الضحك بجرعات هائلة من الدموع


قد يبدو من السهل أن تنجح في إضحاكö أحدهم ومن السهل أيضا أن تدفعه للبكاء, لكن الصعوبة تكمن في أن تبكي أحدا وأنت تضحكه أو تضحكه وأنت تبكيه في اللحظة نفسها.
إنها سخرية القدر أو كما يقال “شر البلية ما يضحك”.
يرى سوروكين أن هناك ثلاث قوى قادرة على إعادة التوازن للعالم «قوة الحقيقة قوة الجمال قوة الطيبة والخير أو الحب الإبداعي- غير المنفعي”,
ويرى دوستويفسكي “أن الجمال وحده القادر على إنقاذ العالم”, تشارلي شابلن بطريقته الفريدة يسبقهم ويقدم لنا هذا في واحدة من روائعه بل لعلها الأفضل على الإطلاق “أضواء المدينة_1931”, وهو أحد الأعمال الخالدة التي تفخر بها السينما الأمريكية كما تستشهد بها وتقدمها كأنموذج كل مدارس السينما العالمية.
هذا العمل يحتل المرتبة الثامنة والثلاثين ضمن قائمة المائة فيلم كوميدي حسب مواصفات وتقييم المعهد الأمريكي للسينما والمرتبة العاشرة في قائمة أفضل مائة فيلم مثير للشجن , ويتواجد أيضا ضمن قائمة المائة فيلم الأفضل في تاريخ القرن.
تشارلي تشالن صاحب شخصية الصعلوك الشهيرة هذا الرجل الانجليزي الممثل والكاتب والمخرج والمنتج والمؤلف الموسيقي الذي اكتسح الشاشة في العصر الصامت واعتبر أحد أهم رواد هذا الفن بالإضافة لكونه الاسم الأبرز عالميا…
في مجال صناعة السينما لا أحد على الإطلاق يستطيع تجاهل ما قدمه هذا الفنان لذا ومنذ الدورة الأولى في احتفالية الأوسكار 1927 تم منح جائزة أوسكار فخرية تكريما لجهوده وأعماله المنجزة خلال الأعوام التي سبقت وكذلك لمسيرته القادمة عموما.
وخلال مسيرته الفنية أو بعدها تم تكريمه والاحتفاء بمسيرته بطرق عدة إذ أقيمت على هيئته منحوتات ونصب عدة في عدد من دول العالم مثل ذلك الذي أقامته بريطانيا في “ليستر سكوير”, أو العرض الدائم الذي يستعرض حياته الشخصية والمنهية في متحف لندن, كما أنه سبق وتم الإعلان أنه سيتم تحويل منزله الذي في سويسرا إلى متحف في عام 2015…
كان من تلك الأعمال الخالدة التي قدمها .. “حمى البحث عن الذهب_1925”, “أضواء المدينة_1931”, “العصر الحديث_1936″, ” الديكتاتور العظيم_1940″.
القرار الجريء والانتصار للصمت
واجه تشابلن خلال عمله على إنجاز هذا الفيلم مشكلة ظهور موجة الأفلام الناطقة التي كانت قد بدأت قبل ذلك بثلاث سنوات, وبعد توقف عاد بإصرار وجرأة ليتم عمله مضيفا له بعض المؤثرات الموسيقية فقط..ورغم اعتراض البعض واستغراب كثير من النقاد إلا أنهم بعد عرضه سرعان ما اعترفوا بالنجاح الباهر له ولمنجزه..
تدور القصة حول صعلوك فقير يعيش يومه دون مبالاة بمشقة الحياة وبتفاؤل يجعله أقرب للساذج منه إلى الحكيم, المفصل الأول في الحكاية عندما يلتقي هذا الصعلوك بصدفة محضة بالفتاة بائعة الزهور العمياء الجميلة, إذ تبدأ في الاعتقاد أنه رجل ثري نتيجة تصرف عبثي غير مقصود من قبل الصعلوك “تشابلن”, هذا المشهد صاحب الرقم القياسي في إعادة تصويره بتاريخ السينما حيث تم إعادة تصويره 342 مرة..
في ليلة ما يلتقي برجل غني ثمل وبائس يحاول الانتحار لكن هذا الفقير يقنعه بالعدول عن فعلته وتنشأ بينهما من هنا صداقة غريبة…وهنا يبدأ المفصل الثاني من القصة.
أما المفصل الرابع فهو يبدأ حين يتخلى عنه صديقه في الوقت الذي يكون بأمس الحاجة إلى عونه لكي يقف بجانب الفتاة العمياء, الأمر الذي يضطره للعمل كعامل تنظيف في الشوارع في محاولة بائسة لكسب ما قد يكفي لكن هذا لا يكفي وهنا يعود صديقه الثري ويبدأ سوء الحظ بالتلاعب في مصيره مرة أخرى, وينتهي به المطاف في السجن.
المفصل الأخير من القصة..بعد خروجه من السجن وقد تمكنت الحياة أخيرا من امتصاص تلك الروح المتوهجة وسلبه الإرادة وذلك القلب المتفائل الذي كان يخفف عنه في مواجهة الأيام…وهناك في طريقه يلتقي الفتاة العمياء التي لم تعد كذلك…
الفيلم من تأليف وإخراج ومونتاج وبطولة تشارلي شابلن يشاركه في البطولة الجميلة الأمريكية “فرجينيا شيرلي” والتي رغم قدراتها لم تستمر طويلا في مشوارها الفني حيث بدأت في1930 وتوقفت في 1933 بعد زواجها من المخرج كاري غرانت.
“أضواء المدينة” عمل جبار يعيد لأفلام الأسود والأبيض وللصمت هيبتهما سيفوته الكثير من لم يحظ بفرصة مشاهدته..
“الجوع لا ضمير له”, “الكلمات رخيصة , أكبر شيء تستطيع قوله هو (فيل)!”, “نحن نفكر كثيرا ونشعر قليلا”..
“تشارلي شابلن”

قد يعجبك ايضا