عبدالله الصعفاني

خبازة ما تحب خبازة..حتى في الأدب..!

 

 

ليس من لوازم أي مشهد أدبي أن تقوم حركته وتفاعلاته البيانية الصاعدة الهابطة على الشكوك أو سوء الظن سيرًا على اعتقاد مشوه مفاده أن الآخر هو الخطأ، وأن حضوري مشروط بغياب غيري ..وأقصد هنا غياب التواصل واللقاءات بين أدباء هم في الحقيقة بعض من إشراقات أوعية الروح والعاطفة والوجدان..
* خطر في بالي هذا الاستهلال وانا أصغي لمراقب من الوسط الثقافي وهو يقول:
تصور انه حتى الأماكن العامة الثقافية المفتوحة تشهد حضور شلة بعينها ليكون المعادل هو غياب الشلة الأخرى والعكس صحيح، رغم أنه ليس في الحال والمقال ما يستدعي اصطناع الجفوة ولو في مخزون اللا شعور .. ومن هذه المواقف ما هو غارق في الخطأ المباشر ويحتاج إلى تصويب يذيب الحاجز الوهمي بين كل زيد وكل عمرو..!
..ولا يعني هذا عدم استثناء أسماء كثيرة عابرة للعُقد، منفتحة على الجميع تمتلك قوة دفع رباعية لتبديد جليد سوء الفهم..
* والحق أن الذي نسمعه عن المنشغلين بصناعة الفجوات بين الأخوة يلفت النظر إلى أمور تستدعي التساؤل حول مبرر أو جدوى وضع عزلة تتسع وتفرض نفسها بين أسماء محترمة في إنتاجها الإبداعي، لكنها بحسابات العقول والعواطف تخدش اللوحات الجمالية بسوء إدارة العلاقات الإنسانية مع شركاء الإبداع..
* هذا الواقع الغريب دفع مثقفًا أثق في جمال روحه وحساسية مشاعره إلى التعبير عن الاستياء من أن بين عدد غير قليل من المثقفين ما يشبه القطيعة أو اللا حب- حتى لا أقول الكراهية- وهذا الحال يثير السؤال.. هل للمثل الشعبي (خبازة ما تحب خبازة) حضوره الخاطئ حتى في رؤوس هامات الثقافة والأبداع..؟ و(إذن) فإن في استمرار ذلك ما يجعل حظوظنا عاثرة حتى في علاقات إنسانية راقية في وسط هو في الواقع ضمير المجتمع ونافذة تجليات إنسانية يصعب إنكارها لمن يقرأ الإنتاج الأدبي اليمني فيرى في ديوان عرب اليمن وقصصهم من الإبداع ما يتجاوز قدرات المصور المثابر المحترف، فهل لأحدٍ مهما كانت سوداويته إنكار هذه النصوص الأدبية اليمانية الناطقة بالحركة
والجمال والخيال والحياة..؟
* ويتواصل نبض السؤال الباحث عن تفكيك الفجوات في علاقة بعض الأهرامات الإبداعية ببعضها وتتوالد استفهامياته الصغيرة طلبًا لواقع جديد تكون إجاباته من النوع الذي يلامس شغاف القلب، جمالاً وأخوة وصداقة ومحبة..!
وبالنسبة لكاتب صحفي هو في الواقع متطفل على واقع أدبي من بوابة بيت أو ناد أو مؤسسة أو قهوة يرتادها مثقفون هاربون من عطالة وسوء أوضاع معيشية وإنسانية فإنه يعلن صدمته من أي عدمية في العلاقات الإنسانية بين مبدعين يجمعهما الكثير وتفرقهما تصورات إبليس ..
* وثمة أسئلة تتصاعد مطاولة جبل نقم: متى ينتصر المثقف لمفردات الحياة والسلام والجمال،؟ وكيف غيَّبته المؤسسات الحكومية عن دوره وأظهرته في حالة إعاقة، مقهوراً بأطماع أكلة الزاد والأطباق في أنظمة الحكم المتعاقبة ومع ذلك فهو مشغول بعداوات جهوية واهمة؟!
* لماذا يمشي بعض المثقفين في جنازات فقدان أخوة وزملاء متناسين انهم كانوا فيها السكين والنعش وحملة الصندوق الخشبي..؟ ما الذي يمنع أن يواكب تضخم الإبداعي اليمني الجميل المعروض خارج اليمن ثم يحتبس الكتاب وصاحب الكتاب في الظن البائس ودهاليز شبكة سوء الفهم و شبكة مصالح في منتهى الهزالة؟!!
* إن المراقب ليستغرب كيف أن واقعنا اليمني الذي ودَّع عظماء متتابعين ما يزال رغم ثقل الحرب والفقر والأوجاع ينتج القصيدة والقصة القصيرة والرواية وكل الفنون الإبداعية بصورة تناسب أذواق المتلقين غالبا، ومع ذلك يضيق أفق العلاقات الإنسانية وتحضر مفردات تتشكل من غريب التصورات، وفي أشكال من الجفوة والغيبة والنميمة، ويتسبب ذلك في عثرات أشخاص لمجرد انهم ليسوا ضمن شلة هنا أو هناك، والمؤسف أن ذلك يستمر حتى يستيقظ الجميع كل مرة من الوهم وسوء الظن على رحيل أحباء طالما كانوا عرضة لشوكات ناقمة من شركاء لهم رغم أن فضاء الإبداع يتسع للجميع .

قد يعجبك ايضا