فاطمة شمس الدين شرف الدين
يكثر الحديث في أوساط المجتمعات عن الصحة وأمام هذا المصطلح نقف أمام صورتين من الصحة هما الصحة النفسية والصحة الجسدية، إذ تختلف الصحة النفسية عن الصحة الجسدية، فالصحة الجسدية هي سلامة كل أعضاء الجسم وأعراضها تكون واضحة وملموسة.
بينما الصحة النفسية أو نفسية الإنسان -بحسب المسمى الدارج -تحتوي على الكثير من التعقيدات غير الملموسة والظاهرة للعيان، وهي ليست شيء مادياً تتم تقييمه وفقاً لمعايير محددة بل هو سلوك وتفاعلات نفسية.
وهناك علاقة وثيقة بينهما وكما يقال: العقل السليم في الجسم السليم
وكما اثبتت الأبحاث أن الصحة النفسية أو الصحة الجسدية لا تتعلق فقط بكون الإنسان سليماً معافى في بدنه ، أو أنه لا يعاني من المشاكل النفسية أو أي نوع من الاضطراب.
بل الصحة النفسية يقصد بها التناغم والانسجام، الاتزان والترابط التي يمكن أن تنشأ فيما بين الحالة النفسية الجيدة والصحة السليمة .
أو هي مستوى عال من الرفاهية النفسية أو العقل الخالي من الاضطرابات، والخالي من التفكير السلبي المغلوط والمعتقدات الخاطئة التي يقع الشخص ضحيتها، ويصبح أسيراً لها، ويدخل في دائرة لا يستطيع الخروج منها.
وهناك عدد من التعريفات المختلفة للصحة النفسية فكل مجتمع وثقافة تضع مفهومها الخاص عن الصحة النفسية.
فمن وجهة نظر علم النفس الإيجابي:
تتضمن قدرة الفرد على الاستمتاع بالحياة، وخلق التوازن بين أنشطة الحياة ومتطلباتها لتحقيق المرونة النفسية.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية تعني الحياة التي تتضمن الرفاهية والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتية بين الأجيال والإمكانات الفكرية والعاطفية.
وبحكم تخصصي واهتمامي في هذا المجال، أستطيع القول بإن الصحة النفسية هي حالة من العافية التي يستطيع فيها الفرد إدراك إمكانياته الخاصة والتكيف مع حالات التوتر العادية والتهيج والانفعال السريع، والمرونة وتقبل آراء الآخرين، والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في مجتمعه. إذاً فالصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيا ً وعقلياً واجتماعيا .
ونلاحظ أن هناك بعض العوامل المؤثرة التي يجهلها الكثيرون، والتي تتعلق بالصحة النفسية، منها جينية وراثية وبيئية مكتسبة ، ونتيجة ضغوطات نفسية.
ولعل ابرز الاضطرابات النفسية، التي قد يعاني منها الشخص، تتمثل في التوتر في علاقته مع الآخرين والقلق، الاكتئاب، المخاوف، صعوبة في النوم اضطرابات المزاج ، وغيرها الكثير.
كما يمكن للمرشدين والأخصائيين والمعالجين النفسيين ، المساعدة في التشخيص وإحالة الحالة إلى الطبيب النفسي إن لزم الأمر ، وتحديد كيفية التعامل مع التوتر والتفاعل مع الأخرين ، واتخاذ القرارات المناسبة.
إذاً نستطيع القول إن الصحة النفسية هي المسؤول الرئيسي في تربية أجيال أصحاء نفسياً، حيث إن الآباء والأمهات الذين يحافظون ويهتمون بصحتهم واستقرارهم النفسي، سينشئون أفراداً أسوياء يمثلون عاملاً مهماً في تماسك المجتمعات وقوتها.
ولذلك أصبحت الدراسة النفسية من العلوم الأساسية، في حياة المجتمعات، التي يجب أن تهتم الدولة والجهات المعنية بها اهتماما خاصاً، حتى تعمل على الاستقرار النفسي لأفراد المجتمع، لأن الإنسان السوي نفسياً يصبح مصدرا لتقدم ونهوض المجتمعات.
* أخصائية ومعالجة نفسية