الثورة / عبدالرحمن الأهنومي
في بداية العدوان، ظل عفاش أربعة أسابيع دون إعلان موقف واضح من العدوان الأمريكي السعودي، قبل ذلك كان قد أرسل نجله أحمد إلى الرياض للقاء محمد بن سلمان للتنسيق ، لكن ابن سلمان رفض التعاطي مع عفاش ونجله ، عاد أحمد علي إلى الإمارات من حينها ، أما عفاش فظل يتحين الفرص لطرح نفسه على السعوديين من جديد ، وقد أعد لذلك حتى منتصف العام 2017م.
قصف تحالف العدوان بالطيران لمنزله- بعد حوالي 4 أسابيع من بدء العدوان على اليمن- حشره في زاوية إعلان موقف ضد العدوان ، تطورت الأمور وسارت إلى تشكيل المجلس السياسي الأعلى، كان عفاش يتخذ تكتيك (رجل في صنعاء ورجلين في الرياض)، كان يقول لأصحابه الذين هم في الرياض، «نسقوا مع السعوديين وبلغونا بما يشتوا» ، وفي خطاباته من صنعاء يقول «لن نستسلم وعلى السعودية أن توقف العدوان ونحن جاهزون للسلام »، كان يتراوح صعودا وهبوطا في مواقفه ، في حال التراجع يُظهر النوائح من أتباعه (يا غاراتاه .. أنصار الله فلتوا الجبهات وتركوا المقاتلين) ، وفي حال الإنجاز كان يشيع (مخزون عفاش ، وصواريخ عفاش).
ظل الرجل خنجرا في ظهر جبهة مواجهة العدوان ، وكان يتعمد تأكيد موقفه ضد العدوان ، لكنه كان ينخر جبهة مواجهة العدوان في صميمها.
كان يحرّض المقاتلين والجيش بألّا يذهبوا إلى الجبهات إلا بإذنه ، كان يستدعي المشايخ، ويقول هم «قاتلوا مع أنصار الله لكن خلوهم يدوا لكم سلاح أولا ويوظفوا عيالكم» ، يتصل بذاك القيادي ويلتقي هذا ، يعتبر صغير بن عزيز تربيته ، ويعتبر البركاني وهادي خبزه وعجينه ، «لكن أنصار الله هؤلاء خطر بس قدحنا في الوسط معهم ما نفعل».
ظهر محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية قبل أحداث أغسطس 2017م، وقال «موقف علي عبدالله صالح موقف إيجابي وإلى جانب التحالف ، ولو كان علي عبدالله صالح خارج صنعاء وغير محاصر من الحوثيين لكان موقفه المعلن معنا وإلى جانبنا»، كان كلام ابن سلمان واضحا، وفحواه أن السعودية رضيت عن عفاش وعادت المياه إلى مجاريها ، كان عفاش قد قدّم نفسه قبل تلك الفترة ، وقام بحشد حشود في مناسبات عدة استعرض من خلالها قدراته ومقدرته على الحشد ليقدم نفسه للسعودية ، وفعلا حظي بالقبول منها.
كان عفاش على اتصال دائم بالإماراتيين، والإماراتيون يطلبون منه التريث حتى إقناع السعوديين ، كان كلام ابن سلمان إشارة لعفاش أن الأمور باتت جاهزة ونحن إلى جانبك.
لم يكن عفاش يتذكر متى تاريخ تأسيس المؤتمر الشعبي العام ، لكنه في العام 2017م قرر الاحتفال في 24 أغسطس ، حشد لهذا اليوم بتمويل إماراتي ، كان ينوي فيه تفجير الأوضاع ، قوبلت محاولاته تلك بردّة فعل صارمة من قبل القيادات الوطنية ، جاء إليه الصماد إلى منزله وحذره صراحة ، ثم جاءت قيادات أخرى وقالوها له بصريح العبارة «تفجير الأوضاع لا يخدمك أبدا »، ظهر الرجل في خطابه في 24 أغسطس متراجعا وفشل في تفجير المخطط ، وكلنا نتذكر الحشود التي رابطت في مداخل العاصمة صنعاء حينها والدور الذي قامت به في إفشال الفتنة.
كان عفاش ينوي في أغسطس إلقاء خطاب ناري يدعو فيه الحشود إلى الاعتصامات واقتحام مراكز ومؤسسات الدولة والسيطرة على الأوضاع انطلاقا من السبعين ، فشل حينها ، جاء المولد النبوي الشريف في 29 نوفمبر وقتها ، خلال أيام الاستعدادات للمولد النبوي الشريف حدثت أحداث كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ، لكن برز التحريض والتهييج الإعلامي بشكل واضح ضد أنصار الله من قبل عفاش ومعاونيه.
سبق ديسمبر تحركات مشبوهة ومكثفة لعفاش ، ومنذ ما قبل إعلان الاتفاق السياسي عمل على ترك الأمور للفراغ ، ظل يحرض ويهيج بطريقة ماكرة وخبيثة ، في المقابل امتنع عن تحمل أي مسؤولية في مواجهة العدوان بل وإفشال أي تحرك عملي، وفي سياق التحرك الشعبي كانت تعمل المنظمات واللجان التابعة له في تجميع الشباب وتدريبهم وتسليحهم وتوزيعهم على الحارات تحت غطاء العمل المجتمعي ، من هذا القبيل شكلت «اللجنة الشعبية للحوار والتصدي لأعمال العنف والتخريب والإرهاب» وغيرها من اللجان التي تم إنشاؤها ، متواكبا مع تحريض مكثف على «أنصار الله» واللجان الشعبية وما كان يتم تناوله تحت مصطلح «المشرفين» ، من خلال اختلاق اتهامات وشائعات كثيفة.
قبيل 24 أغسطس بدأ بالتحشيد والتجنيد تحت مسميات وعناوين عديدة منها بطائق انتساب انتخابية ، قام بإنشاء هيئات وكيانات مثل الهيئة الوطنية للحفاظ على القوات المسلحة والأمن وهو ملتقى سري لضباط أمن وقادة ألوية سابقين تم تأسيسها في بدء العدوان ، كان القائمون عليها يقومون بقطع استمارات انتساب لضباط في القوات المسلحة والأمن ، وذلك بحجة المحافظة على الجيش والأمن مما يتعرض له من تفكك ، وهي ذريعة تم من خلالها أولا تخذيل الضباط عن أداء واجبهم الوطني في مواجهة العدوان ، ثم بدأت في وضع خطط ميدانية لمواجهة الجيش واللجان الشعبية ، اتضح لاحقا أن أغلب منتسبيها كانوا من قادة مؤامرة الفتنة ، وقبيل الدعوة للتحشيد الفتنوي في 24 أغسطس 2017م عمل عفاش على الآتي:
1 – التحريض على الجيش واللجان والقوى الثورية ووصفهم بأنهم المتسببون بإطالة العدوان وأنهم فاسدون وبسبب فسادهم انقطعت الرواتب على الموظفين عبر وسائل الإعلام والناشطين والإعلاميين التابعين له.
2 – إثارة واختلاق المشاكل في بعض مساجد الأمانة وبعض المحافظات أثناء صلاة الجمعة والتحريض ضد الجيش واللجان في المجالس والأسواق والتجمعات.
3 – تكثيف التشويه المتعمد وإطلاق الشائعات ضد أنصار الله والقوى الوطنية باختلاق عناوين مثيرة ، هدفها تثوير الشارع، كما حصل في تاريخ 10 أغسطس 2017م بإطلاق شائعة اقتحام مبنى صندوق النظافة وأخذ 50 مليون ريال استحقاق عمال النظافة!
4 – استقطاب الموالين له من جبهات القتال بدلاً من التحشيد لها، وحرف توجه المجتمع عن مواجهة العدوان إلى الحشد لقطع بطائق الانتساب والتجهيز للعملية الانتخابية.
5 – حشد مجاميع مسلحة وتشكيلهم في مجموعات وإسكانهم في منازل قيادات تابعة لهم داخل العاصمة.
6 – شكّل زعيم الخيانة (عفاش) عناصر تقوم برصد تحركات الأجهزة الأمنية في صنعاء لاستهداف الأمن حتى يسهل تنفيذ المخطط.
7 – إطلاق دعوات مكثفة للحشد الجماهيري للاحتفال بما أسماه ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام ، إذ لم يسبق للمؤتمر إقامة احتفال جماهيري بمناسبة تأسيسه، لكن العام 2017 م شهد حفلا جماهيريا تحت هذا العنوان ، بينما كان المخطط المقصود هو تفجير الوضع في صنعاء ، إثر تكثيف التحريض والتهييج الإعلامي للمجتمع، وكان من المقرر أن توجه دعوة في الاحتفال لإسقاط الحكومة والمجلس السياسي الأعلى.
في مواجهة تلك الأوضاع، قام قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بعقد لقاء موسع مع حكماء اليمن ووضعهم في الصورة ، وكان من ضمن مخرجات اللقاء أن يقوم حكماء وعقلاء اليمن بتقييم أداء مؤسسات الدولة ، وتحديد المتسبب في عرقلة أدائها وأيضاً جاءت التوجيهات بالاحتشاد الشعبي في مداخل العاصمة صنعاء، وتشكيل ساحات للاعتصام.
عملت الأجهزة الأمنية خلال شهر أغسطس على رصد المقرات ومتابعة تحركات العناصر، وتمكنت من الحصول على معلومات وثيقة تكشف فصول المؤامرة ومخططاتها، وبناء على ذلك تم تنفيذ خطط طوارئ أمنية وعسكرية ، انتهت بفشل مخطط عفاش في تفجير الأوضاع في 24 أغسطس.
بعد فشل المخطط في 24 أغسطس نفذت مليشيات الخيانة اعتداءات وقامت بتحركات أمنية تصعيدية خطيرية ، حيث اعتدت مليشيات عفاش على نقطة أمنية في جولة المصباحي بتاريخ 27 / 8/ 2017م واستشهد 3 من أفرادها ، ثم قامت باختطاف عنصرين يتبعان أجهزة الأمن ، ثم اتجهت نحو استثارة القبائل وخلق فتن واضطرابات داخل المجتمع ، كما حدث مع القبائل في همدان حين عمد طُريق رئيس فرع المؤتمر الشعبي إلى إثارة الشغب، على خلفية اعتقال أشخاص من قبل الأجهزة الأمنية بالإضافة إلى اختلاق مشكلة في البيضاء بين الجيش وبعض قبائل البيضاء والترويج لمواجهات بين قبائل البيضاء والجيش واللجان الشعبية وغيرها من الأحداث.
عمد عفاش بعد فشله في 24 أغسطس إلى توسيع نشاطه العسكري تحت غطاء حزبي ، قام بتنشيط حركة الاستقطاب في العاصمة والمحافظات عن طريق المرتبطين بالمؤتمر الذين انقادوا لمخطط الفتنة ، وتم توزيع استمارات تجنيد رسمية لهم تحت غطاء إلحاقهم بالجيش واللجان الشعبية في الجبهات ، لكن التجنيد كان بهدف الخيانة ، ثم تم فتح مراكز تدريب جديدة، فبالإضافة إلى معسكر «الشهيد / الملصي» فتحت مدرسة الحرس في ذمار، إضافة إلى عدد من المنازل والمساحات السرية داخل الأمانة.
البقية في الجزء الثاني من أحداث الخيانة.