النفاق الأممي وأكذوبة المساعدات

صخر عبدالله الكبسي

 

 

اتخذت دول الاستكبار العالمي من دول العالم الثالث ساحة لتنفيذ أهدافها وسوقا تجارية لبيع أسلحتها غير آبهة بما تخلفه تلك الأسلحة من دمار للأرض والإنسان جراء الحروب والصراعات التي تشعلها لبلوغ أطماعها، ومن ثم تطل برأسها المنظمة الأممية المسماة بالأمم المتحدة تحت عنوان العمل الإنساني في هذه البلدان المنكوبة بفعل السياسة الأمريكية الاستعمارية، حيث تنظر هذه المنظومة الأممية إلى البلدان المشتعلة بالحروب على أنها مجرد ساحات خصبة للاستثمار الإنساني وكسب الأموال وجلب الدعم الدولي، ومسرح سينمائي لصناعة مشاهد التلميع الخادعة للرأي العالم العالمي والاستغلال السياسي والنكاية بالأصوات الرافضة لسياسة الهيمنة والاستكبار.. ففي الحالة اليمنية جعلت الأمم المتحدة من الوضع الإنساني سوقاً استثمارية ووسيلة لزيادة أرصدتها في البنوك الدولية بما فيها حسابات مبعوثيها المتغيرة أشكالهم بين الحين والآخر الذين لم ولن يغيروا أي شيء سوى السير وفقاً لإملاءات الإدارة الأمريكية ودول العدوان الهادفة لإنهاك وإذلال الشعوب المستضعفة ضمن سياسة الاستعباد والهيمنة.
إن من يسمع ويتابع تصريحات الأمم المتحدة ومسؤوليها يرى التناقضات الواضحة والأدلة الفاضحة لهذه المؤسسة التي تقول ما لا تفعل حيث بات جليا أنها ليست أكثر من مكتب تابع للبنتاجون الأمريكي، مهمتها تعبيد الطريق أمام الدول الاستعمارية بغطاء إنساني، بل تتضح أكثر للمتابع اللبيب حقيقة الأداء الابتزازي لهذه المنظومة الاحتيالية وطبيعة سياستها القائمة على الاتجار بالمعاناة اليمنية الراهنة.
إن الدور الوهمي الذي تمارسه منظمات الأمم المتحدة في اليمن، والذي لم يلب النزر اليسير من احتياج الشعب في ظل الوضع المأساوي الذي يزداد سوءاً يوما بعد آخر نتيجة استمرار العدوان والحصار المطبق، والتي اتسع نشاطها لتصبح مطية لتمرير عمليات غسيل أموال وبرامج نهب منظم تمارسه هذه المنظمات عبر مشاريعها الزائفة ومساعداتها الرمزية التافهة التي لا تعود بأية فائدة أمام فداحة الحالة الإنسانية القائمة، وإنما تعكس مدى الاستهتار الأممي إزاء معاناة الشعب اليمني ومظلوميته التي تتجلى تباعاً وباتت الأحداث المتتالية تكشف أقنعة هذه المنظمات الاحتيالية، حيث تتضح من خلال أدائها اللئيم ولهثها وراء جني المكاسب بأي شكل من الأشكال، والتي لم تقف عند تكديس المساعدات في المخازن حتى تلفها أو صرفها ضمن آليات وجداول وشروط منهكه وشاقة مهدرة بذلك كرامة وآدمية الإنسان اليمني، بل اتضح للجميع أن تلك المنظمات تقوم بعقد صفقات شراء مع دول وشركات خارجية لآلاف الأطنان من الأغذية والمواد المقاربة على الانتهاء، والتي كان آخرها تلك السفينة التي وصلت إلى ميناء الحديدة الأسبوع الماضي محملة بالأغذية الفاسدة ولولا الرعاية الإلهية وتنبه الجهات المعنية لحصلت الكثير من الكوارث لآلاف الأسر، وهنا نشدد على الجهات المختصة تكثيف الجهود والاستمرار في توضيح وكشف كل الأنشطة الماكرة لهذه المنظمات التي تعمد إلى استغلال الملف الإغاثي لإركاع الشعب اليمني، بيد أن دور هذه المنظومة الأممية الزائفة لن يقف عند هذا الحد وحسب، بل تعمد إلى اللعب السياسي وممارسة الدور النفاقي الأبرز من خلال استغلال ردائها الإنساني والحقوقي، حيث تطلق التصريحات وترمي التهم جزافاً على من تشاء وفقا لرغبة مشغليها وداعميها من دول العدوان، ولا يخفى على أحد غايات وأهداف ما تطلقه من تصريحات رخيصة واتهامات للقوى الوطنية بأنها العائق أمام الحل السياسي وإيقاف الحرب، وذلك هو ديدنها طيلة أعوام خلت تجسيدا لدورها النفاقي الباطل، حيث أغمضت عينيها عن مئات الآلاف من الغارات الجوية المنهالة على رؤوس الأطفال والنساء بالطائرات وبكافة أنواع الأسلحة والقنابل الأمريكية والبريطانية المحرمة دولياً التي ارتكبت بواسطتها أبشع الجرائم بحق آلاف الأسر ودمرت البنى وشردت الملايين على مدى سبع سنوات وحتى يومنا هنا واتجهت هذه المنظومة الرعناء لتجريم الضحية والقوى المدافعة عن أرضها وسيادة واستقلال بلدها، وما هذه التصريحات وهذا العويل إلا دلالة على فشل كل الخيارات العسكرية والسياسية والاقتصادية للتحالف السعودية الأمريكي على اليمن وتهاوي كل أدواته، ليلجأ لتحريك البوق الأممي العازف على قيثار الإنسانية والحرص على المدنيين بغية إنقاذ مرتزقة العدوان في ما تبقى من المناطق الواقعة تحت سيطرة العدوان أمام التقدمات التي يحرزها رجال الجيش واللجان الشعبية في جبهات مارب التي أصبحت قاب قوسين من التحرر وتطهيرها من العناصر التكفيرية وأدوات الارتزاق، وهو ما هز الكيان الأمريكي البريطاني، ولسان حال سفرائهما ومبعوثيهما ونباحهم المتزامن والمتناغم مع ألحان التنديدات الأممية المتذرعة بالوضع الإنساني في مارب، ليس إلا محاولة يائسة لتدارك الانهيارات المتسارعة لتحالف العدوان وأدواته.. وهنا يجدر بنا القول إنه ليس أمام هذه القوى التآمرية سوى إدراك حقيقة أن الرهان على ورقة النفاق الدولي والمزايدة الإنسانية فاشلة، وأنه لا خيار أمامها سوى لغة الخطاب المحترم مع شعب فرض حقه في نيل السيادة والاستقلال.

قد يعجبك ايضا