صنعاء – جهاد البابلي
جسّد الوعي والمسؤولية، اللذان تحلّت بهما السلطة القضائية وأجهزتها وهيئاتها ومنتسبوها، أحد عوامل الصمود والثبات خلال سبع سنوات من العدوان الأمريكي- السعودي- الإماراتي، من خلال الإنجازات المحققة على المستويين القضائي والإداري.
فبالرغم من الاستهداف المباشر والممنهج لتحالف العدوان للسلطة القضائية، لتعطيل دورها في تحقيق العدالة لطالبيها، إلا أن مجلس القضاء الأعلى وبقية أجهزة وهيئات السلطة القضائية بما تملكه من إمكانيات متاحة بشرية وفنية ومالية، استمرت في انتظام العمل القضائي، وتقديم خدمة العدالة دون انتظار التأجيل حتى توفير بعض احتياجات ومتطلبات العمل.
وتكلّلت الجهود القضائية في إنجاز العديد من المهام القضائية والإدارية، وإجراء إصلاحات تشريعية لكل ما يعيق إجراءات التقاضي، والتغلب على بعض القصور والثغرات الناتجة عن بعض الأخطاء المتراكمة من السابق، أو ما ألحقه العدوان من أضرار في البنية التحتية للقضاء، وإصراره على إعاقة تقديم خدمة العدالة للمواطن.
وتحمّل منتسبو السلطة القضائية (قضاة محاكم وأعضاء نيابات عامة وموظفون إداريون في مختلف الهيئات القضائية) مسؤولية أداء خدمة رسالة القضاء بكل تجرد وحياد ونزاهة.
وأثمرت جهود السلطة القضائية، خلال سبع سنوات من الصمود، في تحقيق خطوات جبّارة في مسارين متوازيين، الأول تمثل في تحريك الراكد من الملفات القضائية والبت في الجديد منها، فيما تمثل الثاني في ترتيب البيت القضائي من الداخل وتطوير أدائه المالي والإداري.
وتوّجت جهود السلطة القضائية بالعديد من الإنجازات، منها إنشاء قاعدة بيانات شاملة، مثّلت نقلة نوعية في العمل الإداري من خلال تأسيس قاعدة بيانات تستوعب كافة موظفي السلطة القضائية بمختلف أجهزتها وهيئاتها ومنتسبيها.
– جبهة صمود رغم العدوان والحصار
وأوضح تقرير صادر عن السلطة القضائية، حصلت وكالة (سبأ) على نسخة منه، أنه خلال سبع سنوات من العدوان أصدر مجلس القضاء ألفا و122 قراراً وأمراً لإصلاح الخلل في المنظومة القضائية، توزّعت تلك القرارات على العديد من الأعمال القضائية.
وحسب التقرير، تم إحالة 61 قاضياً من أعضاء السلطة القضائية إلى مجلس المحاسبة، ورفع الحصانة القضائية عن 23 قاضيا، والإذن برفع الدعوى الجزائية ضد خمسة قضاة، بالإضافة إلى إصدار 23 حكماً تأديبياً ضد أعضاء من السلطة القضائية، ونقل 878 قاضياً وألف و623 عضو نيابة من وإلى المحاكم والنيابات الاستئنافية والابتدائية لسد احتياج العمل القضائي، خلال فترة السبع السنوات الماضية.
وأفاد التقرير بإنشاء مجلس القضاء الأعلى لـ20 شعبة استئنافية، و14 محكمة ابتدائية، و130 نيابة ابتدائية في المناطق الخاضعة لحكومة الإنقاذ الوطني، كما وافق على ترقية ألفين و478 قاضياً وعضو نيابة، ومنح ترقيات استثنائية لشهداء السلطة القضائية، وتسوية الدرجات الوظيفية لثمانية آلاف و600 موظف من منتسبي السلطة القضائية، وفقا لقانون الخدمة المدنية.
وتم توزيع 388 قاضياً من خريجي المعهد العالي للقضاء من أربع دفع وإلحاقهم بالعمل في المحاكم الابتدائية، بالإضافة إلى توزيع 226 قاضياً للعمل أعضاء نيابة في عدد من النيابات الابتدائية.
وبيّن التقرير أن مجلس القضاء الأعلى وافق على تحريك الدعوة الجنائية بشأن جرائم العدوان الأمريكي – السعودي – الإماراتي على ممتلكات ومباني السلطة القضائية، كما أقرّ آلية مباشرة لتنفيذ التحقيق في جرائم العدوان على اليمن، وصدور توجيهاته بقصر اختصاص نظر قضايا العدوان على المحاكم الجزائية المتخصصة الابتدائية في أمانة العاصمة ومحافظة الحديدة.
وأنجز مجلس القضاء العديد من الأعمال ضمن خطة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة “محور العدالة وسيادة القانون للعام 2020-2021م”، من خلال إصدار لائحة هيئة التفتيش القضائي، والموافقة على اللائحة التنظيمية للمحكمة العليا، وتعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجزائية، وقانون المرافعات، والتنفيذ المدني.
وأقر المجلس واعتمد آليات رقابة على هيئات وأجهزة السلطة القضائية بشأن تعزيز المتابعة والتقييم لأعمالها بشكل مستمر، ووضع آليات الدعم والمحاسبة، كما أقرّ آلية ومنهجية إعداد الدراسات واللوائح والأدلة في إطار منظومة السلطة القضائية، وما تضمنته تقارير مخرجات اللجنة المشكّلة من المجلس بتوحيد وتطوير مراكز السلطة القضائية، لاستكمال أتمتة أعمال السلطة القضائية خلال فترة الخطة الخمسية “2021-2025م”.
وحسب التقرير، وافق مجلس القضاء على تقرير اللجنة المشكّلة لتزمين نظر القضايا للحد من تطويل الإجراءات وتراكم القضايا، فضلاً عن الموافقة على تعديل بعض مواد القوانين المرتبطة بقانون التوثيق والأحوال الشخصية والعمل، المتعلقة بتسوية المنازعات العمالية.
-إنجاز رغم التحدّيات
حرصت المحكمة العليا على أداء مهامها بأكمل وجه، والصمود في إطار الجبهة القضائية، وبحسب تقرير صادر عن السلطة القضائية، بلغ إجمالي الطعون، الواردة منذ العام 2014 حتى منتصف مارس الجاري، 19 ألفاً و606 طعون، أنجزت المحكمة منها 15 ألفاً و344 طعناً.
وعملت المحكمة العليا على إنجاز القضايا المدنية والشخصية المتراكمة، إضافة إلى القضايا الواردة للدوائر الدستورية والتجارية والإدارية والعسكرية، وهيئات إعادة النظر ودعاوى الانعدام والمخاصمة والطلبات المصاحبة للقضايا، سواء بعد ورودها إلى المحكمة أو بعد إصدار أحكام فيها، ليتم الفصل فيها أولاً بأول، في حين عززّت المحكمة دورها في الرقابة على محاكم الدرجة الأولى والثانية، ومعالجة مكامن الخلل.
واستعرض التقرير القرارات الإدارية والتنظيمية، التي أصدرتها المحكمة العليا، إضافة إلى تنفيذ مخرجات المصفوفة التنفيذية للرؤية الوطنية.
وفعّلت المحكمة في أعمال الأتمتة والربط الشبكي من خلال قيد القضايا، وتوزيعها آليا على هيئات ودوائر المحكمة المختلفة، للحفاظ على سرية المعلومات، حيث أرشفت المحكمة العليا 207 آلاف و282 حكماً قضائياً.
وأصدرت المحكمة العليا تقارير لتقييم الأداء القضائي، توزّعت على إنجاز قضاة الدوائر والقضايا الواردة حسب النوع، واعتماد القواعد القضائية للكشف عن القواعد المكررة والمتناقضة، إضافة إلى نظام التقويم القضائي ونظام الدعم الفني، وإصدار عدد من الكُتب القضائية المتضمّنة القواعد القضائية المستخلصة من دراسة الأحكام الواردة من دوائر المحكمة العليا.
-مسؤولية الرقابة وتقويم الأداء
واجهت هيئة التفتيش القضائي التحديات والصعوبات التي فرضها العدوان، خاصة ما تتعرّض لها السلطة القضائية، بمسؤولية، من خلال تقويم الأداء القضائي، بما يكفل سيادة الشرع والقانون، وترسيخ مبادئ العدالة في المجتمع.
وأفاد التقرير الصادر عن السلطة القضائية أن إجمالي القضايا المنظورة خلال سبع سنوات 519 ألفا و508 قضايا، إجمالي المنجز منها 396 ألفاً و586 قضية.
وسعت الهيئة إلى تعزيز الرقابة على الأداء القضائي من خلال الزيارات الميدانية التفقدية للمحاكم الاستئنافية والابتدائية في المحافظات، وأجرت تفتيشاً دورياً لتقييم أداء القضاة، إضافة إلى زيارات مفاجئة على القضاة خلال الفترة الماضية، استهدفت 210 محاكم في 12 محافظة.
واستحدثت الهيئة برنامج تخصيص مفتش لكل 15 قاضيا في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء كمرحلة أولى، فيما شملت المرحلة الثانية بقية المحاكم في مختلف المحافظات.
وحرصت هيئة التفتيش القضائي على انضباط والتزام القضاة بعقد الجلسات بصورة منتظمة، من خلال الرقابة على ذلك، وإحالة المنقطعين عن العمل إلى المحاسبة القانونية.
وبحسب التقرير، حرصت الهيئة على تدريب أكثر من 200 قاضٍ في المحاكم الابتدائية والاستئنافية لتطوير مهاراتهم وخبراتهم العملية، إضافة إلى استيعاب جميع قضاة الجمهورية في قاعدة بيانات خاصة بالهيئة.
فيما أنجزت الهيئة أنشطة، أُسندت إليها ضمن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، إلى جانب إنجاز 20 نشاطاً، وحددت الأولويات للتخطيط في خمس سنوات مقبلة، وفقاً للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية.
وأسهمت هيئة التفتيش القضائي في تحسين وتطوير الأداء من خلال إنشاء عدد من الإدارات والأقسام، لتسريع إنجاز العدالة وتحقيقها.
ولفت التقرير إلى أن الهيئة استقبلت، خلال سبع سنوات، ثمانية آلاف و29 شكوى، تم التفاعل معها والنزول الميداني لفحص الشكاوى، ومساءلة المقصرين من القضاة.
وبحسب بيانات التقرير، تم استدعاء 336 قاضيا للحضور إلى الهيئة، والتحقيق مع 155 قاضيا، فيما رُفعت 74 دعوة تأديبية إلى مجلس المحاسبة، وتحرير ثلاث مذكرات إرشادية، وتوجيه 28 تنبيهاً كتابياً وشفهياً.
-جهود مستمرة لتطوير الأداء
أثبتت وزارة العدل وجودها، وواجهت الاستهداف الممنهج والمباشر لمنشآت الأجهزة القضائية وقضاة المحاكم ومنتسبي السلطة القضائية، بكل ثبات وصمود من قُبل منتسبيها.
وأفشلت الوزارة المحاولات البائسة لتحالف دول العدوان، الهادفة إلى تعطيل العدالة، وزعزعة الأمن والسكينة العامة.
وأفاد التقرير الصادر عن السلطة القضائية أن اجمالي إعادة إعمار المنشآت القضائية، التي استهدفها العدوان ولا تدخل فيها أي تعويضات، بلغت مائة مليون دولار.. مبيناً أن العدوان دمّر 49 منشأة قضائية تدميراً كلياً وجزئياً، وألحق الضرر بوثائقها وسجلاتها.
في حين عملت وزارة العدل على استكمال مشروع النظام القضائي الإلكتروني، وتم الربط الشبكي لـ142 محكمة استئنافية وابتدائية، إضافة إلى ربط 156 محكمة وشعبة استئنافية وابتدائية بالنظام القضائي، لتسهيل أعمال القضاة، لتحقيق العدالة العاجلة والناجزة، وإدخال بيانات 154 ألفا و138 قضية.
وأولى قطاع التوثيق في وزارة العدل معالجة الاختلالات، وتصحيح أوضاع الأمناء الشرعيين، إهتماماً كبيراً من خلال تغطية المناطق الشاغرة، واعتماد أمناء شرعيين في ألفين و579 منطقة شاغرة، في حين أنهت تراخيص ألف و18 أميناً شرعياً مخالفاً للقانون.
وبحسب التقرير، تم تعميد مليون و376 ألفاً و948 وثيقة فيزمحاكم الجمهورية، فيما أحالت لجنة التأديب 253 موظفاً إلى التحقيق والتأديب، ومحاكمة 36 موظفا منهم.
وحرصت وزارة العدل على الترشيد المالي، القائم على الأولويات والإنفاق، من خلال استحداث ورشة إعادة تدوير الأثاث لمواجهة احتياجات المحاكم للتقليل من النفقات، ما أسهم في توفير أكثر من 237 مليون ريال، إضافة إلى ورشة صيانة الأجهزة الإلكترونية.
واهتمت وزارة العدل بتسهيل إجراءات التقاضي من خلال التعاقد مع محامٍ وخبير اجتماعي، للترافع في خمسة آلاف و436 قضية امرأة معسرة وحدث، والتعاقد مع 24 خبيراً اجتماعياً في محاكم الأحداث، لمتابعة ألفين و270 حالة للأطفال في تماس مع القانون.
-نشاط للارتقاء بالعمل
واصلت النيابة العامة جهودها في إنجاز القضايا، وإحالتها إلى المحاكم بالاجتهاد والهمة نفسيهما، التي ميزّت العمل القضائي.
وبحسب تقرير السلطة القضائية، تم التصرف في 317 ألفاً و729 قضية من إجمالي 351 ألفاً و615 قضية واردة.
ونشطّت النيابة أعمال الربط الشبكي لـ137 نيابة، من خلالها تم إدخال بيانات 199 ألفاً و131 قضية.
وبهذه الإطلالة الموجزة على نجاحات السلطة القضائية، تتعّزز ثقة المواطن بالقضاء الذي يواجه تحدّيات جمّة في ظل استمرار العدوان والحصار، ومحاولة دول العدوان تعطيل مهام السلطة القضائية واستقلاليتها، إدراكاً منها بأهمية القضاء ودوره في البت بقضايا المواطنين، ليتفرغ الجميع لبناء الدولة اليمنية الحديثة، ومواجهة قوى العدوان، وإفشال مخططاتها.
سبأ