لم يكن الدفاع المدني يحظى بالاهتمام، حيث اُهمل في البداية كإدارة عامة أولا وكمصلحة تتبع وزارة الداخلية ثانيا، لدرجة أن المواطن أصبح لا يعرف عن مهام الدفاع المدني إلا مهمة واحدة وهي الإطفاء، تاركين المهام الأخرى، وهي مهمة أيضا.
وكلنا نعرف أن هذه المهمة الواحدة والوحيدة التي عرفها المواطنون، لم تكن تنفذ بالشكل المطلوب لأسباب كثيرة أبرزها قلة الإمكانيات المادية والبشرية، وليس هذا وحسب، بل تصدير ضابط أو فرد الدفاع المدني إلى المصلحة بمثابة عقوبة فعلية له، لأن مصلحة الدفاع المدني، رغم أهميتها كمصلحة تابعة للداخلية وعضو في منظومة الدفاع المدني العربية والعالمية، لم تكن تقوم بعملها ولا تنفذه حسب ما هو مدرج في أهدافها المدرجة في تكويناتها وهيكلها المعروف.
لكنني اليوم وبعيداً عما كان يعرفه الناس أجد نفسي أمام مصلحة تعمل وفق مكونات وتقسيمات حديثة، يعمل كل مكون فيها بترتيب ونظام رهيب، لدرجة أنني لم اصدق ما أراه، ودفعني الفضول لأن أسأل أحد القيادات في المصلحة (مازحا) ” معقول قد معكم نظام إنذار مبكر ورقابة مرئية وقياس كمية المطر؟!”.
فأجابني مستغربا من السؤال: “نعم لدينا كل ما ذكرت وأكثر”.
طبعا وبحسب معلوماتي السابقة والمتخيلة، لم أصدق.. لأن مسألة إنذار مبكر ورقابة مرئية يمكن تصديقها ولو من باب المجاملة، أما حكاية قياس كمية الأمطار، فيصعب تصديقها، بل إنها كادت تدفعني لإيقاف الحديث وتوجيه سؤال لصاحبنا “عن نوع القات الذي خزن به أمس ولا يزال متأثرا به”، إلا أنني تذكرت فورا انه لا يمضغ القات.
لن أطيل عليكم، فقد ظلت هواجس عدم التصديق تراودني حتى شاهدت مشروع الإنذار المبكر وكاميرات المراقبة للسيول ورصد كمية الأمطار يتم افتتاحه على أرض الواقع، من قبل وزير الداخلية اللواء عبدالكريم أمير الدين الحوثي، ومن خلال اطلاعي ومشاهدتي للتقرير التوضيحي المتعلق بعمل المشروع تيقنت فعليا أن ما لم أكن أصدقه أو أتخيله أصبح حقيقة وواقعا ملموسا، وان مشروع الإنذار المبكر انجز وبنسبة 100 % وأصبح يغطي العاصمة صنعاء وجبالها.
وترتكز أهداف المشروع على حماية مدينة صنعاء جغرافيا وتاريخيا، وحماية سكانها والقادمين إليها من الحوادث الناتجة عن فيضانات السيول أثناء هطول الأمطار، حيث يتم من خلال هذا المشروع إرسال رسائل نصية عبر التلفونات لكل المواطنين قبل حدوث الخطر، بالإضافة إلى النشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وطبعا فإن إرسال رسائل التنبيه لن تأتي بحسب توقعات، وإنما من خلال معلومات متكاملة تقدمها منظومة إنذار مبكر ومنظومة كاميرات مراقبة وخاصة في منطقة سائلة صنعاء، من بدايتها حتى نهيتها ومنظومة رصد منسوب الأمطار، وجيش من الكادر الفني المدرب يعمل على مدار الساعة في خدمة المواطن، ليرسل له رسالة يحذره من خطر الأمطار وكارثة الفيضانات وغدر السيول.
ختاما لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير لقيادات وكوادر مصلحة الدفاع المدني العاملين بصمت لخدمة هذا الشعب، وحرصهم على تطوير وتحديث عمل المصلحة رغم الحرب والحصار والعدوان، وتعظيم سلام لقيادة وزارة الداخلية ممثلة باللواء عبدالكريم الحوثي.