رئيس مجلس الحكم السوداني البرهان يعتقل رئيس الحكومة عبدالله حمدوك وبعض الوزراء

الثورة /الخرطوم

استيقظ السودانيون -صباح أمس الاثنين- على نبأ انقلاب شركاء الحكم العسكري والمدني على بعضهم والذي جرى تنفيذه داخل صفوف المنقلبين أنفسهم على الانقلاب السابق الذي قاده عمر البشير على الصادق المهدي في العام 1989.
وقام عبدالفتاح البرهان -رئيس ما يسمى مجلس السيادة في السودان يوم أمس- باعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومعظم أعضاء حكومته والعديد من المسؤولين والعاملين بقطاع الإعلام ، وقالت وزارة الإعلام والثقافة -في صفحتها على فيسبوك- إن رئيس الوزراء اقتيد إلى مكان مجهول.
ومنذ حصوله على الاستقلال عام 1956، كان السودان مسرحا للعديد من الانقلابات العسكرية نجح بعضها فيما فشل البعض الآخر ، لكن الانقلاب هذه المرة يبدو ثمنا يدفعه حكم العسكر المتحالفين مع بعض القوى المدنية جراء التطبيع الخياني الذي أبرموه مع العدو الصهيوني برعاية أمريكية في العام الماضي.
وتزامن الانقلاب مع بدء العد التنازلي للفترة الانتقالية السودانية التي أعقبت الإطاحة بعمر البشير عام 2019 فقبل أقل من شهر على الموعد المحدد لتسليم الفريق أول عبد الفتاح البرهان قيادةَ المجلس الانتقالي إلى شخص آخر ، قام البرهان باعتقال الحكومة ورئيسها ، وخرج البرهان ليعلن انتهاء “شرعية التراضي” بين الشقين المدني والعسكري.
وسبق للبرهان أن حذر الشهر الماضي من أن الجيش لن يسلم السلطة إلا لحكومة ينتخبها الشعب السوداني، في إشارة مبكرة إلى أنه ألغى ما كان قد دعا له المجلس سابقا في أن تكون رئاسة المجلس لمدة 21 شهرا بقيادة عسكرية ، تليه رئاسة مدنية لمدة 18 شهرا تالية ، وبموجب هذه الخطة، كان من المقرر أن يتم التسليم في وقت ما في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مع اختيار الزعيم المدني الجديد من قبل تحالف من النقابات والأحزاب السياسية التي قادت الانتفاضة ضد البشير.
وسبق الأحداث التي تعصف بالسودان زيارة مطولة للمبعوث الأمريكي إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي ما يزال في الخرطوم ، وجاء إعلان البرهان الذي بث بيانا أمس بعد لقاءات مكثفة عقدها المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان مع أطراف الأزمة في الخرطوم.
ويبدو أن أمريكا تتحكم في مجريات الصراع في السودان ، وتدفع بالأطراف مختلفة إلى التوتر وهو الأمر الذي عملت عليه في أكثر من بلد ، وقد عبرت في بيان الإدارة الأمريكية عن قلقها من الأحداث لكن مبعوثها ما زال في الخرطوم يبشر بحلول مهمة ، وجاء موقف الاتحاد الأوروبي الذي أعلن ممثله الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل، أن الاتحاد يتابع الأحداث الجارية في السودان بـ”قلق بالغ”، وأنه “يدعو جميع أصحاب المصلحة والشركاء الإقليميين لإعادة عملية الانتقال إلى مسارها الصحيح”.
أما الصين -سند السودان الاقتصادي الأول وشريكه الدولي الرئيسي أيام العقوبات الأميركية والغربية، وصاحبة الاستثمارات المهمة فيه- فحثت “جميع الأطراف السودانية على حل خلافاتها من خلال الحوار، من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد”، مؤكدة في الوقت نفسه أنها ستواصل متابعة الاضطرابات عن كثب وستتخذ “الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المؤسسات والموظفين الصينيين هناك”.
كذلك دعت القاهرة -عقب إعلان البيان- جميع الأطراف السودانية “الشقيقة” إلى “ضبط النفس وتغليب المصلحة العليا والتوافق الوطني في البلاد” ، وذكرت الخارجية المصرية أنها “تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في السودان، وأن أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والمنطقة”، كما شددت على “أهمية تحقيق الاستقرار والأمن للشعب السوداني، والحفاظ على مقدراته، والتعامل مع التحديات الراهنة بالشكل الذي يضمن سلامة البلد الشقيق”.
وفي بداية العام الحالي وقع حكم العسكر والحكومة المكلفة في السودان اتفاقا خيانيا مع كيان العدو الصهيوني لتطبيع علاقاتهما تحت رعاية الرئيس الأمريكي في آخر آيامه ، تطبيع يبدو أن ملحقاته فاتورة باهظة الثمن يدفع ثمنها السودانيون اليوم ، فقد دخل السودان مرحلة شد وجذب وصراعات سياسية.
ويقول محللون بأن السودان دخل نفقا مظلما فبانخراطه في التطبيع وجه ضربة قاضية للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي ، وفتح البلاد على مصراعيها أمام الصهاينة والأمريكيين.