عمليات إعصار اليمن قوضت أمان الاستثمار والسياحة وحركة التجارة في دويلة الإمارات

الإماراتُ المهتزَّة.. إسْبَرْطَةُ المرتزقة والعدوانُ فقاعةٌ في الهواء

الإعلام الدولي يكشف انهيار إمبراطورية المرتزقة رغم الدعاية الضخمة من التطمينات

الثورة / تقرير/ عبدالرحمن عبدالله

وضعت العمليات الثلاث «إعصار اليمن» التي نفذتها القوات المسلحة في 17 يناير ، 24 يناير ، 31 يناير ، دويلة الإمارات أمام مصير مرعب تتجه إليه إذا ما استمرت في العدوان على اليمن ، بداية لم تظن دويلة الإمارات أن يصل الرد اليمني إلى حدود تلقي ضربات مميتة في عمقها..ثم الذهاب إلى النقاط الأبعد في الرد بتوسيع بنك الأهداف وتكثيف الضربات وجرأة استهداف أهداف حساسة في عمقها..وليس انتهاء بالخسائر التي لحقت بها في غضون الأيام القليلة الماضية ، والتي ستتعاظم باستمرار هذه العمليات.
بعد مرور صدمة المشهد ليس أمام دويلة الإمارات مهمة التفكير في تداعيات الضربات ، بل في انتظار القادم منها ، وهو ما أكده العميد يحيى سريع في بياناته إزاء عملية إعصار اليمن الثالثة وتجديده الدعوة والتحذير للشركات والعاملين في دويلة الإمارات من البقاء فيها ، والتأكيد بأنها باتت غير آمنة.

عمليات مميتة للاقتصاد الإماراتي
تعتمد الإمارات في ناتجها المحلي الإجمالي على تقديم نفسها كبيئة استثمارية جاذبة، ويصل مؤشر الاستثمار الخارجي فيها إلى أكثر 5% من إجمالي ناتجها ، وفقاً لوزارة الاقتصاد الإماراتية، أطلقت الإمارات في العام 2020 الخطة الاقتصادية الخمسين، تماشياً مع أهداف مئوية الإمارات 2071، لتعزيز الاقتصاد الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتطوير بيئة الأعمال المحلية، وتعزيز مكانة الشركات الإماراتية على مستوى العالم، ومنح المستثمرين القدرة على الوصول إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم.
البيئة الاستثمارية في دويلة الإمارات مهدّدة اليوم بالضربات الصاروخية والجوية اليمنية في إطار عمليات القوات المسلحة اليمنية في الرد على عدوان دويلة الإمارات على اليمن ، الأمر الذي يجعل أمان الاستثمار مفقوداً، ما سينعكس على أعداد الشركات المستثمرة والخدمات والتدفق المالي.
تمتلك دبي أكبر ميناء للحاويات خارج آسيا ، وقد صُنفت موانئ الإمارات كذلك من أكبر موانئ الحاويات في العالم، إذ حصلت في العام 2020 على المرتبة 11 عالمياً، بحسب بيانات نشرتها وكالة الشحن الدولية ، وميناء دبي معرض للقصف ما يجعل حركة الشحن ربما تفضّل طرقاً أخرى، ضماناً لأمنها من جهة، وخوفاً من تعطل رحلاتها بسبب أيّ أضرار من جهة أخرى.
مطار دبي الذي تستهدفه العمليات الصاروخية والجوية يمثل أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم (Travel Hub)، وتؤدي الإمارات دور الوسيط لعدد كبير من الرحلات الجوية في العالم، وما تؤكده المعلومات أن القوات المسلحة اليمنية ستواصل ضرب المطار ما يعرضه للخسائر حينما يصبح شعور السياح والمسافرين بعدم الاستقرار والأمان.
يشكّل القطاع النفطي أكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي لدويلة الإمارات بأكملها، وفي إمارة أبو ظبي تصل النسبة إلى 41%، الأمر الذي يعني حساسية هذا القطاع بالنسبة إلى الإمارات والتداعيات الكبيرة التي قد يتعرض لها من استمرار الرد اليمني في العمق الإماراتي، وتحديداً على منشآت النفط.
بعد عملية إعصار اليمن الأولى في 17 يناير التي استهدفت شركة النفط الإماراتية أدنوك أعلنت الشركة أنّها فعّلت الخطط الضرورية لاستمرار الأعمال، لضمان توفير إمدادات موثوقة من المنتجات لعملائها في الإمارات وحول العالم، بعد ما دمرت الصواريخ اليمنية محطة تحميل المنتجات المكررة في منطقة مصفح في أبو ظبي في الإمارات.

إمارات مكشوفة الحماية
تُصنّف الإمارات من بين أكبر 15 دولة إنفاقاً على الدفاع في العالم، وفقًا لـ»بيزنس مونيتور إنترناشونال»، وكانت خامس أكبر مستورد للأسلحة في جميع أنحاء العالم في الفترة الممتدة بين العامين 2009-2018، وفقاً لمعهد «ستوكهولم» الدولي لأبحاث السلام.
تشير التقديرات الأخيرة إلى أنّ الإمارات أنفقت 19.8 مليار دولار على الدفاع في العام 2020، أي 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعلها ثاني أكبر منفق في المنطقة ، وبين العامين 2010 و2019، تم إنفاق ما بين 15% و 16% من ميزانية الدفاع السنوية لدولة الإمارات العربية المتحدة على المشتريات مع مقاولين أجانب.
الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيَّرة التي استخدمتها القوات المسلحة اليمنية في ضرب دويلة الإمارات تصيب أهدافها بدقة ، الأمر هذا فتح باب التساؤل عن جدوى الكم الهائل من الإنفاق العسكري مع عدم القدرة على تأمين المنشآت الحيوية الأكثر أهمية بالنسبة إلى الدويلة.
وحتى مع نجاح أي محاولات إماراتية للتصدي للصواريخ لا يبدو ذلك خياراً جيداً بالنسبة لها ، فحدوث التفجيرات في سماء أبو ظبي ودبي من صواريخ الاعتراض باتريويت تشعر المستثمرين بعدم الأمان ، كما أن الخيارات الإماراتية في تعزيز العلاقة مع العدو الصهيوني ، وطلب الدعم من أمريكا وفرنسا ليس خياراً ضامناً لها ، لا سيما أن الشق الأعظم من مشترياتها العسكرية كان من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن ملامح القلق الصهيوني من التعرض لهجمات مماثلة بالطائرات المسيَّرة والصواريخ المجنحة باتت واضحة.
والجدير ذكره أنَّ وسائل إعلام إسرائيلية تحدّثت مؤخراً عن عقود وقَّعتها الإمارات مع شركة «ألبيت» الإسرائيلية لشراء أنظمة حماية بالليزر تعتمد على الأشعة تحت الحمراء، إضافةً إلى أنظمة الحرب الإلكترونية (LA).
كما أعلنت فرنسا أمس استعدادها للوقوف مع دويلة الإمارات وتعزيز منظوماتها الدفاعية ، سبق ذلك إعلان أمريكي ببيع دويلة الإمارات أسلحة ومعدات عسكرية.

الإعلام الدولي يفضح حالة الانهيار
فضحت وسائل الإعلام الدولية انهيار حالة الأمن في الإمارات في وقت بات الأجانب يخشون “أياماً أسوأ قادمة” بعد أن غيرت عمليات إعصار اليمن الصاروخية والجوية النظرة للدويلة المشهورة بأمنها ، وأوردت صحيفة The Times البريطانية أن المخاوف تسود بين المغتربين الذين يعيشون في أبوظبي ودبي ، بسبب الهجمات التي بدأ اليمنيون يشنونها على المدينة، وبات بعضهم يخشى من أن يكون قادم الأيام أسوأ.
ويأتي ذلك مع تأكيد القوات المسلحة وقيادات اليمن على مواصلة ضرب دويلة الإمارات، لا سيما أن العمليات السابقة وصلت إلى أهدافها ، وفي حديث تنقله صحيفة التايمز البريطانية تقول «من بين هؤلاء المغتربين، دين ويليامز الذي يعيش في أبوظبي مع زوجته منذ ما يقرب من 12 عاماً، لكن في تلك اللحظة التي استيقظ فيها على صوت الانفجارات في الساعة 4:20 صباحاً، ومع اهتزاز المبنى، بدأ يتساءل عما إذا كانوا لا يزالون يعيشون بأمان في العاصمة الإماراتية».
يقول ويليامز: “ذهبت إلى نافذة غرفتي لأبحث عبر المطار في الأفق عن أي علامات لحريق مشتعل، لكنني رأيت شيئاً يشبه الألعاب النارية يحلِّق وسط السحب، وشيئاً مماثلاً يسقط”.
وعادة ما تحتل أبوظبي مكاناً متقدماً في تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي لأكثر البلدان أماناً في العالم، لكن سكان المدينة استحوذ عليهم التوتر بعد الهجمات الأخيرة، ولطالما هدّد الحوثيون باستهداف المراكز السياحية والتجارية في الإمارات.
يعيش في مدينة أبوظبي أكثر من 120 ألف مغترب بريطاني، ولطالما بدت لهم الحرب في اليمن شديدة البعد، أمَّا الآن، فإن الأنقاض المتناثرة في شوارع أبوظبي باتت تذكيراً مؤلماً بوقائع الهجوم الذي حلَّ بالمدينة الخليجية.
يرى ويليامز- بعد الهجمات الأخيرة على أبوظبي- أنهم كمغتربين بدأوا يشعرون أنهم على صلة بالحرب الدائرة في اليمن.
كانت وزارة الخارجية البريطانية قد رفعت مستوى التهديد بأبوظبي، وطالبت المواطنين البريطانيين بأن يتوخوا الحيطة، كما حذرت من احتمال وقوع هجمات إرهابية أخرى “على الأرجح”.
على النحو نفسه، أوصت الخارجية الأمريكية مواطنيها بتجنب السفر إلى الإمارات، التي تقع حالياً في المستوى الرابع من تصنيف التهديد، الذي يتضمن التوصية بـ”عدم السفر إليها”.
إدوارد رينولدز- وهو مغترب إيرلندي يعيش في أبوظبي منذ سبع سنوات- يقول إنه لم يسبق شعر بالخطر في المدينة حتى الأسبوع الماضي.
وأضاف أن “الوضع مخيف حقاً على أقل تقدير.. فأنا لم أعش قط في أي مكان يعترض فيه الجيش صاروخين فوق رؤوسنا، وحتى في إيرلندا، كنت أعيش على بعد ساعة من الحدود خلال الاضطرابات”.
مع ذلك، يعتقد رينولدز أن كثيراً من المغتربين في الإمارات -حيث الأجانب هم نحو 80% من مجموع السكان- لا يزالون غير مدركين لخطورة الوضع.
وقال إن “معظم الناس هنا غافلون عن حقيقة أن الإمارات مشاركة في الحرب على اليمن، حتى أن معظم الناس إذا سألتهم لن يتمكنوا من تحديد موقع اليمن على الخريطة”
جون هانتر- يعيش في الإمارات منذ 12 عاماً ويعمل في صناعة النفط والغاز، وهو القطاع الذي سيكون هدفاً رئيسياً للضربات اليمنية- يقول إن الهجمات مزعجة وجعلته يفكر بالانتقال.

قلق ورعب وحالة من الانهيار
على إثر عمليات إعصار اليمن المتتالية على دويلة الإمارات برز بشكل صارخ تناقض النظام الإماراتي الوراثي الحاكم في أبو ظبي، بشأن دعاية التطمين وسلوك إثارة القلق للمواطنين والوافدين في الدولة ، إذ لمواجهة مخاوف المواطنين المغتربين من التطورات الأمنية الخطيرة في الدويلة، تستمر وسائل الإعلام الرسمية في الإمارات في بث دعاية تطمين منذ أول عملية نفذت في 17 يناير/كانون الثاني 2022م.
ومن بين الدعاية المنشورة تنشر تصريحات وتقارير في الصحافة الرسمية لدويلة الإمارات -حيث تنعدم الصحافة المستقلة – من بينها عبارة: “إنه مع الأمن الراسخ والمحمي في دولة الإمارات، يجب أن نطمئن إلى أن الإمارات أكثر من قادرة على الدفاع عن أراضيها.”
كما تناقلت وسائل الإعلام الرسمية تصريحات أنور قرقاش، عقب عملية إعصار اليمن الأولى، بالقول: عبث (المليشيات ) باستقرار المنطقة أضعف من أن يؤثر في مسيرة الأمن والأمان الني نعيشها، ومصير هذه الرعونة والعبثية الهوجاء إلى زوال واندحار.
ولكن على عكس هذه التطمينات تقوم السلطات بسلوكيات تثير القلق، ينسف مساعيها لتطمين السكان ، إذ هدد النائب العام في الإمارات بأن الأشخاص الذين يصورون أو ينشرون صورًا لحوادث اعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية سيواجهون اتهامات جنائية، ما يجعل الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث أكثر تعقيدًا بالنسبة للصحفيين.
مع كل عملية تزداد حالة الهلع والإرباك في حركة الطيران، كما يلاحظ من خلال موقع التتبع للطائرات ، فعلى سبيل المثال ظلت حالة الإرباك في مطارات دبي وأبو ظبي خلال عملية إعصار اليمن الثالثة لعشر ساعات، وظلت صفحات شركات طيران الإمارات وصفحات هيئة الطيران الإماراتية وصفحات باسم مطارات دبي وأبو ظبي ، تنشر تغريدات تتضمن عبارات تطمينية حتى اليوم الثالث ، يظهر من خلالها حجم الإرباك الكبير في حركة الطيران كانعكاس واحد للضربات اليمنية ، كما يتضح فشل الدعاية الإماراتية في إيجاد حالة تطمين لدى المسافرين وشركات الطيران ، خصوصا وأن الإجراءات تمضي لما يثير القلق والرعب أكثر.

إخفاء للحقائق وتهديدات للصحفيين
تلقى صحفيون لوكالات أجنبية- يعيشون في دبي وأبو ظبي- تحذيرات مماثلة تمنعهم من التصوير المتعلق بالتطورات الأمنية والأحداث الأخرى المهمة، بما في ذلك زيارة رئيس العدو الصهيوني إسحاق هرتسوغ لمعرض إكسبو في دبي.
لم يذكر المدعون الإماراتيون، القانون الذي ربما يكون قد انتهكه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الذين تم استدعاؤهم، ولكن ما حصل هو مقاضاة نشطاء حقوقيين وآخرين بموجب قانون الجرائم الإلكترونية غامض الصياغة ، والذي تم سنه لمطاردة المنتقدين والمعارضين والناشطين في دويلة الإمارات التي تملك سجلا أسود في التنكيل بالمعارضين والنشطاء.
وفيما يمكن تفهم القرارات الجديدة الصادرة بحظر تحليق الطائرات بدون طيار في الإمارات، يمكن فهم استدعاء الأشخاص الذين نشروا صوراً ومقاطع فيديو في عملية 17 يناير/كانون الثاني ، بأن الدويلة عمدت إلى إخفاء صور ومشاهد عمليات 24 يناير و31 يناير ، حيث لم تنشر أي صور ولا فيديوهات لها ، ما يعني أن دويلة الإمارات تتعمد إخفاءها وتدعي التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة على خلاف الحقيقة.
وتثار التساؤلات: لماذا تحاول السلطات الإماراتية بكل الوسائل حظر أي نشر في شبكات التواصل الاجتماعي، حتى لآثار الضربات؟.. فإذا كانت تخشى الحصول على معلومات حول أماكن الأنظمة التي تعترض الصواريخ والطائرات فنشر الآثار ليس له علاقة ، وهل تهدف دويلة الإمارات لتقديم دعاية غير صحيحة بأن الضربات لا تؤثر عليها ، أم أنها فقط تريد إثبات السيطرة والهيمنة على السكان ، ألا يرسل ذلك رسائل تثير قلق المغتربين بأن القادم سيكون أسوأ؟!.
وقبل أيام أدانت 15 منظمة حقوقية دولية، تبني الإمارات لقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021م بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية يقيد الحريات العامة في الدولة.
وقالت المنظمات في بيان مشترك، إن القانون المذكور يهدد بشدة ويقيد بشكل غير ملائم الحق في حرية التعبير (على شبكة الإنترنت وخارجها)، والحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي في الإمارات العربية المتحدة.
ودخل قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، الذي تم تبنيه بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لعام 2021م، حيز التنفيذ في 2 يناير 2022م، ليحل محل القانون الاتحادي السابق رقم 5 لعام 2012م بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وجاء في البيان أن النص الجديد لا يعالج الأحكام الإشكالية لسابقه، بل على العكس ، يقيد الحيّز المدني وحرية التعبير داخل الإمارات العربية المتحدة ويحافظ على تجريم الأفعال المحمية بموجب القانون الدولي.
وأعرب البيان عن القلق من أن المصطلحات الفضفاضة والغامضة المستخدمة- لا سيما في ما يتعلق بالمسائل المتعلقة بـ “أمن الدولة”- تمنح السلطات الإماراتية سلطة تقديرية مفرطة لتجريم وفرض عقوبات سجن طويلة على الأفراد الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
كما يسمح القانون بتجريم عمل الصحفيين والمبلغين والنشطاء والنقاد السلميين ، ويعرض أولئك المنخرطين في أنشطة مشروعة لعقوبات سجن قاسية وغرامات باهظة.
ودعا البيان، السلطات الإماراتية إلى إلغاء القانون على الفور أو تعديل أحكامه بشكل كافٍ، بحيث يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

قد يعجبك ايضا