العنابي.. أمانة في أعناقهم 

«الله يا عمري قطر» كلمات بللها المعلق القطري الرائع يوسف سيف بعد فوز عنابي قطر للشباب على منتخب البرازيل في نصف نهائي مونديال استراليا للشباب عام 1981م.
 
> لم يكن يدري «يوسف سيف» أنه كان يسطر تاريخاٍ جديداٍ للكرة القطرية.. تماماٍ مثلما أنه لم يكن يتوقع أن تبكي عبارته «الوطنية» ملايين المقل على طوال شريط ممتد من المحيط إلى في الخليج.
 
> تمددت الكرة القطرية في حقبة الثمانينيات وامتد ربيع «العنابي» إلى مدى واكب احلام القطريين مع العودة بفضية «المونديال» الاسترالي بخسارة النهائي أمام ألمانيا في ملعب «صابوني» تحول إلى حمام سباحة حتى اننا كنا نتساءل: لماذا لم يلغ الحكم المباراة فما نشاهده مباراة في كرة الماء ولا علاقة لها بلعبة تدار بالأرجل¿.
 
وعندما طيرت وكالات الأنباء «نبأ» أبناء قطر إلى «ريودي جانيرو» اندهش العالم.. كيف لدولة مغمورة أن تصادر السحر البرازيلي وتحول عطر السامبا إلى «حدجات»¿..
 
بعدها.. ذاع اسم قطر.. انتشرت أخبار الكرة القطرية انتشار النار في الهشيم.. ومع الامتداد القطري برزت قدرات المدرب البرازيلي «ايفرستو» الذي تمكن من تكييف اللاعب القطري على أساليب وطرق لعب جديدة- ولأنه زاوج بين التوظيف السليم للمواهب القطرية وتلقين اللاعب القطري أبجديات الانضباط – فإن هذا التزاوج ولد جيلاٍ ذهبياٍ للكرة القطرية.. جيلا كان في وسعه أن يصل إلى نهائيات كأس عامي 1986م و1990م.
 
> في 1986م.. فقد القطريون تركيزهم في اللقاء الفاصل أمام العراق في «كلكتا» الهندية فغرقت سفينة المدرب «رينوساني» في بحيرة الملح من دون أن يفك القطريون طلاسم تلك الخسارة المفاجئة وغير المتوقعة.. ووصل العراقيون إلى المونديال وتبخر الحلم الماروني بدون سبب معقول أو مبرر مقبول.
 
> وفي تصفيات كأس العالم 1990م كان بين قطر والوصول إلى مونديال ايطاليا ضربة جزاء أهدرها المدافع يوسف العدساني أمام كوريا الشمالية فذهبت بطاقة التأهل على طبق من ذهب للإمارات.
 
والمنتخب القطري الذي انتظر 22 عاماٍ ليفوز بلقبه الأول على مستوى دورات كأس الخليج ثم كررها الإنجاز في خليجي 17- كلا الدورتين اقيمتا في قطر – أصيب بصدمة في بطولة أمم آسيا 1988م في الدوحة واليكم الحكاية من طقطق للسلام عليكم.
 
> قبل انطلاق البطولة بسنة خاض «العنابي» تجارب في الدوحة وخارجها.. وتبارى مع نفسه في رحلات مكوكية.. مغلفة ببروفات مع منتخبات من مختلف المدارس وكانت النتائج رائعة ولأن الأرقام منحت «العنابي» زخماٍ من التوقعات فإن اللاعبين تشبعوا بالتوقعات ودخلوا البطولة وكأنهم قد حققوا اللقب تدفق الجمهور القطري إلى ملعب الافتتاح وكان على «العنابي» أن يؤكد أن ما يقال عنه من كلام «زين» لا يدخل في إطار المجاملات.. وبدا وكأن كل لاعب قطري وضع في بطنه بطيخة صيفي لكن ما حدث في الافتتاح أمام إيران استحال حقيقة إلى نبض مصادر.. لقد ذْبح «العنابي» في ذلك اللقاء بدون قبلة خسر بهدفين دون رد.. بعدها انهار «العنابي» نفسياٍ وانخفضت المعنويات إلى نقطة الصفر.. وعندما تلقى الضربة الثانية أمام كوريا الجنوبية ترنح على أساس أن ضربتين على الرأس توجع وتفقدك توازنك النفسي.
 
> غادر «العنابي» البطولة بمنتهى الأدب وقد ترك في قلوب عشاقه «حرقة» وفي حلوق معجبيه مليون «غصة» وفي عيون مدمني فنه مليون «دمعة».
 
> وددت أن أسترد السيناريو القاسي لأن قطر على أبواب استضافة أمم آسيا للمرة الثانية خلال الأسابيع القادمة.. حتى لا تتوه دروس تلك «الانتكاسة» وسط أمواج صحافة ترصد أنفاس مدرب «العنابي» الفرنسي «برونوميتسو» على أساس أنه لم يقدم بعد أدلة ماحقة.. تؤكد أنه المدرب المناسب في المكان المناسب.
 
> وبغض النظر عن نتائج «العنابي» في خليجي 20 فإن الرهان البشري يبقى منصباٍ على أمم آسيا وبدون شك فإن تخوفات الشارع القطري قبل انطلاق البطولة القارية لها ما يبررها لسببين:
 
الأول: معظم القطريين لا يثقون في قدرات المدرب «ميتسو» وعندهم حق لأن الرسم البياني لنتائج المنتخب في هبوط.
 
والثاني: أن منتخب قطر- حتى وإن بدا متفائلاٍ بالدوحة التي أهدته في السنوات الخمس الماضية لقبين غاليين- الأمر بطبيعة الحال يتعلق بفوز العناني بخليجي 17 وبذهبية دورة الألعاب الآسيوية .. إلا أن غياب عناصر ثقل في المنتخب بحسب ضخامة الاستحقاق الآسيوي.. تقلق بالفعل المدرب وكافة الفنيين في قطر.
 
> الاتحاد القطري «حليم» و«حكيم» يقرأ كتاب المنتخب بخبرته- ولأنه يعرف ماذا يريد من المرحلة القادمة وليس الحالية- فإنه يمنح «ميتسو» الضوء الأخضر للبقاء إلى ما بعد نهائيات أمم آسيا.. بعدها لكل أجل كتاب.
 
>وبعكس تخوفات الشارع الرياضي القطري.. لا تبدو هناك نوايا مبيتة للاطاحة بالمدرب لأسباب محفوظة عن ظهر قلب.. من أبرزها أن الوقت ليس في صالح «التبديل» ولا ينصف «الاستبدال» ثم إن الدخول في دوامة الاقالة قد يخل بالتوازن النفسي للاعبين.
 
> لست مع من يقول أن الكرة القطرية شاخت وأصابها العقم.. على أساس أن الزمن طال وطول من دون أن نرى نسخاٍ لعمالقة من وزن: ابراهيم خلفان- عيسى أحمد- عادل مال الله- منصور مفتاح- مبارك عنبر- محمد دمام- خالد سلمان- بدر بلال- محمود صوفي- محمد العماري- يونس أحمد.. فلكل زمان رجاله ورموزه.. والكرة القطرية حتى وإن حجبت الغيوم الطارئة أشعتها إلا أنها قادرة على السطوع في الوقت المناسب.
 
> اتحاد الكرة لا يريد أن يلدغ من جحر «الاستعجال» لا يريد أن ينساق خلف «امتعاضات» جماهيرية.. لديه نهجه.. وبرنامجه.. وأهدافه.. وطالما يرى أن «ميتسو» رجل المرحلة فمن الواحب الانصات للاتحاد لانه أول من يدافع عن سمعة البلاد وحقوق العباد.
 
> قطر حتى وإن بدت عملاتها الحالية تفتقد إلى بريق الاقناع.. إلا أن ذلك ليس دليل إدانة يحق للآخرين اصدار حكمهم قبل المداولة مهما وصلت الأمور مع المعارضين للمدرب.
 
> في تصوري.. إن المنتخب القطري سيستعيد توازنه ووجهه الحقيقي في أمم آسيا.. الدوافع المعنوية تقف إلى جوار لاعبين حققوا لقبين في الدوحة فلماذا لا تكون الثالثة ثابتة.
 
> أدري أن نتائج قطر في خليجي 20 مهمة جداٍ على المستوى المعنوي.. وأدري أن اللاعبين في حاجة لأن يثقوا أكثر في قدراتهم.. وأدري أنهم يعتبرون خليجي 20 فرصة سانحة لاسترداد الثقة بالنفس للاعبين هم عماد المنتخب من أبرزهم سبستيان سوريا- حسين ياسر- بلال محمد -طلال البلوشي- وسام رزق- أنس مبارك- لكن يفترض أن هؤلاء محترفون من الدرجة الأولى وخير من يعلمهم الاحتراف كيفية التحرر من الضغوطات وطريقة التخلص من سوء التقدير.. وعليهم أن يجاهدوا للوصول إلى الجاهزية المطلوبة في الوقت المناسب لأن «العنابي» أمانة في أعناقهم في أمم آسيا بالدوحة.
 

 

 

 
 

قد يعجبك ايضا