العدوان على اليمن..في جوهره قرار أمريكي إسرائيلي.. وفي الواجهة والتنفيذ الرياض وأبوظبي

الجبير يـُعلن العدوان من واشنطن.. وإدارة أوباما تؤكد تقديم الدعم اللوجستي والاستخباري للعملية

 

 

الدور الأمريكي ينتقل من ميدان السياسة إلى الحصار الاقتصادي وممارسة العقوبات الجماعية على الشعب اليمني
بنعمر يُعلنها للتاريخ: انتهينا من كل التفاصيل وذهبتُ إلى الرياض لأطلعهم على النتائج.. لكني تفاجأت بإعلان الحرب
المشتريات العسكرية السعودية من الولايات المتحدة خلال الفترة من 2015 – 2021، تزيد عن 80 مليار دولار

باشرت الولايات المتحدة الأمريكية عدوانها على اليمن في 26 مارس 2015م، عبر أدواتها بقصد ضرب الثورة اليمنية (21 سبتمبر) وإعادة نفوذها الاستعماري في البلد، فمن واشنطن أعلن السفير السعودي لدى أمريكا عادل الجبير العدوان على اليمن، ليعقبه بعد ساعات قليلة بيان من البيت الأبيض يؤكد فيه دعم إدارة الرئيس أوباما لتحالف العدوان وتقديم بلاده للدعم اللوجستي والاستخباري وتأسيس خلية التخطيط المشتركة.
فقد كان للإعلان من واشنطن دلالة هامة وواضحة بأن هذا العدوان أمريكي الهوية والإرادة والاستمرار، ومازال كذلك حتى اليوم والعدوان يدخل عامه الثامن، فيما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تبدل ثلاث حكومات، ليظل الموقف الأمريكي كما هو “ضرب اليمن”، كجزء من استراتيجية الحرب على قوى المقاومة والتحرر الوطنية في المنطقة العربية والإسلامية.

الثورة  /

في ذات مساء يوم 26 مارس 2015، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أقر تقديم الدعم اللوجستي والاستخباري “دعماً للعملية التي تقوم بها قوات دول العدوان”، في بيان صدر عن “برناديت ميهان” المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي.
وقال البيان الذي صدر بعد ساعات من العدوان على اليمن إن “الولايات المتحدة كانت على تنسيق لصيق بالفار هادي والشركاء الإقليميين، وإنه بسبب تدهور الأوضاع في المنطقة فإن المملكة العربية السعودية وبلدان مجلس التعاون ودولاً أخرى سيقومون بأعمال عسكرية لحماية حدود السعودية وحماية حكومة المرتزقة”.
وأكد البيان الصادر عن مجلس الأمن القومي ،أن الولايات المتحدة تنسّق مع السعودية ودول مجلس التعاون في شؤون تخصّ أمنهم ومصالحهم المشتركة، وأن الرئيس الأميركي لذلك أقر المساعدات اللوجستية والاستخبارية، أي أن الولايات المتحدة تكفلت بالجزء الأكبر من عمليات العدوان وتبقت المهام التنفيذية على النظام السعودي.
وأوضح البيان أن القوات الأمريكية لا تقوم بعمل عسكري مباشر في اليمن دعماً لهذا العمل، لكنها تقوم بإنشاء غرفة عمليات تنسيق مع السعودية، وذلك لتنسيق العمليات العسكرية والاستخبارية، إلا أنها تدخلت بصورة مباشرة.
في 14 إبريل، 2015م وإمعاناً في الدعم الأمريكي للعدوان على اليمن، أمريكا أعطت العدوان غطاءً دولياً شكلياً وذلك بدعم إصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، وكان جوهره عملياً المطالبة بالتراجع إلى ما قبل الثورة، ورغم أن هذا القرار لا يُبرر العدوان ولا يجيزه ولم يكن هناك توافق حوله لعدم التصويت الروسي عليه إلا أنه “عملياً” مثل غطاءً للحرب العدوانية على اليمن، كما أكد لاحقاً المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بنعمر.
أكد جمال بنعمر في مقاله “بالنيوزويك” ما جاء في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن كمبعوث أممي بعد العدوان بأيام وقبيل إقالته بطلب من النظام السعودي من أن اليمنيين كانوا على أعتاب اتفاق سياسي لتقاسم السلطة وإدارة البلاد برعاية أممية، جرى فيه الاتفاق على كل شيء.
وقال بنعمر: انتهينا من كل التفاصيل حول تقاسم السلطة وإدارة البلاد وقبل يومين من وقوع العدوان 26 مارس 2015م – ذهبت إلى الرياض لأطلعهم على النتائج ونتشاور في مكان إجراء حفل التوقيع، وقبل أن أعود إلى صنعاء وأفاجأ باندلاع الحرب على اليمن.
في الثالث من أكتوبر 2016م لوحت أمريكا باستخدام القوات البحرية في العدوان والحصار، وأرسلت البحرية الأمريكية قوات خاصة إلى باب المندب في أعقاب الضربة على سفينة “سويفت” الإماراتية، ونفذت هذا التهديد ، ففي 13 أكتوبر من ذات العام 2016م شنت الولايات المتحدة الأمريكية أول ضربة عسكرية مباشرة علنية على اليمن ضمن تحالف العدوان، حيث اطلقت البحرية الأمريكية عدداً من صواريخ كروز من طراز “توماهوك” على رادارات في ساحل محافظة الحديدة.
وجاء ذلك بعد ادعاء العدوان باستهداف الجيش واللجان الشعبية لبارجة أمريكية اسمها ميسون في المياه الدولية دون تعرضها لإصابات.
تدخلات عدوانية أمريكية مباشرة على اليمن
عقب هذا التدخل العسكري المباشر العلني، بالإضافة إلى العدان المباشر والخفي وبالوكالة، مارست الولايات المتحدة الأمريكية تدخلات عدوانية عديدة في اليمن عسكرية وسياسية واقتصادية ودعائية، وأبرزها كالتالي:
– 2016: التدخل الأمريكي على قرار المفاوض اليمني، هدد السفير الأمريكي الذي كان يحضر جلسات مشاورات الكويت بضرب العملة اليمنية ، وإغلاق المطار إذا لم ترضخ صنعاء لشروطهم.
30 – يوليو، 2016 التدخل في القرارات السيادة اليمنية في تشكيل مجلس سياسي أعلى، صدر بيان مجموعة السفراء المعتمدين في صنعاء: “تابعنا بقلق الخطوة التي اتخذها انصار الله والمؤتمر الشعبي العام في صنعاء بتاريخ 28 يوليو بتشكيل مجلس سياسي وهي لا تتوافق مع الالتزامات والنوايا الحسنة للسعي في تحقيق حل سلمي تحت رعاية الأمم المتحدة”.
2017م: العدوان الميداني المباشر للقوات البرية الأمريكية، قام قائد القوات الأمريكية بالشرق الأوسط، الجنرال “جوزيف فوتيل”، بزيارة منطقة جيزان ودخلت فرقة القبعات الخضراء مسرح الأحداث في المناطق الحدودية مهمتها عادة مكافحة الحركات الثورية وهي الفرقة المسؤولة عن ملاحقة واغتيال المناضل الثوري الكوبي من أصول أرجنتينية شيء جيفارا في 9 أكتوبر 1967 في بوليفيا.
9 نوفمبر، 2017 بيانات الإدانة على الأعمال الدفاعية اليمنية المشروعة ضد العدوان، البيت الأبيض يدين الرد اليمني ويعتبره هجوما على السعودية مدعوماً من إيران.
20 سبتمبر، 2017م الفار هادي يلتزم بتنفيذ المطالب الأمريكية في استخدام الملف الاقتصادي في العدوان على اليمن ، بناءً على تهديدات السفير الأمريكي ، وقد ألتقى الفار هادي بترامب في نيويورك، على هامش مشاركته في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
3 ديسمبر، 2017 التدخل الأمريكي المباشر في دعم فتنة ديسمبر في صنعاء ، السفير الأمريكي يعرب عن قلقه في ما أسماها “المواجهات في صنعاء”، وفي ليلتها كان الطيران الأمريكي قد شن غارات مساندة لمرتزقة علي صالح في العاصمة صنعاء واستهدفت عددا من النقاط والمواقع العسكرية لإحداث إرباك.
11 ديسمبر, 2017م العدوان الأمريكي يستخدم العناوين الإنسانية لمحاولة الضغط على صنعاء بعد وأد الفتنة، فقد صدر بيان السكرتير الصحفي للبيت الأبيض حول إدانة ما أسماه العنف والظروف الإنسانية في اليمن.
19 ديسمبر، 2017بيانات الإدانة على الأعمال الدفاعية اليمنية المشروعة ضد العدوان واشنطن تدين ما تسميه “الهجوم الحوثي الصاروخي المتهور على الرياض”.
ديسمبر 2017 التدخل الأمريكي في الجانب الاجتماعي القبلي والتحريض على حرب أهلية، السفير الأمريكي يحرض القبائل اليمنية ضد أنصار الله.
التدخلات الأمريكية 2018م حتى مطلع العام 2021م:
ووفقا لـ”سبأ”؛ فإنه خلال الفترة من العام 2018م حتى 2021م، كان الدور الأمريكي العدواني هو في ميدان السياسة والحصار الاقتصادي وممارسات العقوبات الجماعية على الشعب اليمني، بشكل أكبر دون أن يعني ذلك بأن الدعم العسكري لتحالف العدوان توقف، فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الفترة بتدخلات عسكرية واسعة لا تقل عن الدور العسكري في الأعوام الأولى للعدوان، ومنها على سبيل المثال تدريب قوات عسكرية من المرتزقة، ونشر قوات استعمارية أمريكية في اليمن لغرض ما سُمي بمكافحة الإرهاب وشهدت هذه الفترة أيضاً زيارات لمسؤولين أمريكيين إلى المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة وإلى حقول النقط اليمنية.
بداية من العام 2019م برزت خلافات بين “الجماعات” الموالية للإمارات وبين جماعة الفار هادي في جنوب وشرق اليمن، الأمر الذي هدد وحدة التحالف العدواني ضد القوى الوطنية، فاضطرت أمريكا إلى أن تلعب دوراً عدوانياً جديداً سياسي أمني يتمثل في توحيد الفصائل العميلة ضد صنعاء، وهو جهد واسع أختتم بما سمي “مؤتمر الرياض”، والملاحظ بأن الأمريكي طرف رئيسي في هذا الاتفاق فمختلف الاجتماعات التي قام بها أعضاء حكومة المرتزقة وشخصيات ما يسمى بالانتقالي والمسؤولون المحسوبون عليهم مع السفير الأمريكي تفوق لقاءاتهم مع الفار عبدربه منصور هادي أو عيدروس الزبيدي، ولقاءاتهم فيما بينهم كأطراف عميلة.
تمظهرت التدخلات في هذه الفترة في التدخل عبر ممارسة السياسات الانتقائية تجاه الأحداث من تصريحات وغيرها، وخاصة فيما يتعلق بصراع القوى العميلة، وضمن آليات الهيمنة الأمريكية متابعة العميل ” صيانة العميل” التقى الرئيس العميل المستقيل الفار هادي بعدد من القيادات العسكرية والسياسية الأمريكية، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي، ووزير الدفاع الأمريكي وقائد المنطقة العسكرية المركزية الأمريكية، كما مارست الولايات المتحدة نشاطها العدواني عبر البيانات السياسية الأحادية ، وعادة ما كانت تأتي للضغط السياسي وللتنديد بالرد اليمني على تحالف العدوان.
كما مارست الولايات المتحدة التضليل والاتهامات الكاذبة ومحاولة تأليب رأي المجتمع الدولي ضد اليمن والقوى الوطنية المواجهة للعدوان، كما مارست الولايات المتحدة عبر بيانتها التدخل في شؤون الوظائف السيادية للجمهورية اليمنية من أنشطة القضاء والبرلمان وغيرها، ووفرت الولايات المتحدة للسعودية الحماية من الجرائم ومنعت إدراج اسمها على لائحة الدول التي تستغل الأطفال خلال الحرب، فيما وضعت كيان وشخصيات يمنية على لوائح العقوبات الخاصة بها.
في هذه المرحلة من العدوان المباشر، قدمت أمريكا مختلف أشكال الدعم العسكري واللوجستي والمشاركة الميدانية المباشرة في اليمن، والعمل السياسي والدبلوماسي المضاد والمعرقل للوصول إلى تسوية عادلة، وتأليب المجتمع الدولي ضد قوى الثورة في اليمن، وإصدار القرارات والبيانات من مجلس الأمن الدولي وفرض العقوبات الاقتصادية العامة والخاصة ضد شخصيات يمنية، فقد بذلت الولايات المتحدة أقصى الجهود من أجل ضرب الثورة وإعادة اليمن إلى عهد الوصاية، وهو الأمر الذي لم يتحقق، وبدأ الانكسار يهدد معسكر تحالف العدوان والمرتزقة.
واشنطن تدعم داعش والقاعدة
لم تكتفِ واشنطن بدعمها العسكري واللوجستي والاستخباراتي لتحالف العدوان في حربه وعدوانه على اليمن، بل أنها قامت بدعم جماعات داعش والقاعدة، بمختلف أنواع السلاح، وإرسال السلاح عبر منظمات دولية تدعي دورها الإنساني من أجل التنمية .
الدلائل الجديدة على المشاركة الأمريكية تسردها هذه المرة -بكل الشواهد- القوات المسلحة اليمنية التي أكدت عثورها على كميات كبيرة من الأسلحة في محافظة البيضاء عليها شعار الوكالة الأمريكية للتنمية خلال العمليات العسكرية الأخيرة، وأنها سبق وأن عثرت ضمن الغنائم أيضاً على كميات مختلفة من الأسلحة عليها شعار الوكالة في مناطق وجبهات أخرى -حسب بيانها الصحفي- الذي كشف دور المنظمة الأمريكية وما تمارس من أدوار مشبوهة، إذ أشار البيان العسكري أن واشنطن لم تكتفِ بدعمها العسكري واللوجستي والاستخباراتي لتحالف العدوان في حربه وعدوانه على اليمن، بل جعلت حتى منظمات تدّعي أنها تعمل من أجل التنمية ومن أجل المساعدات الإنسانية أن تستخدم التمويلات الممنوحة لها في تنفيذ أنشطة عسكرية كـ”الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”.
ما تم كشفه جاء ليعزز مواقف صنعاء التي طالما أكدت أن النظام الأمريكي يقف خلف العدوان على اليمن، وهو من يُسلح، ويحدد الأهداف، ويغطي العدوان سياسياً وأخلاقياً على جرائمه الفظيعة بحق الشعب اليمني، وهو أيضاً من يقف خلف استمرار العدوان والحصار من خلال دعم أدواته بالمنطقة والمتمثلين في النظامين السعودي والإماراتي اللذين- بحسب كثيرين- مجرد منفذين للسياسات الأمريكية وأجندتها.
وبالمجمل، فإن الدور الأمريكي في الحرب على اليمن كان واضحاً منذ اللحظات الأولى لإعلان هذه الحرب سواء من خلال الوقائع والمعطيات أو من خلال تصريحات القيادة الأمريكية واعترافها الصريح بذلك، وسبق وأن أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قرار قانون لوقف الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة للتحالف السعودي، وطالب إدارة دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية المشاركة في الحرب الدائرة باليمن بعد أحاديث عن إبرام صفقات قدرت بمليارات الدولارات لتوريد أسلحة نارية وقنابل وأنظمة أسلحة وتقديم التدريب العسكري لكل من النظامين السعودي والإماراتي، إذ ساهمت الأسلحة المتدفقة من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية ومنها بريطانيا في إطالة أمد الحرب اليمنية المستمرة منذ أكثر من 7 سنوات، وتسببت في دمار هائل وسقوط آلاف الضحايا المدنيين، وهي الممارسات التي سبق وأن انتقدها تقرير أصدره فريق الخبراء الأممي المعنيّ برصد انتهاكات حقوق الإنسان، مسمياً الأطراف التي تبيع الأسلحة لقوى الحرب، خصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، واعتبر هذه الخطوة استمراراً لدعم العدوان على اليمن.

قد يعجبك ايضا