“بيغاسوس” فضيحة العام 2021م طوره الكيان الصهيوني للتجسس على العالم والدول المطبعة معه الأكثر تورطاً في استخدامه

 

“هذه الفضيحة ستكون قصة العام”؛ هكذا علّق العميل السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية إدورد سنودن على التسريبات التي انتشرت على وسائل إعلام عالمية، حول فضيحة تجسس تطبيق “بيغاسوس” الذي استهدف شخصيات وجهات نافذة حول العالم، بينهم سياسيون وإعلاميون.
اعتبر الكثيرون برنامج بيغاسوس التجسسي فضيحة العام 2021، حيث يعتبر أقوى البرامج التجسسية حتى الآن.

برنامج بيغاسوس
هو برنامج تجسسي لديه القدرة على اختراق مليارات الهواتف التي تعمل بأنظمة تشغيل iOS أو أندرويد.
دون أن تلاحظ، يشق البرنامج طريقه إلى هاتفك فيحوّله إلى جهاز مراقبة يعمل على مدار 24 ساعة، ويصبح بإمكانه نسخ الرسائل التي ترسلها أو تتلقاها، وجمع صورك وتسجيل مكالماتك، وقد يصورك سراً من خلال كاميرا هاتفك، أو ينشّط الميكروفون لتسجيل محادثاتك، وبإمكانه أيضاً تحديد مكانك، والمكان الذي كنت فيه، والأشخاص الذين قابلتهم.
يستخدم البرنامج ما يسمى الهجمات “الخالية من النقر” zero-click، التي لا تتطلب أي تفاعل من مالك الهاتف ليتمكن من اختراقه، وغالباً ما تستغل هذه الهجمات ثغرات “الهجمات دون انتظار” zero day، وهي عيوب أو أخطاء في نظام التشغيل لا تكون الشركة المصنعة للهاتف المحمول قد اكتشفتها وبالتالي لا تتمكن من إصلاحها.
يُمكن أيضًا تثبيت “بيغاسوس” عبر جهاز إرسال واستقبال لاسلكي يقع بالقرب من هدف، أو يتمّ تثبيته يدويًا ببساطة إذا تمكّن العميل من سرقة هاتف الهدف.
أحد أهم التحديات التي يطرحها برنامج بيغاسوس هو أن البرنامج يستغلّ نقاط الضعف غير المكتشفة، ما يعني أنه حتى مستخدم الهاتف المحمول الأكثر وعيًا بالأمان لا يمكنه منع الهجوم.

المطورون
تعد شركة “أن أس أو” الإسرائيلية هي الشركة الأم المطورة لبرنامج بيغاسوس، قام بتأسيس الشركة أشخاص عملوا سابقاً في الوحدة 8200 إحدى أقوى أذرع الاستخبارات الإسرائيلية، التي يتركز عملها على التجسس على المؤسسات والأفراد حول العالم.
هناك علاقة كبيرة تربط بين أصحاب الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا والوحدة 8200، مع الإشارة إلى أنّ معظم المدراء في شركة “أن أس أو” هم من خريجي هذه الوحدة.

مدى انتشار البرنامج
على مدى العامين الماضيين مسح مختبر “سيتيزن لاب” الإنترنت بحثا عن خوادم مرتبطة بـ “بيغاسوس”، ووجد آثاره في 45 دولة، بينها 17 دولة عربية؛ هي الجزائر والبحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وعمان وفلسطين وقطر والسعودية وتونس والإمارات واليمن. إلى جانب دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا و”الكيان الصهيوني” وتركيا.
ويقول المختبر -في التقرير المنشور على موقعه في سبتمبر الماضي- إنه حدد ما يبدو أنه توسع كبير في استخدام بيغاسوس في دول مجلس التعاون الخليجي. وأنه في الإجمال تم تحديد 6 مشغلين على الأقل بعمليات مهمة في دول مجلس التعاون الخليجي؛ بينها مشغّلان يبدو أنهما يركزان في الغالب على دولة الإمارات العربية، وواحد يركز في الغالب على البحرين، وآخر يركز على السعودية.
الفلسطينيون حقل تجارب “إسرائيل” لتسويق برامجها إلى العالم
تلجأ “إسرائيل” إلى التجسس على الفلسطينيين في قطاع غزة والداخل المحتل، بهدف اختبار برامجها حتى تتمكّن من تسويقها إلى الخارج.
وأشار الصحافي البريطاني المقيم في الناصرة في فلسطين المحتلة، جوناثان كوك، في تحقيق كتبه في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إلى برامج التجسس الإسرائيلية التي تستخدم لمراقبة الفلسطينيين على مدى 24 ساعة، وكيف يتم تسويق هذه البرامج إلى الدول الأخرى واستخدامها من قبل “إسرائيل” حتى في الدول الغربية للتجسس على الناشطين المعارضين للاحتلال الإسرائيلي وخصوصاً حركة المقاطعة الدولية BDS.

الدول المطبعة الأكثر تورطاً
التعاون الأمني بين “تل أبيب” والرياض ظهر واضحاً خلال السنوات الماضية، لا سيما في مرحلة ما بعد استلام محمد بن سلمان لولاية العهد، وذلك من خلال شركة “أن أس أو”.
اشترت الرياض نسخاً من برنامج بيغاسوس3 بقيمة 55 مليون دولار. السعوديون طلبوا شراء 23 نسخة من هذا البرنامج لقرصنة هواتف المعارضين السعوديين في الداخل والخارج، وفق ما أكدته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
في سياق متصل، كانت صحيفة “هآرتس” كشفت عن كواليس صفقات بيع منظومات التجسس التابعة لشركة “أن أس أو”. وبلغت قيمة الصفقات التي أبرمتها الشركة الإسرائيلية مع الإمارات ودول خليجية أخرى مئات ملايين الدولارات سنوياً، مقابل برنامج التجسس “بيغاسوس 3” لمراقبة معارضي النظام في هذه الدول، وتمت هذه الصفقات بدعم وتشجيع ووساطة من المؤسسة الإسرائيلية الرسمية.
إسرائيل ضربت عصفورين بحجر واحد، فقد استلمت أموالا طائلة من الأنظمة التي باعت لها برنامجها التجسسي، وتجسست وبشكل مجاني على جميع الهواتف التي استهدفها برنامجها، فوفقا للعقد الذي توقعه هذه الانظمة مع إسرائيل تكون إسرائيل على علم بأرقام هواتف جميع الجهات المستهدفة، بمعنى أنها تتجسس مجانا على حلفائها وأعدائها وأعداء حلفائها، حيث بلغ عدد الدول التي استهدفتها إسرائيل أكثر من 50 دولة.

دعاوى قضائية وتحقيقات ونفي اتهامات
تباينت ردود أفعال الدول التي وجدت نفسها في صميم فضيحة التجسس عبر برنامج بيغاسوس، إذ قرر المغرب رفع دعوى بتهمة التشهير، بينما باشرت المجر والجزائر التحقيق، تزامناً مع نفي السعودية والإمارات الاتهامات الموجهة إليهما.
وأمرت النيابة الجزائرية بفتح تحقيق ابتدائي بعد تقارير إعلاميّة حول عمليّات تجسّس وقعت ضحيتها.
وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ورد اسمه ضمن قائمة الأهداف المحتملة، تعزيز أمن وسائل الاتصال الحسّاسة، في حين دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى فرض قيود إضافية على بيع برامج التجسّس.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار إن “برنامج اس ان او للتجسس هو سلاح للحكومات القمعية التي تسعى إلى إسكات الصحافيين ومهاجمة الناشطين وسحق المعارضة”.
وتصرّ شركة “ان اس او” على أن برامجها مخصّصة فقط للحصول على معلومات استخبارية لمحاربة شبكات إجرامية وإرهابية. وتقول إنها تصدّر تقنياتها إلى 45 دولة بموافقة الحكومة الإسرائيلية.

قد يعجبك ايضا