خلال العملية في محاولة لإعاقة قواتنا عن استكمال مهمة التحرير والتطهير».

عمليةُ «فجر الانتصار»
وفي شهر أكتوبر ٢٠٢١م أعلنت القوات المسلحة اليمنية إنجازاً جديداً تمثل في عملية «فجر الانتصار» في مارب، حيث كانت العملية الحدث الأبرز، وقد استهدفت تحرير مناطق أُخرى في محافظة مارب، ودحر الغزاة وأذنابهم من الخونة والعملاء والمرتزِقة.
وَمع انتهاء العملية تمّ تحرير مساحة إجمالية تصل إلى 600 كم مربع، وقد شنّ طيران تحالف العدوان خلالها 948 غارة، منها غارات استهدفت منازل المواطنين والطرق العامة بالتزامن مع شن العملية، لكن تكثيف العدوان السعوديّ الأميركي غاراته لم يثنِ المجاهدين عن الاستمرار في تنفيذ المهام العملياتية وفق الخطة حتى تحقيق كافة أهدافها.
وكان من ضمن نتائج عملية «فجر الانتصار» تدميرُ وإعطاب وإحراق ما يقارب300 مدرعة وآلية وناقلة جند، إضافة إلى 850 سلاحاً و4 مخازن أسلحة ووقوع ما يقارب 5650 من مرتزِقة العدوّ ما بين قتيل ومصاب وأسير.

(( الجوف ))
عمليات الوفاء للشهداء والبنيان المرصوص و«فأمكن منهم»
وفي محافظة الجوف لم يختلف الوضع كثيراً فقد سطر أبطال الجيش واللجان الشعبية ملاحم الانتصارات البطولية والأسطورية، ففي الـ 4 من يونيو 2019م أطل علينا العميد يحيى سريع في بيان موجز يقول فيه «أبطال الجيش واللجان الشعبية تمكنوا بعون الله من تطهير وتأمين جبهتي الصفحة والوجف بخب والشعف في محافظة الجوف بشكل كامل وصولاً إلى منطقة اليتمة في عملية عسكرية هجومية واسعة، ليصبح عدد المواقع المطهرة 26 موقعا بمساحة إجمالية تقدر بأكثر من 40 كيلومتراً مربعاً، وفي اليوم التالي تم إحكام السيطرة على أكثر من 20 موقعا عسكريا في محور نجران في عملية عسكرية هجومية واسعة» وقال سريع في بيان آخر بتاريخ 7 أغسطس 2019 «أبطال الجيش واللجان الشعبية تمكنوا من تطهير وإحكام السيطرة على 37 موقعاً في خب والشعف بالجوف قبالة نجران في عملية هجومية ناجحة أطلق عليها «عملية الوفاء للشهداء»، كما مثلت عملية «البنيان المرصوص» صدمة لقوى العدوان وقد أعلنت في الـ 29 من يناير 2020، وانتهت بهزيمة 21 لواء عسكريا ، ودحر جحافل العدوان وصولا إلى مشارف الجوف، وخلال عملية البنيان المرصوص تمكنتْ القوات المسلحةُ من التصدي لمسارٍ عدوانيٍّ كبيرٍ كان يستهدفُ العاصمةَ صنعاءَ وشنت على إثره هجومٍاً معاكساً أدى إلى تحريرِ كافةِ مناطقَ نهم وعددٍ من مُديرياتِ مُحافظتي مارب والجوف، بمساحةٍ إجماليةٍ تقدرُ بأكثرَ من 2500 كيلومتر مربعٍ طولاً وعرضاً، وفي الـ 17 من مارس 2020م أعلن ناطق القوات المسلحة استكمال عملية «فأمكن منهم» الكبرى التي انتهت بتحرير ما تبقى من محافظة الجوف بمساحة بلغت 3500 كيلومتر مربع.

عمليةُ الشهيد طومر
في هذه العملية تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من السيطرة على سلسلة جبال الدحيضة الاستراتيجية الواقعة في النطاق الجغرافي لمديرية خبّ والشعف في محافظة الجوف، والتي تطلُّ على الأراضي السعوديّة.
وأطلق على العملية «عملية الشهيد أبو فاضل طومر»، حَيثُ انطلقت من 5 مساراتٍ في جبهة الجدافر وما جاورها في جبهة المزاريق في الجوف، وانتهت بتحرير سلسلة جبال الدحيضة ومحيطها، كما تم خلالها تدميرُ وإحراقُ أكثر من 50 آلية عسكرية لقوات المرتزِقة، واغتنام أسلحة متنوعة وقتل وإصابة العشرات، فضلاً عن أسر عنصرين، وتم تحرير المنطقة والسيطرة على أكثر من 40 كيلومتراً.
وقد جاءت العملية بعد أَيَّـام من العملية البطولية للشهيد أبو فاضل هاني طومر الذي أنقذ مجموعة من زملائه المحاصرين، في مشهد تناقلته وسائلُ الإعلام، وأظهر مدى استبساله وشجاعته التي لا نظير لها.

«عملية فجر الصحراء» في مديريتي خَبْ والشَّعْف
اختتمت القوات المسلحة اليمنية عام 2021م بعملية «فجر الصحراء» في الـ26 من شهر ديسمبر 2021م، والتي تمّ فيها تحريرُ محافظة الجوف شمال شرقي صنعاء بالكامل.
وقال العميد سريع في بيان إنّ «العملية التي حملت اسم «فجر الصحراء» كللت بتطهير كامل منطقة اليتمة والمناطق المجاورة شمالي محافظة الجوف وطرد قوات العدوّ ومرتزقته منها».
وأوضح أنّ «المساحة المحرَّرة في هذه العملية تقدر بأكثر من 1300 كيلو متر مربع».
كما أكّـد أن «قوات العدوّ تكبّدت خسائرَ فادحةً خلال العملية، فيما اغتنم أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة كمياتٍ كبيرةً من الأسلحة».
وأضاف سريع «بهذا تكون محافظة الجوفِ محرّرةً بالكامل عدا بعض المناطق الصحراوية»، حَيثُ تعتبر (اليتمة) آخر منطقة مأهولة بالسكان كانت واقعة تحت سيطرة قوى العدوان ومرتزِقتها».
وأشار إلى أنّ «العملية جاءت بعد وضع خطة دقيقة وتحديد المهام العملانية وإعداد متكامل وتنسيق بين مختلف الوحدات القتالية للجيش واللجان الشعبيّة».
ولفت إلى أن «وحدات الجيش واللجان نجحت خلال الساعات الأولى في إرباك العدوّ الذي لجأ إلى الدفع بالمزيدِ من المرتزقة إلى الخطوط الأمامية ليقعوا فريسة لنيران الجيش واللجان الشعبيّة».
المتحدث باسم القوات المسلحة كشف أيضا عن أنّ «طيرانَ العدوان الأميركي السعوديّ شنّ أكثر من 60 غارةً لإسناد المرتزقة، لكنه لم يفلح في إعاقة تقدم المجاهدين».
وأوضح أنّ «الخسائر البشرية في صفوف مرتزقة العدوان بلغت خلال العملية 35 قتيلاً، و37 جريحاً، بالإضافة إلى أسر 45 مرتزِقاً، فيما بلغت الخسائرُ المادية 15 آلية ومدرعة تم تدميرها وإعطابها، إلى جانب كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة التي اغتنمها المجاهدون».
من جانبه عرض الإعلام الحربي مشاهد مصوَّرة وثَّقت جانباً من مجريات العملية الواسعة، بما في ذلك الضربات المسددة التي وجهتها قوات الجيش واللجان الشعبيّة على مواقع وتحصينات وتجمعات وآليات المرتزقة، كما وثقت لحظات فرارهم بشكل جماعي من أرض المعركة، وأبرزت التعامل الإنساني الأخلاقي مع أسراهم ومصابيهم، والذي يقابله العدوُّ دائماً بجرائمَ وحشية جبانة بحق أسرى الجيش واللجان الشعبيّة.
كما وثقت عدسة الإعلام الحربي الترحيب الكبير الذي حظيّ به المجاهدون من قبل أبناء المنطقة والذي يؤكّـد تزايد حجم الالتفاف الشعبي حول قوات الجيش واللجان في معركة التحرير الشاملة.
وعرضت المشاهد جانباً من العتاد العسكري المتنوع الذي اغتنمه أبطال الجيش واللجان الشعبيّة والذي تضمن أعداداً من الأطقم العسكرية والمدرعات التي خلفها العدوّ وراءه وكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المتوسطة والخفيفة، والتي تؤكّـد أنه كان يستخدم تلك المنطقة كقاعدة عسكرية لقواته.

قد يعجبك ايضا