دراسة حول "الآليات الأبوية في ترشيد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لدى الأبناء" تدق ناقوس الخطر:

شبكات التواصل الاجتماعي تسعى إلى خلق جيل معاق فكرياً وجسدياً ونفسياً

 

 

لا بد من تفعيل دور الأسرة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والتركيز على الحوار التربوي لمواجهة تحديات شبكات التواصل الاجتماعي

الثورة/ هاشم السريحي

أوضحت ورقة بحثية بعنوان: “الآليات الأبوية في ترشيد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لدى الأبناء” خطورة ما قد ينتجه استخدام الأبناء لشبكات التواصل الاجتماعي بجميع أنواعها من جيل معاق فكرياً وجسدياً ونفسياً، مشيرة إلى أن الأبناء يتلقون مضامين جاهزة بصورة بارعة ومغرية، بحيث لا يستطيعون مقاومتها أو مناقشتها وتبين غثها من سمينها، لأنهم لا يملكون الآليات التي تحصنهم وتوجههم لكيفية التعامل معها.
وأكدت الورقة البحثية التي نشرتها مجلة الباحث الاجتماعي العلمية في عددها (12) على ضرورة استرجاع الأسر لدورها الطبيعي تجاه أبنائها، وتفعيل الحوار التربوي؛ الذي يقوم على أسس سليمة ويستوعب طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الأبناء واحتضانهم واستيعاب حاجاتهم ومشكلاتهم؛ حتى لا يقعوا ضحايا مرتين؛ مرة لواقعهم ومرة لعالمهم الافتراضي.
وشددت الورقة البحثية التي أعدتها الدكتورة صونيا قاسمي على أنه حان الوقت للتعامل بجدية مع ظاهرة شبكات التواصل الاجتماعي، وحماية ووقاية الأبناء منها، عن طريق ترشيد استخدامها، ليس فقط من الأسر بل من جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تتعامل مع الأبناء، مضيفة أن المسؤولية مشتركة وتستوجب تكاتف الجهود والإرادة لتوجيه استخدامها والتركيز على الحوار التربوي كأسلم حل لمواجهة تحديات شبكات التواصل الاجتماعي، التي تواجه أبناءنا وتُفرض عليهم كواقع لا بد منه.
وسعت الورقة إلى التعرف على الآليات الأبوية في ترشيد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لدى الأبناء، والكشف عن الدور الذي تلعبه تلك الآليات في حماية الأبناء من مخاطر استخدامات شبكات التواصل الاجتماعي، وتقديم قراءة تربوية لأهمية ترشيد استخدام هذه الشبكات من قبل الآباء.
وتكمن أهمية هذه الورقة البحثية في أن جيل اليوم من الأبناء يمتلك مهارات متقدمة في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، بدرجة تفوق الآباء والأمهات، غير أن الدراسات الحديثة، سواء في الغرب أو العالم العربي، تؤكد على خطورة تلك الوسائل على الأبناء الذين يتعرضون من خلالها إلى العنف وإلى مخاطر الاستغلال الجنسي ومشاهدة المواد الإباحية عبر الشبكات، الأمر الذي أدى بأبرياء في عمر الزهور إلى العزلة الاجتماعية في وتسبب لهم في حدوث اضطرابات أثناء النوم ومشاكل دراسية ونفسية كثيرة، وفي ظل غياب الرقابة الأسرية تفاقمت الأوضاع وصار جيل الأبناء مهدداً بالانحراف والعقد والمشكلات التربوية.
واحتوت الورقة البحثية على ثلاثة مباحث رئيسية؛ تطرق المبحث الأول للورقة إلى ماهية شبكات التواصل الاجتماعي وأنواعها ودوافع استخدامها كالمشكلات الأسرية والفراغ والبطالة والفضول وتكوين صداقات والتسوق أو البحث عن وظائف، كما بينت الورقة في نفس المبحث أبرز المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأبناء من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وهي: التحرش بالأطفال من خلال الاستدراج أو الدردشة على انفراد أو التحايل للحصول على معلومات شخصية، والمشاكل النفسية وإدمان شبكات التواصل الاجتماعي وضعف التحصيل العلمي.
فيما تناول المبحث الثاني دور الآباء في حماية الأبناء من مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي من خلال تلقين الأبناء مبادئ أساسية للتعامل مع الإنترنت بصفة عامة، وشبكات التواصل الاجتماعي بصفة خاصة، كما يتحدد أيضاً الدور التربوي والاجتماعي للآباء في حماية الأبناء من مخاطر الشبكات في المراقبة الدائمة والمستمرة زماناً ومكاناً أثناء تواجدهم على الشبكات، وهذا الدور هو جزء من العملية التربوية ككل، وهذه المراقبة من شأنها أن تحصِّن الطفل ذاتياً، وتمكنه من مراقبة نفسه بنفسه، بحيث يفهم أن التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي بلا هدف ولا مقصد يكون ضرباً من العبث وإهدار الوقت والانشغال بما لا طائل منه.
واقترحت الورقة في المبحث الثالث اتباع آليات تربوية من شأنها أن تساعد الآباء في ترشيد استخدامات أبنائهم لشبكات التواصل الاجتماعي كتحديد زمن ومكان التواصل ومعرفتهم بطبيعة الأنشطة التي يقوم بها الأبناء، وتفعيل برامج الحماية وحجب المواقع غير المناسبة، والحرص على توجيه الأبناء بالشكل المناسب، وغرس القيم والأخلاق في الأبناء حيث أن ما لا يصح في العالم الواقعي لا يصح أيضاً في العالم الافتراضي، وتوعية الأبناء بأخطار الإنترنت حتى يتمكنوا من حماية أنفسهم.
كما أنه من الضروري تعليم الأبناء آليات حماية أنفسهم كتعليمهم عدم إعطاء بياناتهم الخاصة، وتجنب التواصل مع أشخاص غير معروفين، وضرورة تقسيم الأوقات بين الواجبات المدرسية والعلاقات الاجتماعية الواقعية وبين شبكات التواصل، كما يبغي للأبناء إعلام من هم أكبر سناً إذا تعرضوا للتهديد أو الابتزاز، وينبغي للأطفال استخدام شبكات التواصل في أنشطة تناسب أعمارهم وتزيد من ثقافتهم.
واختتمت الورقة بنصائح للآباء بضرورة الوعي بما يجري حول أبنائهم وما يهددهم وضرورة استيعاب حاجاتهم ومشكلاتهم، وأهمية تضافر الجهود للوقوف أمام المخاطر التي تشكلها شبكات التواصل الاجتماعي على جيل المستقبل.

قد يعجبك ايضا