الغرب الجِشع.. اللاجئون والتغيرات المناخية والتلوث البيئي كلها أثمان مستحقة لابد أن تُدفع
عدنان باوزير
يقال إن سبب الخلل البيئي والمناخي القائم هو بسبب تسخير كل موارد الأرض لإنتاج غذاء لجنس واحد هو الجنس البشري فقط ..
وفي هذا تعميم ظالم ، الأدق أن كل موارد الأرض تم تسخيرها لصالح رفاه ثمن سكان الأرض على أكثر تقدير – وهو مجموع سكان القارة العجوز + الولايات المتحدة الأمريكية – وباقي السبعة الأثمان الأخرى من البشر تشقى من أجل أن يعيش الغرب سعيد !!
لقد دأب الغرب الجشع المستبد ومنذ عصر الكشوفات الجغرافية وما سبقها من ثورة صناعية وحتى في عصور الظلام في حقبة الحروب الصليبية على تسخير كل موارد مستعمراته لرفاء وتطور وازدهار بلدانه بشكل متوحش وأناني وخال من الإنسانية ، في البدء بشكل مباشر وسافر بواسطة الاحتلال العسكري المباشر ثم لاحقاً بشكل غير مباشر وعن بعد أو بالاستعانة بأذرعه التي أوجدها لخدمة سياساته ومصالحه غير المشروعة وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الاقتصادية والمالية والثقافية المختلفة ، وسن لها القوانين التي تضمن خدمة مصالحه .
والآن جاء هذا الغرب المستبد بعد أن استشعر الخطر المناخي والبيئي الذي يهدد كوكبنا ليشرك بقية شعوب الأرض الأخرى الضحية لسياساته من اجل الاشتراك في معركة لم يساهموا في صنعها بل كانوا هم ضحاياها .
من المسؤول عن تدمير العالم وإغراقه بأسلحة التدمير الشامل منذ اختراع (نوبل) للبارود – والذي تحول في مفارقة عجيبة إلى جائزة للسلام -وليس انتهاء بالسلاح النووي ؟؟
الجواب بالطبع وكما يعرف الجميع وبكل تجرد هو الغرب، والغرب وحده
من المسؤول الأول عن حالة الاحتباس الحراري وثقب الأوزون؟؟
أليس الغرب وانبعاثات مصانعه الملوثة بطريقة جشعة وأنانية وغير مسؤولة؟؟
من المسؤول عن التلوث البيئي في الأرض والبحار والأنهار والجو؟؟ والآن شرعوا يلوثون الفضاء.
طبعاً المسؤول الأول هو الغرب ومخلفاته الضارة ونفاياته السامة.
من أين تفشت هذه الفايروسات والأمراض الخطيرة والغامضة التي تفتك بالبشرية اليوم؟؟
قطعاً إنها تسربت بقصد أو بغير قصد من مختبرات الغرب البيولوجية والجرثومية والكيماوية المختلفة.
من المسؤول الأول عن استنزاف موارد الكوكب المختلفة، تحت الأرض وفوق الأرض وفي البحار، وتفشي حالات التصحر والاختفاء المخيف للغابات، وانقراض العديد من الأحياء والمخلوقات المختلفة ..الخ؟
المسؤول الأول هو الغرب ومؤسساته الإمبريالية وشركاته تعدينه واصطياده وصناعاته المختلفة الكبرى.
من الذي يشعل كل يوم في طول العالم الثالث وعرضه الصراعات الأثنية والحروب البينية بين الدول من أجل أن يُبقي على خطوط الإنتاج في مصانع أسلحته دائرة وشغالة لا تتوقف، ومن أجل أن ينفذ من خلال هذه الحروب إلى ثروات الدول الفقيرة وينهبها؟؟
بدون أي جدال الجواب هو الغرب ولا أحد غير الغرب.
من الذي دمر تراث العالم الإنساني المادي ونهبه إلى متاحفه ؟؟
الغرب
بل إنه سعى ولا زال يسعى إلى طمس التراث الإنساني اللا مادي والثقافي عبر نظرية (العولمة) ومحاولة تذويبه في ثقافة واحدة هي ثقافة الغرب الإمبريالية.
ولن أتحدث هنا عن جرائمه الإنسانية الكبرى الأخرى كالعبودية والعنصرية والإبادات الجماعية وغيرها لأن السياق هنا لا يسمح .
إذن لا مناص الآن للغرب من أجل التكفير عن جزء يسير من أخطائه الكبرى والقاتلة.
فعندما يستقبل الغرب اليوم اللاجئين من بعض أقطار الشرق الأوسط والعالم الثالث الأخرى – ويجب أن يستقبلهم –فليس له أي فضل أو منة في هذا ، بل إن هذا واجب حتمي عليه أن يفعل هذا ، والا فمن أين أتى هؤلاء اللاجئون ولماذا ؟؟ أليس من الدول التي عاثت بها سياسات الغرب الاستعمارية وما زالت الفساد ؟؟ لماذا ترك هؤلاء الناس أوطانهم وبيوتهم وساحوا في الأرض ؟؟ أليس بسبب سياسات وحروب الغرب المصطنعة في أوطانهم ؟؟
هذا الغرب الذي يسوّق لنا كل يوم عبر شعاراته الإنسانية الجوفاء والزائفة المزعومة ، ويصدع رؤوسنا عن حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية والحريات العامة ، هو نفسه الغرب الذي يدعم الدكيتاتوريات في طول العالم وعرضه ، وهو نفسه الذي يشعل الحروب العبثية عبر العالم ويبيع الأسلحة ليكدس مزيدا من الأموال في خزائنه النهمة ، ويقتل بشكل مباشر أو غير مباشر الشعوب ويحاصرها ويجوعها بغية استعبادها ورضوخها لمشاريعه وما بلادنا اليمن وما تتعرض له من مكائد ومؤامرات الغرب إلا أحد أبرز وأوضح هذه الأمثلة.
هذا الغرب الذي يقيم العالم ولا يقعده عبر أداته الثقافية (اليونيسكو) مثلاً لأننا قمنا بهدم جدار من اللبن في أوطاننا بحجة الحفاظ على التراث الإنساني ، هو نفسه الذي يدمر تراث البشرية الثقافي والبيئي كل يوم ، هذا الغرب يريد بكلمة حق اُريد بها باطل إلى تحويل بلداننا إلى محميات تراث ثقافي وبيئي لا تُمس ، ليس إيماناً قطعاً بأهمية هذا بل لإبقائنا كسبب لاستمرار بقائه ولكي يجمّل قبحه بهذا – وحتى هذه هو يمارس عبرها الكذب والازدواجية وغير صادق البتة فيها – بعد أن دمر –ولازال- بيئة وتراث البشرية ومناخ الكوكب في الماضي والحاضر والمستقبل !!
ختاماً على الغرب أن يتحمل مسؤولية بشاعته ويساهم في علاج المشاكل الوجودية للبشرية والتي تسبب هو فيها ، لا أقول لوحده ، ولكنه يتحمل أكثر من 90% من هذه المسؤولية.