نهاية منكسرة

انقبضت أضواء الليل , عندما ألقى بجسده الناحل على فراش المرض , صار يحمل في رئتيه الخوف والوحدة , فمنذ زمن بعيد كان قويا لا يأبه من هواء الغدر أو النسيان , كان عندما تغفو عيناه ينكسر وادي الحزن مثقلا بأعباء الثقة والسعادة , قويا متحررا من كآبة الوحدة والشتات .
أنجب الأطفال إيمانا منه أنهم سيظلون سندا قويا باقيا إلى أن تغيب روحه ويبقون هم محافظون طائعون , لكن الشيب هذه المرة ظل السند الباقي معه حتى وقت طويل استطال هرمه وشيبته وضعفه حتى أنه ملها بعد أن استحوذت عليه ولم يستطع الانفلات أو الهروب من قبضته ..!
خلال أعوام عديدة ظل وحيدا ينتظر المؤنس المرافق الصاحب , كان أمله كبيرا في أولاده الذين نفذت طاقاتهم في تحمل هرمه ومرضه , حتى أنهم تقاسموا حصصهم بالتساوي , فحالته تسوء يوما بعد يوم لم يعد قادرا على امتلاك الحياة , الموت صار يطوق الخناق عليه لكنه بطيء في قدومه ..!
لم يصطحبه مبكرا كما فعل بزوجته , تاركة إياه يتفقد الأشياء بمفرده ويصارع الجوع حينا والخوف والعجز أحايين .
اليوم هو في قمة الضعف .. قمة الهرم .. قمة الشيب لا يدري أنى يحط الرحال في بيت من أبنائه أو بناته , مله الجميع محاولين إسقاط الواجب ليس إلا , لم يدركوا ما السبيل لإنهاء المعاناة ¿ ولم يدرك ما السبيل لتقليل الحمل عليهم ¿
ولو تساءلنا : هل ستحط أقدامنا على نفس الطريق ¿
هل سنهرم ونشيب , ونضعف ونمرض ¿
أبناؤنا هل سيتركوننا وحيدين نصارع كل ذلك بمفردنا ¿
هل سنصمد ونتحمل ولو كانت القدرة لا تتسع ¿
نستطيع إقناع الزوج والزوجة في تحمل آبائنا عندما يقعون في ذلك المنعطف ¿
نحتاج لوقفة تأمل لننظر في صورنا وأشكالنا حين نرقد على فراش الكبر ويملنا الآخر , عندها سنثمن تلك اللحظات من عمرنا , متحسسين نتائجها ومصدقين أن الحسن في الخاتمة والإحسان في أهلها .

قد يعجبك ايضا