غارات وقرارات.. مجلس الأمن شريك في العدوان على اليمن (الحلقه 14)

مجلس الأمن منصة دولية لتبرير العدوان والحصار على اليمن

 

القرار (2216) (مجلس الأمن شريك في الجريمة)

الثورة /
خلال فترة الأربعين يوماً من سياسة الصبر الاستراتيجي، قامت قوات التحالف – الذي تقوده السعودية – بشن مئات الغارات على مختلف المحافظات اليمنية، مجلس الأمن لم يقم بالدور المتوقع منه ولو بإصدار قرار يقضي بإدانة ووقف العدوان الذي لم يواجَه بعيار ناري واحد، بل شارك التحالف في جريمة العدوان بارتكابه مخالفتين جسيمتين لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني:
المخالفة الأولى، بتجاهله إقدام التحالف على تنفيذ مُعلَن لجريمة العدوان واستهداف المدنيين والتزم الصمت لعشرين يوماً نفذ التحالف خلالها مئات الغارات على مختلف المحافظات اليمنية استهدفت البنى التحتية والأعيان المدنية، مخلفة (3362) قتيلاً وجريحاً من المدنيين، بلغ عدد القتلى (1037) منهم (214) من الأطفال و(184) من النساء بينما بلغ عدد الجرحى (2325) منهم (352) من الأطفال و(485) من النساء(1).
المخالفة الثانية الجسيمة، التي ارتكبها مجلس الأمن بحق اليمن والقانون والعرف الدولي هي إصدار مجلس الأمن القرار (2216) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته (7426)، المعقودة في 14 أبريل 2015م، فقد فاجأ مجلس الأمن العالم بقراره الذي يُعد فضيحة تاريخية ليس للمجلس فقط وإنما لمنظومة الأمم المتحدة ككل، حيث لم يتطرق نهائياً لإعلان التحالف وتنفيذه العمليات الهجومية على اليمن، وتغاضى بشكل متعمد وكلي عن المئات من جرائم الحرب التي راح ضحيتها آلاف المواطنين وترافقت مع قصف شعب بأكمله وفي مختلف محافظاته مسببةً دماراً هائلاً في البنى التحتية والأملاك العامة والخاصة.
في محاولة لتضليل المجتمع الدولي وبعد ستة أيام من إصدار المجلس للقرار (2216) أعلن التحالف في 21 أبريل 2015م انتهاء عملية “عاصفة الحزم”، بحسب بيان الناطق العسكري للتحالف بعد 26 يوماً من بدء العملية التي التزم اليمنيون خلالها بضبط النفس وعدم الرد وإتاحة الفرصة لمجلس الأمن للقيام بمسؤولياته الذي لم تصدر منه أي إدانة أو تدخل لإيقاف العدوان، مما شجع دول التحالف لاستمرار العدوان وإعلانه في نفس البيان عن عملية جديدة تحت مسمى “إعادة الأمل”، عادت فيها لقصف الأراضي اليمنية ومحاولة احتلالها(2).
طوال أربعين يوماً كان التحالف يَشُن هجماته وضرباته الجوية والبرية والبحرية على اليمن مخلفاً آلاف الضحايا المدنيين، حيث بلغ عدد الضحايا (5731) بين قتيل وجريح، فخلال هذه الفترة بلغ عدد القتلى (4144) منهم (661) من النساء و(585) طفلاً، بينما بلغ عدد الجرحى (1587) منهم (250) من النساء و(289) طفلاً(3).
ا- مجلس الأمن يُشرع العدوان برسالة.. عذر أقبح من ذنب:
مجلس الأمن بإصداره القرار (2216) قام بإحياء وتدويل نزاع داخلي قد انتهى، ونجح أخيراً فيما سعى إليه منذ 2011م في جعل الحالة في اليمن تهدد السلم والأمن الدوليين ولكن ليس بسبب تهديد اليمن لجيرانها أو للأمن الدولي بل بسبب تهديد المجلس وأكثر من 20 دولة للأمن والسلم الدوليين في اليمن، ودعمه لتحالف دولي على رأسه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، لشن عدوان مكتمل الأركان على اليمن بالهجمات والقصف الجوي والبري والبحري وغزو واحتلال الأراضي وتدمير المقدرات والمنشآت الحيوية والبنية التحتية المدنية والعسكرية العامة والخاصة وتجنيد المرتزقة من مختلف دول العالم.
كل تلك الجرائم تمت بغطاء دولي أممي بقيادة مجلس الأمن الذي بدأ قراره (2216) بديباجة حاول فيها جعل رسالة مزعومة من الرئيس المستقيل والفار من اليمن، مبرراً لشرعنة العمليات العسكرية التي أعلنها التحالف من واشنطن قبل 20 يوماً من صدور القرار، حيث نصت على: “وإذ يحيط علما بالرسالة المؤرخة 24 آذار/مارس 2015 الموجهة من الممثل الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، التي يحيل بها رسالة من رئيس اليمن يبلغ فيها رئيس مجلس الأمن أنه ”قد طلب من مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية تقديم الدعم على الفور، بكل الوسائل والتدابير اللازمة، بما فيها التدخل العسكري، لحماية اليمن وشعبه من استمرار عدوان الحوثيين”، وإذ يشير إلى الرسالة المؤرخة 26 مارس 2015م الموجهة من الممثلة الدائمة لدولة قطر S/2015/217، التي تحيل بها رسالة من ممثلي الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة قطر ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية.”
حاول المجلس في هذه الديباجة إقحام نفسه كجهة معنية برسالة هادي رغم اعترافه أنها لم تصله إلا قبل بدء العدوان بأقل من 48 ساعة في 24 مارس 2015م، هذه الرسالة التي لم تخاطب مجلس الأمن أساساً بل خاطبت مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية بطلب التدخل العسكري، ولم تعرض من قبل على مجلس الأمن ليناقشها ويتخذ فيها قراراً حسب ميثاق الأمم المتحدة ولائحته، بل لم يكتبها هادي ولم يعلم بها حسب ما جاء في مقابلته التلفزيونية في برنامج (اليمن في أسبوع) على قناة أبوظبي الإماراتية في 26 أكتوبر 2018(4)، وكذلك تصريح مبعوث الأمم المتحدة “جمال بنعمر”، لقناتي الجزيرة(5) والميادين(6) بأنه قد حصل على تطمينات من السلطات السعودية بعدم دعم أي تحرك عسكري.
وكذلك الحال بالنسبة لرسالة ممثلي التحالف التي قال مجلس الأمن في ديباجته إنها وصلته في تاريخ 26 مارس 2015م أي بعد بدء العمليات العسكرية للتحالف في عدوانه على اليمن تحت مسمى “عاصفة الحزم”، في مخالفة صريحة لأحكام الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة التي تنظم إجراءات وأعمال التنظيمات الإقليمية وتلزمها بالعمل تحت إشرافها.
وفي حال تسليمنا بقيام المجلس بتسلم الرسالتين فعلاً، فالسؤال الأهم: لماذا لم يمنع مجلس الأمن المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي لطلب التدخل العسكري في نزاع داخلي يمني؟ ولماذا لم يسعَ حسب واجباته المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة لإيجاد حلول سلمية مع الأطراف اليمنية التي تتعامل إيجاباً مع مبعوث الأمم المتحدة في استمرار عملية الحوار والتفاوض السلمي مع المكونات اليمنية؟!
(1) قاعدة بيانات المركز اليمني لحقوق الإنسان لرصد وتوثيق انتهاكات جرائم العدوان.
(2) انتهاء «عاصفة الحزم» بعد تحقيق أهدافها.. وبدء عملية « إعادة الأمل» (al-jazirah.com)
دول التحالف تعلن وقف #عاصفة_الحزم في اليمن (alarabiya.net)
(3) قاعدة بيانات المركز اليمني لحقوق الإنسان لرصد وتوثيق انتهاكات جرائم العدوان.
(4) اليمن في أسبوع – الثالثة عشرة – YouTubeالدقيقة 10:00
(5) بلا حدود- مع المبعوث الأممي الأسبق لليمن جمال بن عمر – YouTube الدقيقة 34:18
(6) لعبة الأمم | مع جمال بن عمر | 2021-05-05 – YouTube الدقيقة 10:35

قد يعجبك ايضا