خزائن المال الخليجي تفتح ترضيةً لباريس عقب انهيار صفقة الغواصات

الديمقراطيون الأمريكيون يمضون بصمت على خطى ترامب في حلب الأموال الخليجية

 

الإمارات تشتري 80 طائرة رافال رغم توقيعها اتفاقية لشراء طائرات إف 35 والسعودية تدفع مليارات الدولارات في صفقات أسلحة مقابل لقاء ماكرون – بن سلمان

تقرير / إبراهيم الوادعي

أنهى الرئيس الفرنسي جولة خليجية جال خلالها على الإمارات وقطر والسعودية، حاصدا بذلك صفقتين كبريين لشركات السلاح الفرنسي إحداهما معلنة مع الإمارات بقيمة 23 مليار دولار ، فيما تكتمت السعودية عن قيمة الصفقة ونوعيتها ، مكتفية بالحديث عن إتمام صفقة مع باريس .
بشكل مفاجئ جرى الحديث عن صفقات التسليح الجديدة من باريس لدول الخليج، الإمارات بشكل مفاجئ تشتري 80 طائرة رافال ، رغم كونها تتفاوض على طائرات ” إف 35″ وتقول لاحقا إن طائرات الرافال ليست بديلا عن “إف 35″ ، والسعودية هي الأخرى لم تعلن سابقا عن صفقة سلاح مع باريس.
عربيا جرى وضع الزيارة في إطار جهود فرنسية لرأب الصدع بين لبنان ودول الخليج على خلفية الأزمة الناشبة عن تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي التي وصف فيها العدوان السعودي على اليمن بالحرب العبثية .
وفيما تتغنى مصادر لبنانية بالاتصال الذي جرى بين رئيس وزراء الحكومة نجيب ميقاتي وولي العهد السعودي ، فإن بنود البيان السعودي الفرنسي لم تتطرق إلى دعم الاقتصاد اللبناني، ما يؤشر إلى بقاء الأزمة على حالها مع تعديل طفيف لا يغير في حقيقة موقف السعودية باتجاه تعميق أزمة لبنان الاقتصادية كحجر يرمى في وجه حزب الله على خلفية مواقفه الثابتة من ” إسرائيل ” وحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه ورفض التطبيع الخليجي معها .
إصلاح العلاقات بين لبنان ودول الخليج، كان في ذيل جدول زيارة ماكرون والتي لم تكن تتضمن سوى هم فرنسي وحيد وهو توقيع صفقات سلاح مع السعودية والإمارات بدفع أمريكي كبديل لصفقة الغواصات الفرنسية لأستراليا والتي استحوذت عليها واشنطن، والأخيرة دفعت دول الخليج لتوقيع صفقات شراء سلاح من فرنسا كمحاولة ترضية أمريكية لباريس بعد استيلائها على صفقة الغواصات مع أستراليا، حيث وصفت فرنسا استيلاء الولايات المتحدة وبريطانيا على عقد الغواصات الفرنسية – من نافال مع أستراليا بقيمة 66 مليار دولار الذي كان قد قطع مرحلته الأولى وتسلمت كانبيرا أولى الغواصات لتجربتها – بطعنة الحلفاء في الظهر، ومنذ ذلك الحين شرعت في اتخاذ إجراءات شملت سحب السفراء وإطلاق تصريحات خارجة عن سياق الدبلوماسية ووصف بريطانيا بالانتهازية دوما وإلغاء اجتماعات دفاعية، عكست جميعها مستوى الصدمة الفرنسية مما حدث.
وخلال الأشهر الماضية انتقل التوتر الفرنسي مع بريطانيا إلى بحر المانش ووقعت صدامات بين حرس الحدود في البلدين مع خروج بريطانيا من إطار الاتحاد الأوروبي .

الغضب الفرنسي بلغ مداه بالتلويح عبر الذهاب في تحالفات شرقا بعدما سمته خيانة الحلفاء الغرب، في إشارة إلى روسيا وايران، وتلك المواقف الفرنسية بمجملها دفعت الولايات المتحدة إلى استشعار الخطر و جسامة حنق الحليف الفرنسي، وفي محاولة إيجاد السبل للخروج من الأزمة الحادة ، طريق واشنطن الوحيد هو حلفاؤها الخليجيون الجاهزون للدفع ودون أن يسألوا ماهي مصلحتهم في كل ذلك؟
الديمقراطيون الأمريكيون يمضون على خطى ترامب في حلب السعودية ودول الخليج، مع تغير طفيف أنهم يفعلون ذلك في صمت ويحلبون الأموال الخليجية إلى خزائنهم وخزائن حلفائهم دون ضجيج وإحراج للدافعين ، بعكس ترامب الذي لم يوفر فرصة أو منبرا إعلاميا أو انتخابيا ليفضح أنظمة الخليج ويتباهى بسلبها الأموال.
خبراء عسكريون يرون أن السعودية والإمارات المنخرطتين بشكل مباشر في العدوان على اليمن، هما مستنزفتان بشكل كامل في الميدان اليمني ، سبع سنوات من القتال المستمر ، حولتهما إلى سوق استهلاكية ونهمة لأي سلاح ، وإن تجاوزه الزمن وظهرت أجيال أسلحة تفوق ما تشتريانه بمراحل ، بالنظر إلى طائرات الرافال مقارنة بمقاتلات ” إف 35 الأمريكية “.
في يناير الماضي أعلنت الإمارات توقيع صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة 23 مليار دولار، تشمل شراء مجموعة مقاتلات أمريكية من نوع.”F-35”
السعودية التي لاتزال تكتوي بنار الإعلام وتهكمات الحلفاء عن مصير ما يقارب 500 مليار دولار دفعتها الرياض لترامب، فضلت التكتم على الأموال الجديدة التي ستدفعها للفرنسيين بدفع أمريكي مقابل صفقة تكتمت على تفاصيلها ، قد يكون مكسب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الوحيد هو كسر الحصار الدبلوماسي الغربي المفروض عليه منذ مقتل جمال خاشقجي .
وفي هذا الصدد تتبدى مجددا هشاشة المبادئ الغربية أمام الأموال ، وهذا الأمر يعزز الصورة التي ظهرت أمامها الدول الغربية في تعاملها مع اليمن الفقير والعدوان عليه في مقابل حصولها على صفقات سلاح ومكاسب أخرى من المعتدين القابعين على ثروات النفط ومليارات الدولارات المكدسة .
ومؤخرا تسلمت السعودية من الولايات المتحدة ما يقارب 300 قنبلة ذكية وقعها الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن الذي كان قد أعلن أنه لن يوقع أي صفقة سلاح جديدة للسعودية.
ربما قد لا يحصل الفرنسيون على كامل مبلغ صفقة الغواصات التي خسروها لكنهم في المقابل حصلوا على أموال يسيل لها اللعاب من الخزائن الخليجية، وسواء أتت الأموال من أستراليا أو من دول الخليج العربية فذلك غير مهم بالنسبة إلى الفرنسيين والاقتصاد الفرنسي.
أمريكياً استطاعت واشنطن تهدئة خواطر باريس ومنعها من الاندفاع خارج التحالف الغربي باتجاه روسيا دون أن تدفع بنسا واحدا ، وكسبت 66 مليار دولار قيمة صفقة غواصات لها أهميتها في الاقتصاد الأمريكي أو على المستوى الجيوسياسي في الصراع مع الصين بالمحيطين الهندي والهادئ .
الخاسر الوحيد من جهود إصلاح الخلاف الثلاثي الغربي بين لندن وباريس وواشنطن هو السعودية والإمارات حتى اللحظة مما ظهر على السطح ، والأمر هنا ليس تقبيل خشوم كما اعتاد الخليجيون ، بل مليارات دفعت من خزائنهم خارج مصالح الشعوب ومن صناديق سيادية يفترض أنها مخصصة لحماية مستقبل الأجيال.

تقرأون في الملف :

بمليارات الدولارات فرنسا تُزوِّد الإمارات بصفقات أسلحة لارتكاب المزيد من الجرائم في عدوانها على اليمن

قد يعجبك ايضا