المناطقية.. سلاح يستهدف أبناء مدينة عدن

مليشيات الإمارات تسوق المواطنين إلى الموت ومرتزقة الحرب يفلتون من العقاب

 

 

تقرير/ عادل محمد باسهيل
أدت المعارك الدامية التي شهدتها منطقة خور مكسر في مدينة عدن المحتلة –الأحد- إلى عودة التعاطيات المناطقية في صفوف مليشيات المجلس الانتقالي التابع لدويلة الإمارات، في محاولة بائسة للتغطية على فشلها في السيطرة على المليشيات والقيادات العسكرية والأمنية المتناحرة في عدن وبقية المحافظات المحتلة.
وفي هذا الاتجاه عقدت ما تسمى بهيئة رئاسة الانتقالي اجتماعا سعت من خلاله لتبرير ما شهدته خور مكسر من مواجهات مسلحة وأحداث دامية واصفة المعارك بـ”الأحداث المؤسفة والتصرفات اللامسؤولة” في إشارة إلى أن قوى معادية تقف خلف ما جرى وهو ما اعتبره مراقبون للمشهد العسكري والأمني تغطية على ما تشهده مليشيات دويلة الإمارات من صراع.
وفيما أقرت هيئة الانتقالي ضرورة إخراج ما يسمى بـ”قوات الطوارئ” التابعة لـ”صامد سناح” من جزيرة العمال، تم اعتبار ذلك القرار إجراءً سياسياً، يشير إلى انحياز قيادات الانتقالي إلى الفصيل الذي يقوده “محمد حسين الخيلي” الأمر الذي يعكس اتهاماً لفصيل “صامد سناح” بالانشقاق عن مليشيات الانتقالي الوقوف في صف مليشيات الفار هادي، كما جرى خلال أحداث كريتر الدامية في أكتوبر العام الماضي، والتي أدت إلى نفي القيادي في مليشيات الانتقالي “إمام النوبي”.
وفي ذات السياق وجه أنصار الانتقالي اتهاماً للقيادي “صامد سناح” بتلقيه دعماً من وزير داخلية حكومة المرتزقة “إبراهيم حيدان” وتداولوا وثيقة على مواقع الـ”سوشيال ميديا” تتضمن قراراً من “حيدان” بتعيين “سناح” مديراً لنادي ضباط الشرطة في جزيرة العمال ومنحه رتبة رائد، واعتبروا الأمر خيانة من سناح للانتقالي وانحيازاً لصالح الجهات المعادية له ومنها “حيدان”.
حرب مناطقية
ولم تتوقف الاتهامات عند هذا الحد، بل إن أصواتاً وتعاطيات مناطقية تعالت في صفوف قيادات وانصار الانتقالي تقول إن “صامد سناح” منحدر من المحافظات الشمالية، وإن ذلك يبرر خيانته للانتقالي، ما يشير إلى تكرار ما جرى في أحداث كريتر في أكتوبر حيث أسمى المجلس الانتقالي في أقنيته الإعلامية القيادي المنشق عنه “إمام النوبي” بـ”إمام الصلوي” باعتباره منحدراً من محافظة تعز.
وبحسب المراقبين، فإن التعاطيات المناطقية التي يتم تداولها اليوم تشير إلى أن مليشيات الانتقالي تستعد لتنفيذ موجة جديدة من عمليات السحل والاغتيال والاعتقالات والمداهمات التعسفية للمنازل ترافقها عمليات تهجير للمواطنين في مدينة عدن بذريعة البحث عن مطلوبين.
وشهدت مدينة عدن صباح يوم الأحد، اشتباكات عنيفة بين مرتزقة دويلة الإمارات استمرت حتى وقت متأخر من الليل، واستخدمت فيها قذائف الأر بي جي والرشاشات والنيران الكثيفة.
واتسعت رقعة المواجهات بين فصائل الارتزاق والعمالة، حيث أكدت مصادر محلية بأن المواجهات التي تفجرت صباحاً في منطقة خور مكسر بين فصيل من المرتزقة يتبع المرتزق شلال شائع بقيادة المرتزق صامد سناح، وفصيل يتبع قوة تسمي نفسها قوات الطوارئ في الحزام الأمني بقيادة المرتزق محمد الخيلي، امتدت إلى مديرية المنصورة وسط انفجارات عنيفة هزت مدينة عدن.
وأدى اتساع رقعة المواجهات إلى إعلان إدارة مطار عدن الدولي، تعليق الرحلات الجوية من وإلى المطار، بسبب احتدام المعارك بين المرتزقة والعملاء المنتمين لما يسمى المجلس الانتقالي في محيط المطار.
وذكرت أنباء أن مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي العميل التابع لدويلة الإمارات قام باستهداف إحدى الطائرات المدنية التي حاولت الهبوط في مطار عدن، وطائرة أخرى تابعة للأمم المتحدة، وأكدت مصادر ملاحية أن إدارة المطار طلبت تأجيل موعد رحلات جوية كان يستعد المطار لاستقبالها.
مليشيات الإمارات تسوق المواطنين إلى الموت
وحول ما تشهده مدينة عدن المحتلة من أحداث ومعارك دامية من حين لآخر، تساءل عدد من المراقبين السياسيين والناشطين الحقوقيين عن مصير القيادات العسكرية لفصائل الانتقالي المتناحرة، والتي خلفت حروبها ومعاركها كوارث متتالية في عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة.
وأكد المراقبون أن ثمة صراعاً مسلحاً بين الفصائل الجنوبية، لكن آثاره يتم تغييبها، مشيرين إلى ما تشهده عدن اليوم من صراع، سبقه صراع مسلح بين قوات جنوبية في لحج، الأمر الذي يثبت وجود مشكلة حقيقية في عدم السيطرة على القوات العسكرية والأمنية المتناحرة في عدن وبقية المحافظات المحتلة.
من جانبهم، أكد إعلاميون أن عصابات الحرب وأمراءها في المحافظات الجنوبية المحتلة يسوقون المواطنين إلى حتفهم وينجون بأنفسهم، حيث أكدوا أن قائد قوات الطوارئ في عدن “صامد سناح” دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق في المواجهات التي شهدتها مديرية خور مكسر بمدينة عدن بين قواته وقوات “محمد حسين الخيلي”، وعبَّر -في تصريحات نشرها الإعلامي في قوات الطوارئ “عبدالكريم العبادي”- عن استعداده المثول أمام لجنة التحقيقات، قائلاً: إن قواته لم تعتدِ ولكن كان لها الحق في الدفاع عن النفس بعد مهاجمتها في مواقعها بجزيرة العمال.
وكانت الأنباء تحدثت عن أن قوات العاصفة التي يقودها “أوسان العنشلي” وقوات من الحزام الأمني إلى جانب القوات البرية التي يقودها “علي البيشي أبو طاهر” قد طوقت منافذ جزيرة العمال، وظهر “البيشي” في تصوير مسرب أثناء إجرائه مكالمة هاتفية مع “سناح” يطالبه فيها بالخروج من الجزيرة وتسليم نفسه.
صراع النفوذ
وقال الإعلاميون إن حقيقة المواجهات تتعلق بحرب النفوذ والسيطرة القائمة بين تيار “عيدروس الزُّبيدي” الذي يمثله “الخيلي”، وبين تيار قائد مكافحة الإرهاب “شلال شائع” الذي يمثله “سناح”، مشيرين إلى أن ذلك هو ما يفسر مساعي القبض على “سناح” وإغفال القبض على “الخيلي” اللذين يتواجدان في عدن حتى اللحظة.
وأشاروا إلى أن من سمي بإمام الحرب في كريتر “إمام النوبي” قائد ما يسمى بالحزام الأمني السابق، الذي تسبب في اندلاع مواجهات عنيفة في المديرية في أكتوبر 2021، وصل إلى مصر في نوفمبر 2021، بعد نحو شهر ونصف من خروجه من عدن عقب الأحداث الدامية بين الفصائل الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي في المدينة، مؤكدين أنه وبدلاً من محاكمته عن تسبُّبه في أحداث كريتر، قامت حكومة فنادق الرياض بمكافأته براتب شهري يقدر بـ3 آلاف دولار لاستقراره في القاهرة.
وتساءل المراقبون والإعلاميون عن مصير القتلى والجرحى ومن دُمرت بيوتهم وممتلكاتهم جراء الأحداث الدامية، خصوصاً بعد اكتفاء السلطة المحلية بتشكيل لجان لحصر الأضرار فقط بدون أي تعويضات؟!
أما قائد ما تسمى بقوات العاصفة التي يقودها “أوسان العنشلي”، ووحدات أمنية أخرى في مليشيات الحزام الأمني بعدن، التي تواجهت مع قوات النوبي، وخلّفت المواجهات أكثر من 65 شخصاً بين قتيل وجريح معظمهم مدنيون، فلا يزال في منصبه إلى الآن.
قبل ذلك، وفي يونيو 2021، كان قائد ما يسمى بالقطاع الثامن حزام أمني في الشيخ عثمان “كرم المشرقي” قد أدلى بتصريح ناري في تسجيل مرئي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيه إنه لا يمكن أن يدخل خصمه “نبيل المشوشي” المديرية مجدداً، على خلفية مواجهات دامية هناك.
وكانت الشيخ عثمان قد شهدت آنذاك اشتباكات ومعارك عنيفة استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين ما يسمى بقوات القطاع الثامن حزام أمني بقيادة “كرم المشرقي” وقوات تابعة لما يسمى باللواء الثالث دعم وإسناد الذي يقوده “نبيل المشوشي”، وتسببت الاشتباكات في احتراق عشرات السيارات المدنية والعسكرية واحتراق بعض المباني وسقوط قتلى وجرحى من الطرفين ومن المدنيين.
وعقب المواجهات تم تعيين “المشرقي” على حزام دار سعد- القطاع السابع، إضافة إلى الشيخ عثمان- القطاع الثامن، بدلاً من محاسبته، في وقت ظل “المشوشي” في مناصبه القيادية.
أين محافظ عدن؟
وبدورهم تساءل مواطنون في مدينة عدن عن مصير المحافظ المرتزق “أحمد لملس” مؤكدين أن عدن بلا محافظ منذ أشهر، وأنهم لا يعلمون من يقوم بتسيير شئون المحافظة التي تشهد معارك مسلحة بين الفينة والأخرى، لدرجة تحولت فيها إلى ساحة حرب.
وأشار المواطنون إلى أن محافظ عدن اختفى بصورة مفاجئة عن المشهد، متسائلين عن مصيره وهل تمت إقالته أم أنه غادر عدن وترك سكانها هدفا لبنادق ورصاص المليشيات.

قد يعجبك ايضا