‏صغار المنتخب كبار الوطن .. خمسة دروس مستقاة

عدنان باوزير

 

 

فوز منتخب اليمن على المنتخب السعودي وتحقيقه الكأس في بطولة ناشئي غرب آسيا، وأداؤه عموماً في جميع مبارياته بالبطولة والتفاعل الجماهيري الداخلي والخارجي، يعتبر حدثاً ملهماً بكل المقاييس ، حيث قدم لنا هؤلاء الصغار خمسة دروس وطنية وعبر يمكن استلهامها والبناء عليها .
الدرس الأول :
وهو من أبلغ وأقوى الدروس لجميع الأطراف السياسية الموجودة على طول وعرض الساحة اليمنية ، أنه إذا توحد اليمنيون فبإمكانهم تجاوز كل الصعوبات وصناعة النجاح والفوز ليس في الرياضة وحسب ولكن على كافة الأصعدة – وأنا هنا أقتبس من تغريدة على موقع (تويتر) للأستاذ (حميد رزق) كبير محللي قناة المسيرة – .
الدرس الثاني :
من متابعة موجة الاحتفالات التي عمت جميع مدن ومناطق اليمن شمالاً وجنوباً والتي انطلقت فور انطلاق صافرة حكم المباراة النهائية معلناً فوز اليمن بالبطولة ، ابتهاجاً بفوز منتخبنا للناشئين ، وكذلك مستوى الاهتمام والمتابعة اللذان صاحبا جميع مباريات المنتخب السابقة ، من مختلف شرائح المجتمع اليمني ، من الجنسين ، صغاراً وكباراً ، ومن مختلف المشارب السياسية ، ينبئك هذا بحقيقة مؤكدة وقاطعة ، بأنه وكما فرقنا الألم والمعاناة فقد وحدنا الفرح والبهجة ، وفي لحظة نصر فارقة قادمة قريباً لا محالة سوف يتوحد اليمنيون كلهم صفاً واحدا ، أما الهرطقات الفارغة والعداوات المصطنعة فسوف تندحر جميعها باندحار العدوان الذي صنعها وعمقها وكرسها في النفوس ، وسوف تتبخر جميعاً من ذاكرتنا الجماعية في لحظة ويعود اليمنيون إلى لحمتهم السابقة بل أقوى وأعمق هذه المرة وكأن شيئاً لم يكن .
الدرس الثالث :
أن المستقبل المأمول في بلادنا لن يصنعه سوى هذا النشء المؤمن ، أما نحن جيل الكبار المثقل بالهم والإحباط الذي أدمن الفشل حتى النخاع فمهما حاولنا أن (نتشعبط) في ركب المسيرة المباركة ، فلن يكون لنا مكان من الإعراب ويجب أن تتاح الفرصة كاملة للشباب ، هؤلاء الشباب الذين صنعوا فوزنا في ميادين الرياضة هم نفسهم الشباب الذين يلقنون العدوان وأدواته كل يوم في الجبهات الدروس القاسية، فمن يذود اليوم عن حياض الوطن غير هؤلاء الفتية الشجعان ، هؤلاء الفتيّة الأبطال هم سياج الوطن ضد هذا العدوان وهم بناة نهضته وازدهاره في المستقبل .
الدرس الرابع :
إن حب الوطن أمر فطري ولا يمكن كبته أو إعادة توجيهه أو التلاعب بكيمياء الثقافة والهوية والانتماء ، وأن حب اليمن عاطفة مقدسة مغروسة بنفس كل يمني ويمنية ، وفي ساعة الحقيقة يهب الجميع للتعبير عن هذا مهما بلغت المنغصات فلا يصح في النهاية إلا الصحيح ، وقد رأينا كيف كان الجمهور اليمني الذي جاء من جميع أنحاء السعودية طواعية وبحماس منقطع النظير إلى موقع مباراة منتخبه بـ(الدمام) ليعبر فقط عن حبه لوطنه وولائه المطلق لليمن رغم كل المخاوف المحدقة التي تهدده في لقمة عيشه بأي لحظة ، هذا الجمهور اليمني المغترب متعدد المشارب كان يهتف كله بصوت واحد لوطن واحد وعلم واحد ( بالروح بالدم نفديك يا يمن) في مشهد مؤثر للغاية من شأنه أن يطهر النفوس من أدرانها ، ومثله تماماً كانت تفعل جماهير الداخل اليمني في طول الوطن وعرضه أمام الشاشات .
الدرس الخامس :
إن اليمني مبدعٌ وخلاقٌ بطفرته ، ويمتلك طاقات إبداعية جبارة وكبيرة رغم شحة الإمكانيات المتاحة ، رغم المتاعب والصعوبات والمعاناة التي تنوء بحملها الجبال ، ولا حدود لإرادته الجبارة في جميع المجالات خصوصاً عندما يجد من يجيد تفجير قدراته العظيمة الكامنة ويحسن استثمارها ويعيد بعث ثقافته الأصيلة التي ساهمت في صنع المعجزات وبنت السدود وشقت الطرق ونحتت الجبال ، أيام ما كان الجوار –ولا يزال- يغط في الظلام .. هذا الشعب العظيم بهذا النشء المؤمن قادر ليس على الانتصار أمام هذا العدوان الهمجي الغاشم فحسب ، بل قادر على رفع اسم اليمن إلى مصاف النجوم ..

قد يعجبك ايضا