المحافظات المحتلة.. فوضى ممنهجة ونزيف مستمر

الثورة / مها موسى

في الوقت الذي يتصدر فيه الجيش واللجان الشعبية المشهد في كل من مارب والحديدة، ويعيدون تحرير أجزاء واسعة من هاتين المحافظتين اللتين تشكلان محاور ارتكاز وقوة لقوى العدوان وعملائهم، وتعمل جميع جهات الدولة المختصة على تأمين وتطبيع الوضع هناك.. تشهد المحافظات المحتلة حالة مُركّبة من الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن الأسوأ على الإطلاق هي الأوضاع الأمنية، حيث تشهد هذه المحافظات وفي مقدمتها عدن تحولات دراماتيكية على يد أدوات تحالف قوى العدوان “حزب الإصلاح التابع للسعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات”، وأصبحت أشبه بغابة تفتقد النظام والقانون والأمن..
فيما تستمر دول الاحتلال بتغذية طرف ضد آخر وفق ما يتناسب مع مصالحها ومخططاتها هي وقوى الاستكبار العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
انفلات أمني
كما تشهد المحافظات الجنوبية المحتلة جرائم اغتيالات وقتل واشتباكات لا تتوقف منذ بداية العدوان إلا أن وتيرتها زادت في الأشهر القليلة الماضية حيث تعرض موكب ما يسمى محافظ عدن ووزير الزراعة والثروة السمكية في حكومة المرتزقة بالرياض واللذين يتبعان المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات في 10 أكتوبر الماضي، لمحاولة اغتيال بسيارة مفخخة نتج عن ذلك مقتل أربعة من مرافقي المدعو لملس .. جاء ذلك بعد أيام من زيارة المبعوث الأممي إلى عدن هانز غراندبرغ ولقائه برئيس ما يسمى حكومة المناصفة معين عبدالملك ولملس محافظ عدن ..
تلا ذلك في نفس الشهر حادث إرهابي أكبر، حيث انفجرت سيارة كبيرة “دينة” في محيط مطار عدن الدولي بمديرية خور مكسر أسفر عن ذلك مقتل 10 أشخاص وإصابة 28 شخصا واحتراق 28 سيارة ..
وفي السادس من شهر نوفمبر الجاري، تعرض ما يسمى مدير أمن محافظة شبوة عوض الدحبول – التابع لحزب الإصلاح المدعوم سعوديا – لهجوم من مسلحين على متن أطقم عسكرية تلاه بثلاثة أيام هجوم آخر على محافظ المحافظة ذاتها التابع لحكومة الفنادق محمد بن عديو من قبل مسلحين مجهولين وذلك برمي قذائف يدوية على منزله .
الجدير بالذكر أن هذا المدعو بن عديو يمارس هو نفسه أعمالا إرهابية في حق أبناء المحافظة منتهكا أمنهم وسلامتهم وحقوقهم، حيث يذكر أن القوات التابعة له اعتقلت قبل أيام 10 شبان من قبيلة لقموش في محافظة شبوة وأخفتهم قسرا وذلك نتيجة موقف القبائل الرافض تواجد قوات تحالف العدوان في مناطقهم ، ليس هذا فحسب بل تعرض آخرون من أهالي مديرية جردان بشبوة للمنع من الدخول إلى عتق ما اعتبره أهالي هذه المحافظة حربا تستهدف أبناء القبائل والقبيلة كمكون أساسي في هذه المحافظة.
وفي نفس اليوم الذي تعرض فيه المدعو بن عديو لمحاولة الاغتيال في شبوة، تعرضت الصحفية رشا الحرازي وزوجها محمود العتمي لاغتيال بعبوة ناسفة في مديرية خور مكسر محافظة عدن، أدت إلى وفاتها وجنينها فيما لا يزال زوجها في المستشفى.. تلت هذه الجريمة جريمة أخرى وذلك يوم الخميس الماضي حيث اغتيل مواطن من حي إنماء بمديرية البريقة في عدن من قبل مسلحين مجهولين.
يذكر أن السلطات التابعة لدول الاحتلال هناك رفضت الإفصاح عن شخصية المجني عليه.. وفي نفس اليوم تعرضت مدينة عتق المركز الإداري لمحافظة شبوة لانفجارين بقنبلتين لم يكشف عن الأشخاص أو الجهة المسؤولة عنها.
وفي سياق تعدد الجرائم والضحايا في الجنوب منذ بداية العدوان، أكد المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان “وهو منظمة غير حكومية مقرها جنيف” في بيان له الثلاثاء الماضي، على إثر اغتيال الصحفية رشا الحرازي، أن تهاون السلطات الأمنية في عدن وعدم تحملها لمسؤولياتها أدى إلى تصاعد جرائم الاغتيالات.
ولفت المرصد في بيانه إلى أن عدد جرائم التصفية الجسدية في مدينة عدن قد بلغ 200 جريمة منذ العام 2015م، قيدت جميعها ضد مجهول.
وأكد المرصد من خلال بيانه أن عدم بذل السلطات في عدن أي جهود حقيقية للتحقيق في جرائم الاغتيال أدى إلى إفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب ما أدى إلى تصاعدها وتحولها إلى ظاهرة تهدد المواطنين.
فرّق تسد
لم تكتف دول الاحتلال بطرفين متصارعين في المحافظات الجنوبية المحتلة تحت مسمى حكومة المناصفة وإنما عملت على تجزئة كل طرف لمجموعة أطراف متناحرة، فقد شهدت مدينة كريتر في عدن مطلع أكتوبر الماضي اندلاع مواجهات عنيفة بين فصائل ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، أدت إلى مقتل وجرح العشرات بينهم إعلاميون واشتباكات أخرى في شبوة آخرها الأسبوع الماضي، وكذلك في سقطرى وغيرها من المحافظات المحتلة.
ويرى مراقبون أن ما يفتعل في الجنوب هو بغرض تحديث استراتيجيات رباعية دول تحالف العدوان في اليمن، فبقاء الوضع الأمني في الجنوب في حالة من الانفلات والصراع بين فصيل وآخر يضمن تحريك جميع تلك الفصائل بما يتناسب مع سياسة الاحتلال والتخلص من أطراف باتت غير مطلوبة بالنسبة لهم في المراحل القادمة، يقال بأنه غالبا حزب الإصلاح ومن لف لفيفه الذي انتهى دوره كفاعل في مسرح العدوان .