وول ستريت تؤكد أن العملية من أكثر الهجمات جرأة.. ومسؤول أمريكي: مشاركة الإمارات في الحرب هي السبب
وكالات دولية تنشر صوراً للدمار الذي خلّفه الإعصار في مطار أبو ظبي
تقرير / وديع العبسي
لم يكن التداول الواسع لعملية «إعصار اليمن» ضد الإمارات وليد حادثة عابرة هاجم فيها طرف في معركة الطرف الآخر، وإنما لكونها حملت دلالات وأبعاداً تبدو في مجملها بمثابة «إعصار» التهم «عاصفة» العدوان، فأربك كل الحسابات وأضاع ملامح الأوراق التي اعتمدت عليها قوى العدوان لتحقيق أي مكاسب.
في إحصائية أولية، تَبَيّن أن أكثر من ٤٠٠ تقرير إعلامي دولي قد رصد العملية وتداعياتها على دويلة الإمارات، حيث تحدثت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن إطلاق القوات المسلحة «وابلًا من المسيرات والصواريخ على أبوظبي»
فيما ذكرت ال”سي ان بي سي” أن سعر النفط ارتفع لأعلى مستوى منذ سبع سنوات عقب الهجوم على الإمارات، ووصفت «نيويورك تايمز» العملية بأنها «ضربات عسكرية نادرة على الإمارات»، في تقرير من إعداد فيفيان يي وايزابيلا كواي وشعيب المساوى.. وتناولت الـ”فورن بوليسي” العملية في تقرير من إعداد كولم كوين، فيما اعتبرتها «الجزيرة الإنجليزية» بمثابة رد من القوات المسلحة على تحيز الأمم المتحدة التي دعت إلى إطلاق سراح السفينة الإماراتية.
المفاجأة التي سببتها العملية لتحالف العدوان – والذي أعقبها بتصعيد الغارات على رؤوس المدنيين تناولته وكالة «رويترز» تحت عنوان «مقتل حوالي ٢٠ شخصاً في أعنف هجوم للتحالف على صنعاء اليمن منذ عام ٢٠١٩م».
في السياق نقلت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية، في تقرير لها عن مسؤول أمريكي تأكيده «اليمنيون هم الذين شنّوا الهجوم بمفردهم، كرد على العدوان الإماراتي على مدنهم».
واعتبر المسؤول الأمريكي: “إن سبب الهجوم هو مشاركة الإمارات في الحرب باليمن وتقديم مزيد من الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن..»
كما نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على التحقيق الأولي الذي أجرته الإمارات، قولها إن «القوات المسلحة اليمنية استخدمت مزيجا من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة لاستهداف أبوظبي، في واحدة من أكثر الهجمات جرأة منذ سنوات».
من جهتها، نشرت وكالة (أسوشتيد برس)، أمس الثلاثاء، صورا عبر الأقمار الصناعية تظهر الدمار الذي لحق بالمنشآت النفطية الإماراتية عقب استهدافها في عملية إعصار اليمن، وأظهرت الصور تصاعد الدخان من مستودع وقود لشركة بترول أبو ظبي في حي المصفح.
وأوضحت الوكالة أن شركة «ادنوك» لم ترد على الفور على أسئلتها عن وضع الموقع وتقديرات الأضرار الناجمة عن الهجوم، في حين لفتت الشركة إلى أن «الهجوم وقع في نحو الساعة العاشرة من صباح الاثنين».
أبعاد المفاجأة
بإخضاع ردة الفعل الدولية لإعصار اليمن، يمكن التوصل إلى جملة من العوامل التي أعلت من قيمة الضربة وفرضت لها مساحات من الاهتمام عند الحديث عن كيفية الوصول إلى مخرج من هذه الحملة التي ثبت فشلها خلال سبع سنوات من القصف والحصار.
في البعد الأول، أكدت العملية قدرة القوات اليمنية على اختصار المسافات والوصول إلى الهدف، وأن ابتعد عن اليمن بألفي كيلو، الأمر الذي دفع الكيان الإسرائيلي لوضع حساباته، فمن فوره غداة العملية العسكرية اليمنية ذهب الكيان إلى اختبار منظومة «أرو» المضادة للصواريخ الباليستية.. ذكرت ذلك وزارة الحرب لكيان العدو الصهيوني.
وكشفت قناة “كان” العبرية، أن الكيان الصهيوني يخشى من هجوم مشابه لما حدث في الإمارات انطلاقاً من اليمن.
وبحسب القناة فإنه يجري الاستعداد لإمكانية حدوث هجوم كهذا، حيث تبعد مدينة أم الرشراش جنوب فلسطين المحتلة حوالي ١٦٠٠ كم عن اليمن وهي مشابهة للمسافة بين الإمارات واليمن.
وقالت مراسلة الشؤون السياسية في قناة “كان” الإسرائيلية، غيلي كوهين، أنّ “أحد السيناريوات يتحدث حقاً عن هجوم مسيّرات انتحارية وصواريخ من ناحية اليمن، على الأقل بحسب المعلومات المتراكمة لدى إسرائيل، هذا ما جرى في أبو ظبي، وهو هجوم يذكر بالهجوم على السعودية في أرامكو”.
كما أشارت إلى أنّ المسافة بين اليمن وأبو ظبي هي حوالي 1500 إلى 1600 كلم وهي تقريباً نفس المسافة بين اليمن و”إسرائيل”، ولذلك إذا كان لدى القوات اليمنية القدرة على الوصول إلى حد تنفيذ هجوم صاروخي فعلى ما يبدو أنهم قادرون على القيام بهذا ضدنا”.
وأجرت وزارة الأمن الصهيونية صباح الثلاثاء، تجربة جديدة على النظام الصاروخي “حيتس 3″، الذي يفترض أن يكون دفاعيا أمام صواريخ أرض – أرض.
فيما أوضح المراسل العسكري للقناة العاشرة العبرية (أوهيلر)، أن المؤسسة الأمنية في كيان العدو تدرس تفاصيل الضربات الجوية التي نفذتها قوات صنعاء على منشآت النفط بالقرب من أبو ظبي.
ولفت أوهيلر – في تغريدات بحسابه على تويتر – إلى إن التقديرات لدى كيان العدو تشير إلى أن نحو عشر طائرات بدون طيار شاركت في الهجوم، بما في ذلك طائرات مفخخة وصواريخ ذات مدايات بعيدة تم إطلاقها على ما يبدو من اليمن بطريقة دقيقة ومنسقة.
ونقل عن مصادر أمنية في كيان العدو تقييمها ووصفها للهجوم بالضخم والكبير الذي يذكر بالهجوم على منشآت نفطية سعودية في عام 2019م، في إشارة إلى الهجوم على بقيق وخريص.
في البعد الثاني، أن هذه القدرة تأتي فيما واقع اليمنيين يعاني استهداف طائرات من جنسيات مختلفة، البنية التحتية طيلة سبع سنوات والخدمات فيها تعيش حالة من الشلل بسبب الحصار وقطع شرايين مصادر الثروة عليها، وحرمان موظفيها من مرتباتهم.
في البعد الثالث، أن اليمنيين أثبتوا صدق التوقعات، بأنهم مجتمع حي يتطلع لما هو اكبر من الواقع الذي فرض عليهم طوال عقود ما بعد ثورة سبتمبر ١٩٦٢م، فقهروا المستحيل، رغم جسدهم المثخن بجراح العدوان.
في البعد الرابع، أن «اسبرطة الصغيرة» حسب وصف وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، أو البلاد الزجاجية، ليست استثناء من التعرض لطائرات وصواريخ اليمنيين، على بدائيتها وهي المصنوعة محليا بعَرَقْ يمني.
في البعد الخامس، أن العملية تأتي لتؤكد أن في اليمن قوة تتخلق ويمكن أن تخرج من حالة الحرب التي تعيشها وهي «قوة إقليمية مُهابة» حسب توصيف الكاتب والمحلل السياسي العربي عبدالباري عطوان.
في البعد الخامس، الإصرار والثبات لدى اليمنيين في أن (يكونوا)، وقد ساعدتهم هذه الحملة العدوانية بطريقة غير مباشرة على أن يكسروا حاجز الخوف والرهاب من القوى الأجنبية بما تمتلكه من مال أو تفوق تكنولوجي.
في البعد السادس أنها ستزيد من صلابة شوكة محور المقاومة، المحور الرافض لمنطق الهيمنة على الشعوب، وربما يفتح هذا الأمر أفق اللقاء بين أقطار المقاومة حول العالم، لتشكل كتلة ردع جديدة، ليست بأخلاق «الناتو» الذي جمع قوى الاستكبار ليتحدوا في اختراق كل قواعد التعايش ثم الاتكاء على قاعدة «قف معي وإن كنتُ على خطأ لأقف معك وإن كنتَ على خطأ».
عارية من الرتوس
مؤخرا، انكشف كذب الإمارات في ادعاء الانسحاب ولو الجزئي من معارك تحالف العدوان لتظهر عارية في مخطط السيطرة على مصادر الثروة، في حضرموت وفي شبوة، متقمصة دور المدافع عن المصالح في جغرافيا لا تمت لها بصلة، بل وترفع لعملياتها مسميات مثل ما دعته بـ «إعصار الجنوب»، لتؤكد من خلال هذه التسمية حقيقة المؤامرة الهادفة إلى:
– خلق نزعات صراع بين اليمنيين بعد تكريس المفهوم الشطري بينهم أو لدى طرف منهم.
– تفتيت الوحدة اليمنية، المنجز التاريخي الأعظم في تاريخ الثورة اليمنية ٦٢، بما يجعل واقع محافظات الثروة خاضعاً لسياستها وهيمنتها.
الإمارات التي اطمأنت إلى فكرتها التحقيرية للقدرات اليمنية، وركنت إلى ما تمتلكه من قوة دفاعية، لم تقرأ تركيبة الإنسان اليمني، ولم تستفد من خاصية القراءة النفسية للطرف الآخر في الحرب، فذهبت بعيدا في وضع التوقعات الموضوعية لردود الفعل المتوقعة لشعب لم يعد لديه ما يخسره بعد سبع سنوات من القصف والحصار والتجويع.
لم يستوعبوا حقيقة أن المعركة بالنسبة لليمنيين ليست ترفا، ولا تأتي من باب النهب والإثراء على حساب مجتمعات أخرى، وإنما هي معركة حياة أو موت، معركة كرامة أو ذل، معركة وجود على النحو الذي يصير فيه كائناً فاعلاً حياً قادراً على التأثير ولعب دور لائق به.
لم يعتدِ على أحد، وإنما كان في حالة دفاع عن كيانه، ضد محاولات حديثي الولادة طمس حضوره التاريخي والمستقبلي.
ارتياح
الشارع اليمني رحّب على نحو واسع بالعملية، وأصبح خبر استهداف العمق الإماراتي حديث الساعة في الأماكن العامة ومواصلات النقل وأماكن المقيل.
وقد رأى مواطنون في «إعصار اليمن»، رداً طبيعياً على التصعيد الإماراتي الأخير في حضرموت وشبوة واستمرار عدوانها وانتهاكها السيادة اليمنية في أرخبيل سقطرى.
فيما فسر البعض هذا الارتياح لتنفيذ الضربة العسكرية ضد الإمارات بأنه لا يأتي فقط لتصعيدها في العدوان على اليمن، وإنما باعتبارها دولة مطبعة انخرطت في التصهين إلى حد الانحلال من القومية العربية والإسلامية وإحلال الصهيونية محل الثقافة والهوية الإسلامية.