الحفاظ على الجينات الفريدة للبن اليمني عن طريق عمل مسح ظاهري وجيني وإنشاء بنك جينات والتركيز على عمل أبحاث مستفيضة
ثورة اليمن السمراء..توقعات بتصدير اليمن 50 ألف طن من البن بحلول 2025م
اليمن تسجل رصيد “امتياز” لأكثر من 20 صنفاً من أصناف البن العريق عالمياً
ثورة البن اليمني موجة تنموية تشكلت بإرادة ذاتية لتحقيق تطلعات وآمال الشعب اليمني
استمر ميناء المخا في حضوره التجاري العالمي حتى أواخر القرن التاسع عشر مع ازدهار ميناء عدن الذي اهتم به البريطانيون، وفي السبعينيات لقي اهتماماً ورعاية على المستويين الشعبي والحكومي، لكن استقرار وانتعاش المدن أفرزا معضلة الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، وهذا بدوره ظل مؤثراً على حركة التوسع الزراعي المفترض لمحصول البن، ومع ذلك كان الإنتاج متصاعداً ومشجعاً إلى سنوات ما قبل العدوان والحصار، فقد وصل الإنتاج في عام 2013م إلى 20 ألف طن، ووصل حجم المساحة الزراعية المخصصة للبن (34497) هكتاراً.. المؤلم أن هذا الرقم هوى في العام 2016م إلى ما دون 8000 طن بسبب العدوان والحصار الشامل والمطبق منذ صبيحة 26 مارس 2015م.
الثورة / يحيى الربيعي- محمد حاتــم
وفي ظل انتصارات ثورة 21 سبتمبر، يحظى محصول البن باهتمام كبير على المستويين الرسمي والشعبي في إرادة صادقة من الجميع تسعى إلى استعادة واقع إنتاج هذا المحصول الاقتصادي، ففي كلمته الافتتاحية لاستراتيجية تنمية محصول البن الصادرة عن وزارة الزراعة مطلع العام 2020م، حث رئيس المجلس السياسي الأعلى فخامة المشير الركن مهدي المشاط الحكومة والشعب على المزيد من تضافر الجهود الرسمية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات التنمية المختلفة في سبيل النهوض بواقع الإنتاج الزراعي لمختلف المحاصيل الغذائية والنقدية وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي.
وعن وزارة الزراعة والري أكد وزير الزراعة والري المهندس عبدالملك الثور سعي الوزارة إلى رفع إنتاجية وتحسين جودة البن والوصول بصادراته إلى نحو 50 ألف طن بحلول العام 2025م، من خلال استراتيجية تنمية هذا المحصول النقدي المهم.. والتوجه ذاته يؤكده نائب رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا نائب الوزير الدكتور رضوان الرباعي، لافتا إلى أن الوزارة واللجنة تهدفان إلى زيادة المساحات المزروعة بالبُن وكذلك زيادة إنتاجية وحدة المساحة المزروعة بهذا المحصول النقدي وتوجيه البحوث نحوه لتحقيق أعلى إنتاجية لوحدة المساحة والحفاظ على جودة المنتج، بخلاف تحسين طرق التصدير وزيادة الكميات المصدرة من محصول البٌن والعملة الصعبة لفائدة الاقتصاد الوطني.
وأوضح ثنائي الزراعية العليا والزراعة والري (الثور والرباعي) أن استراتيجية تنمية محصول البن التي أقرها مجلس الوزراء في مايو 2019م، تشتمل على البرامج الاستراتيجية لتنمية إنتاج البُن والخطة التنفيذية للاستراتيجية مع التحديد العلمي المنهجي للنتائج المتوقعة منها، مؤكدين أن العمل التنفيذي يجري على قدم وساق في مسار تنفيذ المرحلة الأولى للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي أكد محورها الاقتصادي على ضرورة النهوض بقطاع الزراع سواء على مستوى المحاصيل الغذائية والنقدية كالبن أو على مستوى الثروة الحيوانية.
آفة التهريب
وفي ذات السياق أكد مسؤول وحدة البن في اللجنة الزراعية والسمكية العليا أ. محمد القاسمي في تصريح لـ “الثورة” أن مهرجان البن اليمني الذي أقيم تحت شعار “تنميه البن اليمني مسؤوليتنا جميعا” ونظمته اللجنة الزراعية والسمكية العليا يأتي تزامنا مع الاحتفالات بيوم البن العالمي، أوضح القاسمي أن قطاع البن تعرض للإهمال والتدمير الممنهج خلال الثلاثة العقود الماضية، وإمعان خارجي في النيل منه وتدميره، مضيفا أن جهوداً كثيرة تم التدخل بها وكان لها تأثير إيجابي، لكنها لم تكن بالقدر الذي يُظهر تغيرا واضحا لأنها كانت تتم بشكل مشتت ومبعثر ومكرر وهناك للأسف محاولات كبيرة لكنها أيضا كانت بعيدة عن أولويات القطاع وللأسف تم التمسك بها وما زالت حتى الآن، فكانت النتيجة عدم إحراز شيء ملموس في سبيل النهوض بقطاع البن.
وواصل مسؤول وحدة البن “تم الإعلان عن ثورة البن اليمني كموجة تنموية تشكلت بإرادة ذاتية من قبل جميع الفاعلين في القطاع لتحقيق تطلعات وآمال الشعب اليمني الذي يريد أن يثبت للعدوان أنه قادر على قطع أذرع التكبيل، ومن الأحرى أن تكون تجربة إثبات الذات في قطاع البن باعتباره القطاع التنموي الذي يمكن من خلاله دعم الاقتصاد الوطني”.
وأشار محمد القاسمي إلى أن ثورة البن جاءت نتيجه رغبة جامحة من قبل الجميع لإحداث تغيير جوهري وأساسي في حياة القطاع، مؤكدا أنه سيتم من خلال هذه الثورة توحيد كل الجهود المشتتة والقدرات الكبيرة التي أوهنها البعد والتداخل والركون لتصب جميعها في قالب واحد وإحداث التغيير المنشود الذي يلبي طموحات الجميع قيادة وحكومة وشعبا.
ونوه بأن الهدف الاستراتيجي لثورة البن هو دعم وتنمية وحماية زراعة البن ومحصوله إنتاجا وتسويقا بأفضل الطرق والأساليب العلمية الحديثة والعمل على انتشاره محليا وإقليميا وعالميا كمورد اقتصادي استراتيجي لليمن.
وأضاف القاسمي : محصول البن من المحاصيل الاستراتيجية الهامة لما تمتلك اليمن من ميزة نسبية في زراعته على المستوى العالمي على مدى التاريخ، حيث أن البن من اليمن واليمنيون هم أول من صنع من ثمار البُن مشروب القهوة ومن ثم صدروها إلى أوروبا وأمريكا وبقية بلدان العالم.
وقال محمد القاسمي : شجرة البن تحظى باهتمام من قبل المزارعين اليمنيين يفوق أي تصور نظرا لاعتبارات تاريخية بالرغم من كثرة الصعوبات التي تواجه زراعة المحصول لما له من أهمية كبيرة وجودة عالية أكسبته شهرة عالمية، وأكد القاسمي أن القيادة السياسية تولي البن اهتماما خاصا، إلا أن ذلك الاهتمام لن يحقق أي نجاحات ما لم يتم تشكيل كيان واحد يهتم وينظم عملية إنتاج وتسويق هذا المحصول وتكون أول مهامه وضع استراتيجية طويلة المدى لضمان تطوير وتحديث الطرق الزراعية والعمل على التوسع لرفع كفاءة الإنتاج والمحافظة على النوعية والجودة.
وأكد مدير وحدة البن أن من أهم أولوياتهم هي مناهضة ومكافحة البن الخارجي المهرب بشتى الوسائل والإمكانيات المتاحة، والترويج والتحفيز لاستخدام أنماط جديدة في إنتاج وتسويق قطاع البن التي تمكن المزارعين الصغار والمتوسطين فيه من الاستفادة من وفرة الإنتاج.
ولفت القاسمي إلى أن الاهتمام بالتسويق المحلي بشكل أوسع وفتح أسواق جديدة لاستيعاب جودة البن اليمني وإعطائه السعر العادل للمزارعين هي من أولويات قطاع البن في الزراعية العليا، بالإضافة إلى التشجيع على الاستثمار وعمل تفاهمات عادلة بين التجار والمستثمرين والمزارعين والعمل بيد واحدة لتفادي الفجوات الحاصلة، ومن ثم الاتجاه نحو تصدير ماركات محلية إلى الخارج كمنتج نهائي.
وأضاف مسؤول وحدة البن : المشاركة المجتمعية تكتسب أهمية بالغة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لقطاع البن وتوفير فرص العمل للمواطنين في قطاع البن، وتحسين الدخل ورفع مستوى المعيشة لدى المزارعين.
وقال القاسمي : تشكيل وحدة البن في اللجنة الزراعية والسمكية العليا يمثل حلقه وصل بين الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الزراعة والري والمزارعين والجمعيات الممثلة بالاتحاد التعاوني لجمعيات منتجي البن اليمني والقطاع الخاص ممثلاً بلجنة المصدرين في الغرفة التجارية وتوحيد الجهود لتنمية قطاع البن وحمايته وتذليل الصعوبات والعراقيل للدفع بعجلة تنمية القطاع بشكل مدروس وممنهج لتحقيق أفضل النتائج.
وأكد القاسمي : التسويق يُعد من أهم الركائز التي تعمل على نمو قطاع البن، وأشار إلى أن البن الخارجي المهرب يعد من المشاكل الأساسية التي تواجه المزارعين في التسويق حيث يتم إغراق السوق بكميات البن الخارجي المهرب مع انخفاض سعره مقابل البن المحلي ما أدى إلى ظهور فجوة كبيرة في تسويق البن المحلي.
وأشار إلى أن الطموحات المستقبلية كبيرة وتتمثل في دعم وتشجيع المزارعين بهدف التوسع في زراعة البن، وحل مشاكل الإنتاج وتأهيل وتدريب المزارعين ورفع الوعي لديهم بأهمية الطرق السليمة والصحيحة وزراعة الأصناف ذات الجودة العالية والغزارة في الإنتاج والمناسبة لكل منطقة.
خصائص متفردة
الدكتور أمين الحكيمي -نائب عميد كلية الزراعة وأستاذ البن والمحاصيل – حث على ضرورة العمل على أن تستعيد شجرة البن مكانتها التاريخية، وأن ذلك يتطلب تكاتف الجميع وتضافر الجهود الرسمية والشعبية، والقطاع الخاص، كما يتطلب منع دخول البن الخارجي إلى اليمن نهائيا، وأن يكون هناك مهرجان سنوي للبن اليمني وفتح أسواق مركزية لبيع وشراء البن، والتوعية بأهمية هذه الشجرة وضرورة دعمها ودعم الإقبال على شراء البن، وتناول القهوة اليمنية، وتفضيلها على الشاي المستورد، وإصدار قرار بأن تكون القهوة اليمنية هي المشروب الرسمي في جميع الوزارات والمؤسسة والدوائر الحكومية.
وشدد على ضرورة الحفاظ على الجينات الفريدة التي يمتلكها البن اليمني عن طريق عمل مسح ظاهري وجيني وإنشاء بنك جينات والتركيز على عمل أبحاث مستفيضة لمعرفة كل الخصائص الفريدة التي حباها الله لهذا المنتج الفريد، مشيرا إلى أن ذلك سيكون من خلال إعداد وتنفيذ الخارطة الزراعية لمحصول البن اليمني بما يتلاءم مع تنوع الأنماط المناخية ومتغيراتها وجودة التربة، لزراعة أنواع أشجار البن الملائمة للتنوع البيئي في اليمن، وتحديد ونشر الخارطة الزراعية التي تحدد أنواع الأصناف المختلفة في مناطق زراعة البن، كذلك تعيين مواقع للنشاطات البحثية وحقول إرشادية وحفظ الأصول الوراثية من خلال مشاتل وأراضي الوزارة، وجمع وتوصيف وتقييم السلالات والمجاميع الوراثية في ذات المواقع وخارجه، وعمل البصمة الوراثية للبن اليمني.
وأشار إلى إن السلالات المحلية غير المحسنة تسود قطاع البن، وهي لا تحظى بالعناية الكافية، إلى جانب غياب المعرفة الفنية بمتطلبات تلك العناية، حيث ما زالت الطرق التقليدية في زراعة الأشجار والعناية بها هي السائدة، كذلك ما يتم من معاملات ما بعد الحصاد (القطف والتجفيف والتخزين) ضعيفة، إضافة إلى أن تحكم المزارعين بكمية ونوعية المحصول مازال محدوداً.
وحث الحكيمي على ضرورة أن يتحصل المزارع على السعر المجزي والعادل لمنتجه، محذرا من البقاء على الوضع الراهن الذي يهضم فيه المزارع هضما كبيرا، ما يؤدي إلى عزوف المزارعين عن زراعة البن لأن المزارع لا يتحصل من منتجه على قيمة المدخلات، فيما التجار والوسطاء يشترون منه المنتج بـ (1500 – 2000) ريال/كجم تم يبيعه بـ (8000 – 12000) ريال/كجم.
أصناف عريقة
رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي المهندس عبدالله العلفي من جانبه أكد أن البن اليمني نكهة أمَّة وعراقة شعب يمني أصيل، فأجدادنا كانوا السباقين إلى اكتشافه وزراعته واعتمدوا عليه في دخلهم المعيشي وإدخاله كسلعة تجارية تصدر من موانئ اليمن التي أشهرها ميناء المخا الذي سميت به القهوة (موكا) على مستوى العالم، مشيرا إلى أن اليمن سجَّلت حضورا متميزا على المستوى العالمي في تجارة البن بعد أن اكتشفت جودته العالية.
وأكد المهندس العلفي – على هامش تدشين مهرجان البن الذي أقيم في صنعاء في 1 أكتوبر” اليوم العالمي”- للبن، أن اليمن تسجل رصيد امتياز لأكثر من 20 صنفا من أصناف البن العريق عالميا، وأن دول الجوار والعدوان تحاول الاعتداء على هذه الامتيازات لتقوم بإضافتها إلى رصيدها كما فعلت السعودية مؤخرا مع البن الخولاني، معربا عن تفاؤله بنجاح ثورة اليمن السمراء في تعزيز زراعة وإنتاجية محصول البن كي يستعيد الصدارة ويتربع على عرش ومكانة أهم المحاصيل الاقتصادية في بلادنا.
استعادة المجد
زراعة البن مازالت تحتل أولوية ومكانة اقتصادية، وهي تمثل هوية فخر للمجتمع، والمؤشر على هذا الأمل الحي هو أن ثمة حراساً جدد يحيطون قضية زراعة (البن) بالعناية والاهتمام رغم التحديات، فهناك اللجنة الزراعية والسمكية العليا ممثلة بقطاع البن بالشراكة مع جمعيات زراعية جديدة نشطة عملت على تذليل الصعوبات للمزارعين، وتقديم مشاريع مشجعة تؤكد على استغلال وسائل النقل والحداثة وترويض سبل الحياة العصرية لاستنهاض حضارة زراعة البن في وجدان المجتمع اليمني، بالإضافة إلى شركات محلية تأسست على تراكمات خبرات وتجارب الآباء والأجداد في إنتاج وتحميص وتسويق البن وفق الطرق الحديثة المشفوعة بتقنيات الحفاظ على الجودة العالية كل ذلك من العوامل التي أعادت إنتاجية البن في اليمن إلى 20 طنا سنويا- حسب تصريح مدير عام التسويق بوزارة الزراعة والري المهندس منير المحبشي لـ “الثورة”، تستهلك 14 طن محليا، وتصدر 6 أطنان.
الخطوة الأهم على طريق استعادة المجد الحضاري للذهب الأسمر (البن) تمثلت في إطلاق اللجنة الزراعية والسمكية العليا ثورة البن بالشراكة مع الاتحاد العام لجمعيات منتجي البن اليمني، وهي خطوة حقيقية ستنتصر لثورة اليمن السمراء، كما أكد لـ “الثورة” رجل الأعمال اليمني العزي المري- من أبناء منطقة حراز (رئيس الاتحاد)، مشيرا إلى أن بوادر هذه الثورة السمراء بدأت تلوح في الأفق منذ ثمان سنوات في أشهر مناطق زراعة البن اليمني (حراز)، حيث قام أبناء قريتي «جرمة» و«صعود» -عزلة حراز -مديرية مناخة- محافظة صنعاء- التي تبعد عن العاصمة 120 كم- باقتلاع 300 شجرة قات عملاقة كانت تحتل 500 فدان من المدرجات الزراعية الخصبة، وإحلال شجرة البن بدلا عنها، والتي كانت أولى المبادرات اليمنية الذاتية ضمن خطوات الثورة السمراء اليمنية.
تأهيل المشاتل
يُعول على ثورة اليمن السمراء النهوض بزراعة البن في اليمن من خلال تفعيل دور الإدارة العامة لتنمية إنتاج محصول البن في وزارة الزراعة والري، حيث أكد المدير العام المهندس محمد حارث أن الإدارة باشرت مهامها في تنفيذ كل برامج الاستراتيجية بإعداد مسح شامل لمناطق زراعة البن في مختلف المحافظات، إلى جانب المشاركة الفعالة في جهود إطلاق مهرجان البن السنوي، مشيرا إلى أن الإدارة تعكف- بالتعاون مع قطاع البن في الزراعية العليا والاتحاد التعاوني الزراعي واتحاد جمعيات البن اليمني -على البحث عن سبل لرفع الإنتاجية وتحسين الجودة بالاستناد إلى قرار وزيري الزراعة والري والصناعة والتجارة بمنع استيراد البن وقشوره.
وتركِّز ثورة اليمن السمراء -حسب المهندس حارث- على إنتاج مليون شتلة سنوياً وتوزيعها على المزارعين في مناطق زراعة البن، وإنشاء مشاتل متخصصة في إنتاج الشتلات في مناطق زراعته تصل إلى 15 مشتلاً مركزياً و150 مشتلاً قروياً تكفي مع المشاتل الكبيرة لإنتاج مليوني شتلة سنوياً، فضلاً عن توفير ما يلزمها من مستلزمات الإنتاج في السنوات القادمة، كما ستعمل الاستراتيجية على إعادة تأهيل المشاتل القائمة وتوفير ما يلزمها من مستلزمات الإنتاج سنوياً وكذا بناء وتشييد خزانات مياه وحواجز مائية لحصاد مياه الأمطار وتوفير شبكات ري تكميلية لمحاصيل البن.
تحسين الجودة
وفي السياق يضيف مدير عام مكتب الزراعة في محافظة صنعاء المهندس علي القيري أنه يجري العمل على إعادة تأهيل وصيانة البرك والمدرجات الزراعية في مناطق زراعة البن، مشيرا إلى حرص الحكومة- ممثلة بالزراعية العليا ووزارة الزراعة والري والسلطة المحلية في محافظة صنعاء و بالشراكة مع مؤسسة بنيان التنموية والاتحاد التعاوني الزراعي واتحاد جمعيات البن وكل الشركاء في القطاع الخاص وصناديق دعم وتشجيع الإنتاج الزراعي والصندوق الاجتماعي للتنمية -على تعميم ونشر التقنيات الحديثة في زراعة المحصول وتأسيس مركز بحوث البن وتدريب المزارعين على استخدام الطرق الحديثة في التعامل مع محصول البن وطرق مكافحة الآفات لرفع الإنتاج وتحسين الجودة.
وأشار المهندس القيري إلى أنه يجري العمل على إعداد وتنفيذ برامج إرشادية وتوعوية حول تحسين الإنتاج والجودة وإنشاء مراكز إعداد صادرات البن في عموم مديريات محافظات صنعاء -أكبر المحافظات اليمنية إنتاجا للبن- إضافة إلى تشجيع إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية المتخصصة في تنمية إنتاج البن.
مفارقة ظالمة
من جهته، أوضح الكاتب والصحفي في الإعلام والإرشاد الزراعي فهد الجنيد أن المؤمل من ثورة البن هو العمل على توحيد جهود الجمعيات التعاونية الزراعية المتخصصة في تنمية إنتاج البن وتنمية القدرات التنافسية التصديرية في الأسواق الخارجية من خلال المشاركة في المعارض الدولية والاجتماعات الدورية لمنظمة البن العالمية، وكذا العمل على الإدارة المتكاملة للمحصول وفتح مكتب للبن في وزارة الصناعة والتجارة لتحسين أنشطة تصدير المحصول.
وأضاف الجنيد: يجب العمل من أجل التغلب على التحديات التي تواجه زراعة البن والتي من أبرزها شحة مياه الأمطار ومحدودية الأراضي الزراعية في المرتفعات وتحول الكثير من أراضي زراعة البن إلى زراعة القات، منوها بأن صعوبة نقل التكنولوجيا الحديثة في إنتاج البن والاستثمار المحدود في هذا الجانب يعود إلى عدم وجود أبحاث متخصصة في مجال البن”، مشددا على ضرورة أن توجد طرق تسويق قوية تضمن للمزارعين دخلا يغريه ويشجعه على مواصلة الزراعة، مؤكدا أن ما يجري حاليا من مضاربات بين تجار البن واتفاقات سعرية توحي بمفارقة ظالمة يذهب ضحيتها للمزارع الذي يبيع الكيلوجرام خام بأسعار متدنية لا تتجاوز 1500ريال/كجم، فيما تصل قيمته إلى يد المستهلك إلى أكثر من 6000 آلاف ريال.
عدنا إلى القرية
أما المزارع مصطفى الجبل، فيؤكد أنه يعد واحدا من مجموعة من الشباب الذين قرروا العودة إلى زراعة البن واستصلاح الأراضي في منطقته شرقي حراز، محل الجبل والتي كانت قد صلبت ودمرت بشكل كلي، مشيرا إلى أن الجميع كان قد تحول نحو زراعة القات، وبعضهم قرر هجر القرية والانطلاق نحو العيش في المدن، وبفضل الله ها هم اليوم يعودون إلى القرية، ويحيون أمجاد هذه الشجرة ذات القيمة التاريخية والاقتصادية.. مشيرا إلى أن مشروعه في استصلاح وزراعة البن كلفه أكثر من 300 ألف دولار.
كما نوه المزارع مصطفى بأنه تم اقتلاع شجرة القات وتم تحويل الأراضي “البور” وتلك التي تحولت إلى غابات حرجية إلى أراض صالحة للزراعة، حيث تم اقتلاع الأشجار وإعادة بناء المدرجات، وتم غرس 10 آلاف شجرة بن كمرحلة أولى قابلة للتوسع إلى مائة ألف شجرة بن.
مذاق رائع
يزرع البن في مناطق مختلفة في اليمن، الأمر الذي انعكس على تفاوت مذاقه، وأجود أنواعه : البن “الإسماعيلي” و”المطري” و”الحيمي” و”الحواري” و”الخولاني” نسبة إلى مناطق زراعته في غرب صنعاء، إضافة إلى البن “الحمادي” نسبة إلى “بني حماد” في تعز.
وبحسب- رئيسة جمعية آثار التعاونية الزراعية متعددة الأغراض الأخت أوراق عبدالله الشرجبي والمهندسة أميرة طه الحداء ماجستير (بن)- فإن البن “الإسماعيلي” يتميز بجودة عالية في المذاق، في حين يتميز البن “المطري” والبن “الحيمي” بالنكهة الفريدة التي تميزهما عن غيرهما، كما يتميز البن “الحمادي” بالجودة والشكل، وأحيانا يتم تصنيف البن بناء حسب شكله، إذ يقسم إلى “تفاحي” و”دوائر” و”برعي” و”عديني”، ويتربع التفاحي على رأس قائمة أجودها.
وأضافتا: يتم تحميص حبوب البن في معامل بعد أن يتم فرزها حسب الشكل والجودة وفرز محصول كل شجرة كلاً على حدة، تم يطحن في مطاحن خاصة، مشيرتين إلى أن أسس ومعايير التخزين في اليمن لا تزال حتى الآن بدائية، ومع ذلك فإن تصديره إلى دول العالم يتم بأسعار عالية تتراوح ما بين 20 و50 دولارا”.
ولفتتا إلى أن البن اليمني ارتبط بحياة الأسرة اليمنية وشكل أهم الطقوس الصباحية في معظم البيوت اليمنية، حيث أن كوب البن هو أول ما تستفتح به المرأة اليمنية ،وأضافت إحداهما وهي تتحدث عن البن اليمني بنشوة عارمة “لدينا أهم مشروب في العالم لكننا أهملناه، ولو اهتممنا به لجعلنا ضمن أهم اقتصاديات العالم”.
واستدركتا : جمعية آثار بالشراكة مع كل الجهات الرسمية والشعبية المهتمة بشأن البن ستعمل على المشاركة في تحقيق الهدف المنشود من الثورة السمراء لاستعادة البن اليمني مكانته التاريخية والاقتصادية، لافتتين إلى أن الجمعية لديها من الكوادر النسائية المتخصصة في مجال الزراعة والهندسة الزراعية الكثيرات، وهن مشاركات في الثورة السمراء إلى جانب أخيهن الرجل من البذرة إلى الإنتاج والتسويق.