الثورة / محمد هاشم
حين أسلم أهل اليمن على يد الإمام علي – عليه السلام – أرسل الإمام علي – عليه السلام – إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم رسالة، ما إن قرأها المصطفى صلوات الله عليه آله حتى سجد شكرا لله وقال ((الحمدلله لقد أتاكم أهل اليمن الإيمان يمان والحكمة يمانية)) ، الحديث مروي بطرق وبروايات عديدة.
قبل ذلك كان اليمنيون من قبيلتي الأوس والخزرج قد حملوا لواء الرسالة واحتضنوا الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بعد هجرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم إليهم ، ولعل ذلك هو أعظم الأدوار التي سطرها اليمنيون في التاريخ الإسلامي ونصرة الرسالة المحمدية.
قبل 300 عام قبل مرحلة البعثة النبوية التي تمتد إلى 500 عام ، استوطنت قبيلتا الأوس والخزرج اليمنيتان في المدينة المنورة التي كانت تسمى يثرب ، وقد جاء في بعض الروايات التاريخية أن الأوس والخزرج هاجرتا إلى المدينة بإيعاز من الحكيم اليمني تبع الحميري حيث يروي التاريخ حكمته ، وقد كانت لديه مرويات وأخبار بأن نبيا سيبعث في زمن قادم حينها وسيكوِّن دولة ، فأوعز إلى القبيلتين اليمنيتين بأن تسكنا يثرب لتنالا شرف السبق ونصرة رسول الله صلوات الله عليه وعلى اله وسلم ، وكان واضحا أن وجود هاتين القبيلتين في إطار التهيئة الإلهية المبكرة لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
أما حين أسلم اليمنيون فبطريقتين، الأولى بإعلان الإسلام ومبايعة الرسول صلوات الله عليه وآله وسلم دون الهجرة إليه ، والثانية بالإسلام في حضرته واللقاء به ، قبل ذلك اختصهم رسول الله بأقرب الناس إليه، فبعث إلى صنعاء الإمام علي – عليه السلام – وصحابياً جليلاً آخر هو معاذ بن جبل إلى الجند “تعز حاليا”.
وقد اختصهم بأكرم الناس وأقربهم إليه وأجدرهم بالمهمة عنه ، الإمام علي – عليه السلام – الذي حمل الرسالة إلى صنعاء ،وأسلم كل قبائل اليمن على يديه وبايعته في يوم واحد ،ثم قاتلوا معه صار منهم أبو ذر ، وعمار ، ومالك ابن الأشتر النخعي،وغيرهم من الأنصار ، وقد بقي الإمام علي في صنعاء حتى حل موسم حجة الوداع ،فأرسل النبي صلوات الله عليه في طلبه بأن يقبل إلى الحج ، واتجه الإمام من صنعاء إلى مكة على رأس وفد من قبائل همدان ،وقد شاهد رسول الله القافلة القادمة من اليمن عند اقترابها وقال لمن حوله “الإيمان هاهنا وأشار بيده نحو القادمين من اليمن ، إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن”.
لرسول الله صلوات ربي عليه وعلى آله علاقة وثيقة ومتميزة بأهل اليمن ، وتربط اليمنيين ورسول الله صلوات الله عليه وآهل بيته عرى وثيقة من الولاء والانتماء والنصرة والمحبة والفداء ، والدلائل التاريخية على ذلك كثيرة والأحداث التي مر بها الإسلام منذ البعثة النبوية التي حاز فيها اليمنيون شرف السبق والفضائل والمواقف كثيرة جدا، فقد اختصهم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم بأكرم الناس وأقربهم إليه وأجدرهم بالمهمة ، وهو الإمام علي عليه السلام الذي أرسله إلى اليمن لحمل الدعوة المحمدية ، وقد أسلمت قبائل اليمن أبرزها همدان وبعض حمير على يديه وبايعوه، ثم قاتلوا معه وصار منهم مالك ابن الأشتر النخعي من بلاد النخعيين وجغرافياً تعتبر نخع “محافظة البيضاء” وكل قبائلها نخعيون.
لقد أسلم اليمنيون جميعا بطريقتين ، فبعضهم أسلموا أمام رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم وأعلنوا إسلامهم بحضرته حين قدموا في عام الوفود ومنهم النخعيون وأبرزهم سيد قومه مالك ابن الأشتر النخعي من بلاد نخع” محافظة البيضاء حاليا ، أما همدان فقد أسلمت كافة قبائل همدان على يد الإمام علي – عليه السلام -، ثم سار رؤوس قبائلها بصحبته الكريمة إلى حجة الوداع والتحم الركب اليماني بركب رسول الله قبل وصوله مكة ، وهناك قبائل منها الأشاعرة ذهبت إلى محضر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، وأعلنت إسلامها بحضرته الشريفة.
لكن الجموع الغفيرة أسلموا وآمنوا بالنبي صلوات الله عليه في اليمن دون أن يهاجروا إليه فقد آمنوا برسالته الإلهية، وحين أسلم اليمنيون سجد صلوات الله عليه شكرا وحمدا لله وقال ((الإيمان يمان والحكمة يمانية)).
اليوم يحيي اليمنيون ذكرى المولد النبوي الشريف بشكل لا مثيل له في كل مناسبات الدنيا ، احياء ينطلق من المحبة الصادقة والولاء والانتماء والهوية التي يحملها اليمنيون جيلا بعد جيل وكابرا عن كابر ، ولعل في ذلك سراً وضعه رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم حين قال ((إذا هاجت الفتن آخر الزمان فعليكم باليمن)).
المولد النبوي الشريف..محطة إسلامية وامتياز يماني
تقيم عدد من شعوب الأمة الإسلامية احتفالات بمناسبة المولد النبوي الشريف في الـ12 من ربيع الأول من كل عام ، لكن في اليمن يترسخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الموروث الشعبي كعيد من الأعياد ، وفي الوعي الديني كأفضل أعياد الله التي يجب شكر الله فيها على نعمته العظيمة المتمثلة في نعمة الهداية.
ويحيي اليمنيون ذكرى المولد النبوي الشريف بفعاليات وأنشطة وندوات ووقفات مسلحة وقوافل ، وبالزينة والأضواء والرنج الأخضر ، أما الأناشيد والمدائح النبوية فاليمن زاخرة بذلك ، حيث نشهد كل عام نتاجات وكليبات مصورة واوبريتات ومعزوفات موسيقية غاية في الروعة والجمال تعبر عن عمق الولاء والانتماء لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
وتنطلق كل عام فعاليات ضخمة ومكثفة في العاصمة والمحافظات الحرة احتفالا بالمولد النبوي الشريف ، وهذا العام نشهد فعاليات تحضيرية مكثفة ، كما نشهد انتشار الأضواء والزينة حيث باتت العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات وحتى القرى النائية متشحة بالألوان الخضراء الزاهية ، ليلا بالأضواء ونهارا بالأقمشة المزركشة التي تعبر عن الفرح والابتهاج بمولد النور الأصيل المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم.
على أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف وهو واحد من مميزات الشعب اليمني الذي يتصدر شعوب الأمة في الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة وبكل محبة وشوق ولهفة يستقبل الشعب اليمني ذكرى المولد النبوي الشريف، ليجعل منها مناسبةً متميزةً- بإذن الله- لا نظير لها في كل مناسبات الدنيا هذا العام، وسيكون الشعب اليمني عند مستوى ثقة قائد الثورة الذي قال ((ثقتي وأملي ويقيني في هذا الشعب العظيم الذي لن يتوانى عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف)).
ويشهد هذا العام نشاطا مكثفا يفوق ما شهدته الأعوام السابقة ، وهو ما يعكس توجه قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في جعل إحياء هذه المناسبة بشكل متميز لا نظير له في كل مناسبات الدنيا.
ومن المتوقع أن تشهد فعاليات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هذا العام العديد من المفارقات والتطورات التي من أهمها حجم الحضور الكبير، والتكامل الرسمي والشعبي في إحيائها، وأيضا الترتيبات الأمنية والتنظيمية والإعلامية والصحية والفنية، في تنظيم الفعاليات الكبرى التي من المتوقع أن يشارك فيها حوالي 10 ملايين مواطن، مع الإشارة إلى أن الرقم تقديري من خلال خرائط الصور للمساحات التي من المقرر أن تحتضن الفعاليات المركزية الخميس بعد المقبل.