مولد سيد الخلق

يحيى محمد جحاف

لماذا نحتفل بمولد سيد الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين؟ لاشك لعظمته الكبيرة في النفوس، هذه العظمة لا يدركها إلا كل مؤمن آمن بالله ربا وبمحمد رسولا ونبيا.. بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة.. مناسبة لا تعني مولد فرد بذاته، وإنما تعني مولد أمَّة، بل مولد الإنسانية برمتها. إنه مولد الرحمة بين الناس والهدى والخير والنور والعدل ولعلنا لم نشهد في حياتنا مولداً أو ذكرى مولد شبيهاً بهذا المولد أو ذكرى هذا المولد. فهو يأتي متزامناً مع انبعاث أمته ونهضتها من رقدة العدم. كأنها عادت إلى رحم التهميش والنسيان والغياب ثم ولدت منه إلى عالم النور والحضور والحياة والبهاء والإحياء والعزم، وعادت إلى التطلع، والإباء من جديد، فصار العالم يتعلم منها، معاني الانتفاضة والعزة والكرامة، وتقويم الاعوجاج ، وتغيير ما في الأنفس، لأن الأمة هي من تصنع السلطة الحقيقية، وليست السلطات هي الصانعة، لمصير شعوبها كما هوا الحال اليوم..
لقد عادت الأمة ملء سمع العالم، وبصره من جديد، فتزامن مولد مع مولد والأمة اجترحت من العبقرية والإبداع مقتدية بمعلمها الشيء الكثير والفذ الكبير في درس الثورة والتغيير وإزاحة المنكر وكسر الأغلال وفك الأقفال وإزاحة الأوحال..
لقد عادت كرامتها وشرفها وعزها وعزتها.. هذه الأمة التي جعل الله عزتها من عزة نبيها، وكرامتها من كرامة نبيها، وعظمتها من عظمة نبيها. حرام أن تذل هذه الأمة أو تهضم أو تحقر وتعيش في خنوع ويأس وبؤس وحرمان، حرام ان يختزل تاريخها ومجدها في أشخاص يحكمون نيابة عن الغير منفذين كل ما يملى عليهم دون رحمة وضمير حتى وصل بهم الحال ان يختزلوا الأوطان في أسر وأفراد!؟؟ولم يكتفوا بذلك بل قارعوا الشعوب ومنعوهم من إحياء مناسباتهم وشعائرهم الدينية بدعوى البدعة والضلال فأي بدعة وأي ضلال هو أكثر مما نحن فيه اليوم !!مستوردين لذلك تلك الأبواق ومسخرين كل الإمكانيات من أجل تجهيل الناس وإبعادهم عن معرفة حقيقة الدين.. وأصبح الناس في حيرة من أمرهم؟! لقد فرض الحكام علينا علماءهم الذين يسيرون وفق رغباتهم وإقناع الناس بالباطل، وفرضوا علينا أعياداً ومناسبات بعيدة عن عقائدنا وديننا وجعلوا من رأس السنة مناسبة كبيرة وعظيمة وتجاهلوا مناسبة لها الأثر الأعظم في النفوس المتمثلة بمولد الرسول الأعظم وما تعنيه لنا كمسلمين.. لماذا؟؟ لقد ولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ظرف كانت الدنيا فيها أحوج ما تكون لمولده، واليوم نستحضر ذكرى هذا المولد ونحن والعالم أحوج ما نكون للتوقف في هذه المرحلة الانتقالية نقتبس منها الدروس نزكي بها النفوس، لتعلو على واقع مريض معتل مختل هيمنة علي مقدراته قوى الاستكبار العالمي وساعدهم في ذلك الذين جعلوا من الدين وسيلة لبلوغ غايات دنيوية فحرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، فباعوا دينهم ونفذوا مخططات أعدائهم، وما نراه اليوم من واقع مرير تسفك فيه الدماء في أرض اليمن لم يستنكره أولئك أو يتكلموا في شيء منه وذلك هو الدليل على صدق قولنا، لذلك ما أحوج ما تكون فيه الأمة والعالم إلى هذا المولد لاستخلاص الدروس والمواعظ، فقد وصل الفساد إلى العظام. وتبددت ثروات ومقدرات أودعها الله في ثرانا تحت صحرائنا، لتكون قوة وظهيراً وعوناً لنا على نصرة ديننا وتيسير معاشنا، فكانت نقمة علينا، وتكدست في الخارج ثروات لا لنا بقيت ولا لمن كدسوها صارت. فهي إلى الأغراب آيلة عالم تتناوشه مذاهب فاسدة مفسدة وإلحاد وانحلال وضلال، وظلم وحروب وسفك دماء،.
إن هذه الأمة مرشحة لأن تقوم بدور الإرشاد والإسناد لكل المستضعفين مسلمين وغير مسلمين. هذا قدرنا وهذا دورنا، وانبعاثنا اليوم هو استئناف لدور جعله الله فيه عزنا وشرفنا وغاية وجودنا، هداية العالم وإدخالهم الجنة، وفي ذكرى مولده… ماذا نقول عن شمائله وفضائله وكمالاته وعدله، ورفيع أخلاقه وسياسته وحكمته وحنكته وحربه وسلمه وإنسانيته ورحمته، وبره، ووفائه؟ ماذا نقول في كل شؤونه؟ علينا أن ندرس بعمق هذه السيرة، ونعلم أن أوثق مصادر السيرة هو ما تضمنته الإشارات القرآنية.. وبعدها الحديث الشريف الصحيح، وقد كتب أكثر من كاتب عن السيرة كما تستقى من القرآن الكريم. لكن المجال ما زال مفتوحاً لمزيد من الدراسات، تكون أعمق وأشمل وأكثر تركيزاً، وأكثر مقاربة مع الواقع الذي نعيشه وفي هذه العجالة لابد من التعريف بخير البرية.. انه محمدٌ بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة.
خير أهل الأرض نسبًا على الإطلاق ولذلك لم يستطع أبو سفيان أن ينكر علو نسب الرسول صلى الله عليه وسلم على الرغم مما كان عليه من عداء للرسول)أما الحكمة من علو نسبه صلى الله عليه واله وسلم؟ حتى لا يكون لأعداء الإسلام سلاح في أيديهم للصد عن سبيل الله.

قد يعجبك ايضا