أوروبا والغرب أكثر المتضررين من حرب العقوبات الأمريكية
الثورة /هاشم الاهنومي
فرضت الدول الأوروبية والولايات المتحدة، عقوبات شديدة ومتنوعة ضد روسيا على خلفية حربها واجتياحها للأراضي الأوكرانية، وأثرت العقوبات المفروضة ضد موسكو على الاقتصاد العالمي بأكمله، إلا أن تلك العقوبات لم تمنع استمرار القوات الروسية في تقدمها عسكرياً .
وأكد صندوق النقد الدولي أن الأحداث في أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، ستؤثر بشكل ملموس على الاقتصاد العالمي وحالة الأسواق المالية.
وأوضح الصندوق في بيان له أنه “على الرغم من أن الوضع غير مستقر، ومن الصعب الإدلاء بأي توقعات، فإن العواقب الاقتصادية قد أصبحت جدية الآن”.
عقوبات غربية ضد روسيا
فرضت دول غربية عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا خلال الأيام الماضية بسبب غزوها الأراضي الأوكرانية .
وأكد اقتصاديون غربيون أن العقوبات على روسيا هي الأشد منذ الحرب الباردة, وقد صممت العقوبات بطريقة تعيق الاقتصاد الروسي، وتعاقب الرئيس الروسي والحكومة بسبب قرارهما شن الحرب في أوكرانيا.
وتشمل العقوبات محاولات للإضرار بالاقتصاد الروسي ومواردها المالية، وقادتها السياسيين، كما تتضمن حظر السفر وحظراً على الأسلحة.
وأعلنت بريطانيا فرض عقوبات على البنك المركزي الروسي بمنع مواطنيها والشركات البريطانية من إجراء أي تحويلات مالية مع البنك المركزي الروسي ووزارة المالية الروسية.
وتركزت العقوبات الأوروبية المالية في إخراج روسيا من نظام سويفت الذي يسمح بتحويل الأموال بشكل سهل بين الدول المختلفة.
بالإضافة إلى تجميد أصول بنوك روسية واستبعادها من النظام المالي، وإصدار قوانين لمنع الشركات والحكومة الروسية من الاستفادة من الأموال في الأسواق الأوروبية وتعليق تراخيص التصدير للسلع المدنية والعسكرية والسلع ذات التقنية العالية ومعدات تكرير النفطِ.
كما فرض الاتحاد الأوروبي حزمة من العقوبات على رحلات الطيران التابعة للشركات الروسية، ما يعني أنها غير قادرة على التحليق فوق الأجواء الأوروبية ولا الهبوط في أي من مطارات الدول الأعضاء.
واستهدفت العقوبات الغربية 70 بالمائة من الأسواق المالية الروسية والشركات الكبرى المملوكة للدولة بما فيها الشركات المملوكة لوزارة الدفاع، كما استهدفت قطاع الطاقة الروسية بمنع الصادرات التي يحتاجها قطاع الطاقة في روسيا.
وجمدت ألمانيا منح تصاريح لخط (نورد ستريم2) الروسي المخصص لتصدير الغاز إلى أوروبا كأولى الدول التي وجهت العقوبات الاوروبية ضد روسيا
من جهته أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض عقوبات مماثلة للعقوبات الأوروبية ضد روسيا وأن بلاده بالتعاون مع حلفائها سيمنعون ما يزيد على نصف الواردات الروسية، من السلع ذات التقنية العالية، التي تستخدم في الصناعات العسكرية.
عقوبات شخصيات
استهدفت العقوبات الغربية عدة شخصيات بارزة في روسيا، على رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، الذي تم تجميد أصوله في الولايات المتحدة، وكندا، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، علاوة على حظر للسفر إلى الولايات المتحدة.
وفرضت أستراليا عقوبات على الأثرياء الروس، وأكثر من 300 من البرلمانيين الروس، الذين صوتوا بالسماح بإرسال الجيش إلى أوكرانيا.
من جانب آخر فرضت بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا عقوبات على بيلاروسيا لدورها في تسهيل الهجوم الروسي على الأراضي الأوكرانية.
محللون غربيون والعقوبات الأوروبية
ويرى محللون سياسيون مختصون غربيون للشؤون الاقتصادية أن العقوبات بشكل كامل مصممة “لدفع روسيا بشكل قوي ومتسارع نحو الدخول في ركود اقتصادي، بالتزامن مع فوضى في القطاع البنكي”.
وفي الغالب ستحتاج الحكومة الروسية إلى توفير سيولة مالية ضخمة، لتنفيذ خطة إنقاذ مالية لقطاعها البنكي ما سيكلفها مبالغ ضخمة ستستقطع من الاحتياطي الأجنبي المتوفر لديها والذي يبلغ نحو 630 مليار دولار، والكثير منها غير ممكن الوصول إليه حاليا.
وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها فرض عقوبات على البنك المركزي، في إحدى دول مجموعة العشرين الكبرى.
وبعدما فقد الروبل الروسي أكثر من 30 بالمائة من قيمته أمام الدولار، اضطرت الحكومة الروسية إلى زيادة نسبة الفائدة على العملة المحلية في محاولة لوقف الانهيار.
يذكر أنه عندما تم منع إيران من التعامل في نظام سويفت عام 2012م، بضغوط أمريكية، فقدت البلاد أكثر من نصف عائدات القطاع النفطي و30 بالمائة من عائدات التجارة الخارجية.
الرد الروسي على العقوبات
نقلت وكالة الإعلام الروسية عن دميتري بيريتشيفسكي، مدير إدارة التعاون الاقتصادي في وزارة الخارجية، قوله إن “رد فعل روسيا سيكون سريعا ومدروسا وملموسا”.
وهددت وزارة الخارجية الروسية بفرض عقوبات من جانبها ضد الغرب كرد على تلك العقوبات التي وصفها أحد المختصين بتسونامي العقوبات، يتضمن ذلك تقليل أو قطع الغاز الروسي عن أوروبا، كما منعت شركة طيران (بريتيش إيروايز) من دخول الأجواء الروسية أو الهبوط في مطارات الروسية.
وأكدت أن قطع إمداد الغاز الروسي لأوروبا سيكون له أثر عكسي كبير في زيادة الأسعار على العالم كله، وخاصة على ذوي المداخيل المنخفضة الذين يشكل شراء الأغذية والوقود الحصة الكبرى من نفقاتهم، وأن العقوبات ضد روسيا ستؤثر بشكل ملموس على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية، محذرا من أن الأكثر تعرضا لهذا التأثير هي البلدان التي لها علاقات وثيقة مع روسيا أو أوكرانيا.
تحذيرات روسيا
كما حذرت روسيا الغرب، من أنها تعكف على تجهيز رد واسع النطاق على العقوبات سيكون سريعا ومؤثرا وينال من معظم القطاعات المهمة.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي حذرت روسيا من أن أسعار النفط قد تتجاوز 300 دولار للبرميل إذا حظرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واردات النفط الخام منها.
وتقول روسيا إن أوروبا تستهلك حوالي 500 مليون طن من النفط سنويا، وتورد روسيا لها حوالي 30 في المئة من هذه الكمية أي 150 مليون طن بالإضافة إلى 80 مليون طن من البتروكيماويات.
آراء وتوقعات
من المتوقع أن العالم وعلى رأسهم الغرب سيتأثر بالعقوبات المفروضة على الدولة العظمى روسيا ويوثر بشكل ملموس على الجانب الأهم الاقتصادي والأسواق العالمية والمتضرر الأول الدول ذات العلاقة الأساسية مع روسيا وأوكرانيا، فنوايا واشنطن وحلفها تركته روسيا على الهواء وتستمر في تكتيكها حتى تحقيق هدفها في ظل العقوبات الغربية.. ويرى محللون روسيون أن روسيا رغم كل هذه العقوبات لازالت قادرة على إجراء التحويلات المالية باستخدام أنظمة أخرى غير سويفت، على سبيل المثال، باستخدام نظام (كروس بوردر) الصيني للتحويلات المالية.
لكنها في الوقت نفسه قد تؤثر على الغرب، وخاصة الدول التي تعتمد بشكل شبه كلي على واردات قطاع الطاقة الروسي في حال لم تجد بديلا له.
وتمد روسيا دول الاتحاد الأوروبي بنحو 26 في المائة من حاجاته في قطاع الطاقة، و38 في المائة من حاجاته في قطاع الغاز حتى أن حدوث تراجع طفيف في هذه الواردات سيرفع أسعار الطاقة في أوروبا.